الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» (هِيَ) أَيْ: الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُزْهِقَةً لِلرُّوحِ، أَمْ غَيْرَ مُزْهِقَةٍ مِنْ قَطْعٍ، وَنَحْوِهِ ثَلَاثَةٌ: (عَمْدٌ، وَشِبْهُهُ، وَخَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْجَانِي (إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ مَنْ وَقَعَتْ) أَيْ: الْجِنَايَةُ (بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ كَأَنْ زَلِقَ فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ قَصَدَهُ، وَقَصَدَ عَيْنَ شَخْصٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ (فَخَطَأٌ) ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا فَخَطَأٌ إلَى آخِرِهِ. (أَوْ قَصَدَهَا) أَيْ: عَيْنَ مَنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ بِهِ (بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا) جَارِحًا كَانَ، أَوْ لَا (فَعَمْدٌ، أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ: أَوْ بِمَا يُتْلِفُ غَيْرَ غَالِبٍ بِأَنَّ قَصَدَهَا بِمَا يُتْلِفُ نَادِرًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ، أَوْ بِمَا يُتْلِفُ لَا غَالِبًا، وَلَا نَادِرًا كَضَرْبٍ غَيْرِ مُتَوَالٍ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، وَشِدَّةِ حَرٍّ، وَبَرْدٍ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا خَفِيفَتَيْنِ لِمَنْ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ بِهِ (فَشِبْهُهُ) أَيْ: شِبْهُ عَمْدٍ، وَيُسَمَّى أَيْضًا خَطَأَ عَمْدٍ، وَعَمْدَ خَطَأٍ، وَخَطَأَ شِبْهِ عَمْدٍ.
(وَلَا قَوَدَ إلَّا فِي عَمْدٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (ظُلْمٍ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ بِخِلَافِ غَيْرِ الظُّلْمِ كَالْقَوَدِ، وَبِخِلَافِ الظُّلْمِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ بِأَنْ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْإِتْلَافِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قَوَدًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ، وَذَلِكَ (كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ) كَدِمَاغٍ، وَعَيْنٍ، وَحَلْقٍ، وَخَاصِرَةٍ فَمَاتَ بِهِ لِخَطَرِ الْمَوْضِعِ، وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ (، أَوْ) غَرْزِهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ: بِغَيْرِ مَقْتَلٍ كَأَلْيَةٍ، وَفَخِذٍ (وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ) لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
دَمُ امْرِئٍ إلَخْ بِخَصْلَةٍ مِنْ الْخِصَالِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ. (قَوْلُهُ: الثَّيِّبِ الزَّانِي إلَخْ) أَيْ: زِنَا الثَّيِّبِ، وَقَتْلِ النَّفْسِ بَدَلَ النَّفْسِ، وَتَرْكِ التَّارِكِ لِدِينِهِ فَيَكُونُ الْقَتْلُ بَدَلًا عَنْ النَّفْسِ الْمَقْتُولَةِ سَبَبًا فِي حِلِّهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُسَبَّبًا عَنْ الْجِنَايَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِحِلِّ الْقَتْلِ، وَقَتْلُ الْقَاتِلِ مُسَبَّبٌ عَنْ جِنَايَتِهِ لَا سَبَبٌ، وَقَوْلُهُ التَّارِكِ لِدِينِهِ أَيْ: كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ فَيَشْمَلُ الْبَاغِيَ، وَالصَّائِلَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) أَيْ: ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَمِنْ ثَمَّ لَحِقَتْهُ التَّاءُ، أَوْ يُقَالُ إذَا حُذِفَ الْمَعْدُودُ يَجُوزُ إثْبَاتُ التَّاءِ، وَحَذْفُهَا ع ش. (قَوْلُهُ: مِنْ الْآدَمِيِّينَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْآتِي، أَمَّا غَيْرُهُمْ كَالْبَهِيمَةِ فَمَضْمُونٌ مُطْلَقًا، وَلَا تَدْخُلُهُ الْأَقْسَامُ الْآتِيَةُ. ا. هـ ع ش، وَيَخْرُجُ الْجِنُّ أَيْضًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِمْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الشَّارِعِ فِيهِمْ شَيْءٌ، وَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُكَافَأَةِ فَلَوْ عُلِمَتْ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ فَلْيُرَاجَعْ. ا. هـ ع ش عَلَى م ر، وَقِيلَ إنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. ا. هـ ح ف.
(قَوْلُهُ: فَخَطَأٌ) مِنْهُ مَا لَوْ رَمَى إنْسَانًا ظَنَّهُ شَجَرَةً وَمَا لَوْ رَمَى إلَى مُهْدَرٍ فَعُصِمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ ظَنِّهِ، أَوْ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ تَعْرِيفَ الشَّارِحِ لِلْخَطَأِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ مَنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فَخَطَأٌ غَيْرُ صَادِقٍ عَلَى هَذَيْنِ فَيَكُونُ غَيْرَ جَامِعٍ. وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّهُ نَزَّلَ خُلْفَ الظَّنِّ مَنْزِلَةَ خُلْفِ الشَّخْصِ، وَنَزَّلَ فِي الثَّانِي تَبَدُّلَ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ تَبَدُّلَ الذَّاتِ. ا. هـ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْخَطَأِ حُكْمَ الْآلَةِ مِنْ كَوْنِهَا تَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ لَا ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِوُجُودِ قَصْدِ مَنْ وَقَعَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ الْفِعْلَ، وَهُوَ مُحَالٌ إذْ يَلْزَمُ مِنْ فَقْدِ قَصْدِ الْفِعْلِ فَقْدُ قَصْدِ مَنْ تَقَعُ الْجِنَايَةُ بِهِ، وَيَصْدُقُ أَيْضًا بِمَا إذَا قَصَدَ وَاحِدًا مِنْهُمَا مِنْ جَمَاعَةٍ رَمَى إلَيْهِمْ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ شِبْهَ عَمْدٍ، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ قَصْدِ الْعَيْنِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ح ل. (قَوْلُهُ: قَصَدَ أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْفِعْلَ، وَالْعَيْنَ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَهَا إلَخْ) وَلَا بُدَّ مَعَ الْقَصْدِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ إنْسَانٌ فَلَوْ رَمَى شَخْصًا اعْتَقَدَهُ نَخْلَةً، وَكَانَ إنْسَانًا لَمْ يَكُنْ عَمْدًا عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ خَطَأٌ س ل، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا) وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ الْمَحَالِّ كَغَرْزِ إبْرَةٍ فِي الْمَقْتَلِ. (قَوْلُهُ: فَعَمْدٌ) ، وَمِنْهُ مَا لَوْ رَمَى جَمْعًا، وَقَصَدَ إصَابَةَ أَيّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَصَابَ، وَاحِدًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ وَاحِدًا مُبْهَمًا فَإِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ ح ل أَيْ:؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْأَفْرَادِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَصَدَهَا إلَخْ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ قَصْدُ الْعَيْنِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا يُتْلِفُ غَيْرَ غَالِبٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ مَنْصُوبَةٌ عَطْفًا عَلَى غَالِبًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ جَرُّهَا يُوهِمُ دُخُولَ قَصْدِهِ بِمَا لَا يُتْلِفُ أَصْلًا، وَأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ إذْ السَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ لَكِنْ الْمَقَامُ يَدْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ فَيَجُوزُ جَرُّهَا أَيْضًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ) أَيْ: وَمَاتَ حَالًا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: كَضَرْبٍ غَيْرِ مُتَوَالٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا خَفِيفَتَيْنِ بِلَا تَوَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَنُ الْمَضْرُوبِ نَحِيفًا، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ صِغَرٍ، وَإِلَّا فَعَمْدٌ كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ، وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: الْعَمْدُ الَّذِي يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: كَغَرْزِ إبْرَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا إبْرَةُ الْخَيَّاطِ، وَأَمَّا الْمِسَلَّةُ الَّتِي يُخَاطُ بِهَا الظُّرُوفُ فَهِيَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا. ا. هـ ز ي. (قَوْلُهُ: بِمَقْتَلٍ) أَيْ:، أَوْ فِي بَدَنِ نَحْوِ هَرَمٍ، أَوْ نَحِيفٍ، أَوْ صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ، وَهِيَ مَسْمُومَةٌ شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ قَيْدٌ فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ كَمَا فِي ع ش وَالرَّشِيدِيِّ. (قَوْلُهُ:، وَخَاصِرَةٍ) هِيَ مَا بَيْنَ رَأْسِ الْوَرِكِ، وَآخِرِ ضِلَعٍ فِي الْجَنْبِ، وَمِثْلُهَا الْخَصْرُ، وَالْكَشْحُ قَامُوسٌ. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ بِهِ) الْفَوْرِيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ) أَيْ:، وَكَانَ قَدْ غَرَزَهَا فِيمَا يُؤْلِمُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute