للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَجِبُ بِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى مُعْسِرٍ فِيهِ) أَيْ: فِي فَجْرِهِ (وَهُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ) وَلَوْ مُكْتَسِبًا. (وَ) عَلَى (مَنْ بِهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَمُبَعَّضًا وَلَوْ مُوسِرَيْنِ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً، أَوْ أَمَةً، أَوْ مَرِيضَةً، أَوْ رَفِيعَةً (مُدُّ طَعَامٍ) وَتَفْسِيرِي لِلْمُعْسِرِ بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ لَهُ بِمِسْكِينِ الزَّكَاةِ؛ لِإِخْرَاجِهِ الْمُكْتَسِبَ كَسْبًا يَكْفِيهِ، وَالْمُرَادُ إدْخَالُهُ وَقَوْلِي وَمَنْ بِهِ رِقٌّ مِنْ زِيَادَتِي، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالْمُعْسِرِ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ الْمُوسِرَانِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَنَقْصِ حَالِ الثَّانِي (وَ) عَلَى (مُتَوَسِّطٍ) فِيهِ (وَهُوَ مَنْ يَرْجِعُ بِتَكْلِيفِهِ مُدَّيْنِ مُعْسِرًا مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَ) عَلَى (مُوسِرٍ) فِيهِ (وَهُوَ مَنْ لَا يَرْجِعُ) بِذَلِكَ مُعْسِرًا (مُدَّانِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: مِنْ مُسْقِطَاتِ الْمُؤَنِ، وَمِنْ فَصْلِ الْإِعْسَارِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ ز ي، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ إلَى هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ، وَبَعْدَهُ. ا. هـ حَجّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ) أَيْ: وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَلَا يُحْبَسُ، وَلَا يُلَازِمُ لَكِنْ لَوْ طَالَبَتْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَثِمَ ح ل. (قَوْلُهُ: بِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ) أَيْ: مَعَ لَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ م ر حَتَّى لَوْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ سَقَطَتْ نَفَقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ مَكَّنَتْهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ بِالْقِسْطِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَتُقَسَّطُ عَلَى اللَّيْلِ أَيْضًا فَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ، وَجَبَ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ إلَى الْفَجْرِ كَمَا قَالَهُ س ل (قَوْلُهُ: عَلَى مُعْسِرٍ فِيهِ) أَيْ: إنْ كَانَتْ مُمَكِّنَةً حِينَئِذٍ، أَمَّا الْمُمَكِّنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عَقِبَ التَّمْكِينِ ز ي وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي فَجْرِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْظُرُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ، وَيُوَزِّعُ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ عُمُرِهِ الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ، أَوْ فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ فَمُعْسِرٌ، أَوْ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَلَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمُتَوَسِّطٌ، أَوْ بَلَغَهُمَا فَأَكْثَرَ فَمُوسِرٌ، وَيُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ مِنْ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِيهِ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْسِرُ هُنَا مَنْ لَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ مَالٌ، وَلَا يَكْفِيهِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى بَقِيَّةِ عُمُرِهِ الْغَالِبِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْمَسْكَنَةُ الَّتِي فِي الزَّكَاةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَصْلِ، وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ خُصُوصًا عَلَى كَوْنِ عِبَارَتِهِ مَقْلُوبَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ زِيَادَةً عَلَى مَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ لَا يُقَالُ لَهُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ م ر وحج، وَكَلَامُهُ فِي الْمُكْتَسِبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ عُمُرَهُ الْغَالِبَ أَيْ: إنْ لَمْ يَسْتَوْفِهِ، وَإِلَّا فَسُنَّةٌ ح ل، وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْتَسِبًا) غَايَةٌ فِي النَّفْيِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لَهَا عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ: الْمُدُّ، أَوْ غَيْرُهُ بِحَسَبِ الْإِعْسَارِ، أَوْ غَيْرِهِ. الثَّانِي: الْأُدْمُ. الثَّالِثُ: اللَّحْمُ. الرَّابِعُ: الْكِسْوَةُ. الْخَامِسُ: مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ. السَّادِسُ: مَا تَنَامُ عَلَيْهِ، وَتَتَغَطَّى بِهِ. السَّابِعُ: آلَةُ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالطَّبْخِ. الثَّامِنُ: آلَةُ التَّنْظِيفِ. التَّاسِعُ: الْمَسْكَنُ. الْعَاشِرُ: الْإِخْدَامُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَفِيعَةً) أَيْ: رَفِيعَةَ النَّسَبِ ع ش (قَوْلُهُ:، وَتَفْسِيرِي لِلْمُعْسِرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا، وَاضِحٌ لَوْ عَبَّرَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ، وَالْمُعْسِرُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ الْمُفِيدُ ذَلِكَ انْحِصَارَ الْمُعْسِرِ فِي مِسْكِينِ الزَّكَاةِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ، وَلَيْسَ فِيهَا تَفْسِيرُ الْمُعْسِرِ بِأَنَّهُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ بَلْ الْإِخْبَارُ عَنْ مِسْكِينِ الزَّكَاةِ بِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعْسِرِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ، وَبِهَذَا عُلِمَ مَا فِي اعْتِرَاضِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الْأَصْلِ بِأَنَّ صَوَابَ عِبَارَتِهِ الْعَكْسُ أَيْ: وَالْمُعْسِرُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَقَامُ التَّعْرِيفِ أَيْ: فَالْأَوْلَوِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ مَقْلُوبَةٌ تَدَبَّرْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إدْخَالُهُ) أَيْ: فِي الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْفَجْرِ لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ يَكْسِبُ مَالًا وَاسِعًا عَمَلًا بِعُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّ أَصْحَابَ الْأَكْسَابِ الْوَاسِعَةِ يُعَدُّونَ مُعْسِرِينَ لِعَدَمِ مَالٍ بِأَيْدِيهِمْ ح ل، وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ فَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: وَنَقْصِ حَالِ الثَّانِي) ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِطْعَامِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّغْلِيظِ؛ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ فِيهَا يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ احْتِيَاطًا لِشِدَّةِ لُصُوقِهِ بِهِ، وَصِلَةً لِلرَّحِمِ. ا. هـ ز ي، وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا بِأَنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا.، وَأُجِيبُ بِأَنَّ كَلَامَهُ مُصَوَّرٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ فِيهَا عَنْ الْإِعْتَاقِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ سَقَطَ عَنْهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ، وَانْتَقَلَ لِلصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَرْجِعُ بِتَكْلِيفِهِ) أَيْ: كُلَّ يَوْمٍ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ وَزَّعْنَا مَا مَعَهُ عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ، وَإِلَّا فَسَنَةً كِفَاءً، وَلَا يَقْدِرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُدَّيْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) بِأَنْ يَكُونَ الْفَاضِلُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ التَّوْزِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>