للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَاتَ حَالًا فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَاقْتِصَارِي عَلَى التَّأَلُّمِ كَافٍ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّوَرُّمِ مَعَهُ كَمَا فَعَلَهُ فِي الْأَصْلِ (وَلَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ: لِغَرْزِهَا (فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) فَلَا يَجِبُ بِمَوْتِهِ عِنْدَهُ قَوَدٌ، وَلَا غَيْرُهُ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ، وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدْرٍ فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ، أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ فَمَاتَ.

(وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا، أَوْ شَرَابًا) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، وَالشَّرَابُ (، وَطَلَبًا) لَهُ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا، أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ، وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَمْنُوعِ قُوَّةً، وَضَعْفًا، وَالزَّمَنِ حَرًّا، وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ (، وَإِلَّا) أَيْ:، وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ (فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ) مَنْعُهُ (ذَلِكَ) أَيْ: جُوعٌ، أَوْ عَطَشٌ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (، وَإِنْ سَبَقَهُ، وَعَلِمَهُ) الْمَانِعُ (فَعَمْدٌ) لِمَا مَرَّ (، وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (فَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِهِ) أَيْ: شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِهِ، وَبِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا أَيْ: فَلَيْسَ بِعَمْدٍ.

(وَيَجِبُ قَوَدٌ) أَيْ: قِصَاصٌ (بِسَبَبٍ) كَالْمُبَاشَرَةِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِيَ بِحَبْلٍ، وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. (فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا، وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا، أَوْ كَانَ مُرَاهِقًا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ جَهْلُ الْمُكْرَهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ظُهُورُ الْأَثَرِ لَازِمًا لِلتَّأَمُّلِ عَبَّرَ بِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَمَاتَ حَالًا) أَيْ: أَوْ بِعُذْرٍ مِنْ يَسِيرٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَهَدَرٌ ح ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَدَنِ نَحْوِ طِفْلٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْفَتَاوَى، وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقْتُلُ غَالِبًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْغَرْزِ بِهَا قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ ح ل وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَوَدُ ش ب. (قَوْلُهُ: كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا، وَغَيْرَ غَالِبٍ مَا لَوْ ضَرَبَهُ بِقَلَمٍ إلَخْ ح ل

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا إلَخْ) خَرَجَ بِمَنْعِهِ مَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ، أَوْ شَرَابَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ حَرًّا، أَوْ بَرْدًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُ الطَّعَامِ، أَوْ الشَّرَابِ، أَوْ الثَّوْبِ بِمَحَلٍّ قَرِيبٍ فَهَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ لِطُولِ الْمَسَافَةِ، أَوْ زَمَانَتِهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَلَوْ حَبَسَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ شَيْئًا فَتَرَكَ الْأَكْلَ خَوْفًا، أَوْ حُزْنًا، وَالطَّعَامُ عِنْدَهُ فَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ، وَمَا ذُكِرَ هُوَ فِي مَحْبُوسٍ حُرٍّ فَإِنْ كَانَ عَبْدًا، وَمَاتَ فِي الْحَبْسِ ضَمِنَ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَبْسِ أَيْ: الْمَنْعِ مِنْ السَّبَبِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَعْدَ قَوْلِهِ، وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ ز ي (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ إلَخْ) ضَبَطَ الْأَطِبَّاءُ الْجُوعَ الْمُهْلِكَ غَالِبًا بِاثْنَتَيْنِ، وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةً، وَلَا يَرِدُ مُوَاصَلَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهَا كَرَامَةٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَهُ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ إذَا انْضَمَّ إلَى مُدَّةِ الْحَبْسِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مُؤَثِّرًا فِي الْهَلَاكِ غَالِبًا كَمَا لَا يُفْهِمُهُ الْمَقَامُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَعَمْدٌ) فَإِنْ عَفَا، وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ ح ل ل؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِهِ، وَبِمَا قَبْلَهُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَاضِي أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) ، وَهُوَ ظُهُورُ قَصْدِ الْهَلَاكِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ) أَيْ: شِبْهَ الْعَمْدِ لَا قَوْلُهُ: نِصْفُ دِيَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمْدِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ السَّبَبُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَغَرْزِ إبْرَةٍ، أَوْ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافٍ كَأَنْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ، أَوْ الشَّرَابَ، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ، أَوْ ضَيَّفَهُ بِمَسْمُومٍ وَالسَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ، وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ، وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَهُ مَدْخَلٌ فِي الزُّهُوقِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ: مُبَاشَرَةٌ، وَسَبَبٌ، وَشَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَثَّرَ فِي الزُّهُوقِ وَحَصَلَ بِدُونِ وَاسِطَةٍ فَالْمُبَاشَرَةُ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي حُصُولِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ فَالسَّبَبُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الزُّهُوقِ، وَلَا فِي الْحُصُولِ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ، وَالْقَدْرِ، وَالْجِرَاحَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ. وَالثَّانِي: كَالْإِكْرَاهِ. وَالثَّالِثُ: كَحَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ إنْ اجْتَمَعَ السَّبَبُ، وَالْمُبَاشَرَةُ فَقَدْ يَغْلِبُ الثَّانِي كَالْقَدِّ مَعَ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ، وَقَدْ يَغْلِبُ الْأَوَّلُ كَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ يَعْتَدِلَانِ كَالْمُكْرَهِ، وَالْمُكْرِهِ شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ م ر، وَالْمُبَاشَرَةُ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ، وَحَصَّلَهُ، وَالسَّبَبُ مَا أَثَّرَ فِيهِ فَقَطْ، وَلَمْ يُحَصِّلْهُ، وَمِنْهُ مَنْعُ الطَّعَامِ السَّابِقِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ، وَيَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي فَإِنَّ الْمُفَوِّتَ هُوَ التَّخَطِّي جِهَتَهُ، وَالْمُحَصِّلَ هُوَ التَّرَدِّي فِيهَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْحَفْرِ، وَمِنْ ثُمَّ لَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ مُطْلَقًا.

ا. هـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا) أَيْ: إشَارَةً لِآدَمِيٍّ عَلِمَهُ فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ آدَمِيًّا، وَعَلَيْهِ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ اخْتَصَّ الْقَوَدُ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ، وَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرَهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ إلَخْ) ، وَيَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرَهِ نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْرَهَ، وَالْمُكْرِهَ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِأَنَّ الْمَقْتُولَ آدَمِيٌّ، أَوْ جَاهِلَيْنِ بِذَلِكَ، أَوْ الْأَوَّلُ عَالِمًا، وَالثَّانِي جَاهِلًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَحْدَهُ فِي الثَّالِثَةِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالرَّابِعَةُ بِعَكْسِ الثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُكْرَهَ قَتَلَهُ بِمَا يُقْصَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>