للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ آدَمِيٌّ، وَظَنَّهُ الْآخَرُ صَيْدًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى مَنْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (يَقْتُلُ غَالِبًا غَيْرِ مُمَيِّزٍ فَمَاتَ) سَوَاءً أَقَالَ إنَّهُ مَسْمُومٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ (فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ مُمَيِّزًا، أَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِهِ) أَيْ: طَعَامِ الْمُمَيِّزِ (الْغَالِبُ أَكْلَهُ مِنْهُ وَجَهْلَهُ) (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَتَلْزَمُهُ دِيَتُهُ، وَلَا قَوَدَ لِتَنَاوُلِهِ الطَّعَامَ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ عَلِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضِيفِ، أَوْ الدَّاسِّ، وَتَعْبِيرِي بِالْمُمَيِّزِ، وَبِغَيْرِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِبَحْثِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَنْقُولِ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَتَعْبِيرِي بِشِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُحَرَّرُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَدِيَةٌ، وَخَرَجَ بِالطَّعَامِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ لَهُ، أَوْ فِي طَعَامِ مَنْ يَنْدُرُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ هَدَرٌ

. (وَ) يَجِبُ (عَلَى مَنْ أَلْقَى غَيْرَهُ فِيمَا) أَيْ: شَيْءٍ (لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ) كَنَارٍ، وَمَاءٍ مُغْرِقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِعَوْمٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ، وَأَلْقَاهُ بِهَيْئَةٍ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَهَا (، وَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ، وَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هَلَكَ بِهَا، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَالنَّارِ (فَإِنْ أَمْكَنَهُ) التَّخَلُّصُ بِعَوْمٍ، أَوْ غَيْرِهِ (، وَمَنَعَهُ) مِنْهُ (عَارِضٌ) كَمَوْجٍ، وَرِيحٍ فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ. (، أَوْ مَكَثَ) حَتَّى مَاتَ (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (، أَوْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ فَعَمْدٌ إنْ عَلِمَ بِهِ، وَإِلَّا فَشِبْهُهُ) ، وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعِلْمِ، وَعَدَمِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ ع ش (فَرْعٌ) .

لَوْ أَمَرَ صَغِيرًا يَسْتَقِي لَهُ مَاءً فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ، وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هُدِرَ، وَإِلَّا ضَمِنَتْهُ عَاقِلَةُ الْآمِرِ م ر. (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ) ؛ لِأَنَّ الظَّانَّ آلَةُ مُكْرِهِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ يُؤْثِرُ نَفْسَهُ فَهُوَ شَرِيكٌ، وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا إيثَارَ فَهُوَ آلَةٌ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ، وَالظَّانُّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ، أَوْ عَكْسُهُ ح ل

(قَوْلُهُ:، وَيَجِبُ) أَيْ: الْقَوَدُ عَلَى مَنْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ، وَهَذَا مِنْ السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ، وَدَسُّ السُّمِّ فِي طَعَامِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَتَضْيِيفِهِ بِالْمَسْمُومِ س ل (قَوْلُهُ: بِقَيْدٍ زِدْته إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ، وَلَعَلَّهُ عَدَمُ الْقَوَدِ بَلْ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْمُمَيِّزِ رَاجِعٌ لِلْمَسْمُومِ، وَغَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ ع ش فَعَلَى هَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَهَذَا الْقَيْدُ لَا مُحْتَرَزَ لَهُ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ.

ا. هـ. (قَوْلُهُ: يَقْتُلُ غَالِبًا) وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْمَسْمُومِ يَقْتُلُ غَالِبًا. ا. هـ ز ي. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَالَ إلَخْ) كَذَا عَبَّرَ كَثِيرُونَ مَعَ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَهُوَ عَجِيبٌ إذْ لَا تُعْقَلُ مُخَاطَبَةُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ فِيهِ فَرْقًا بَيْنَ الْقَوْلِ، وَعَدَمِهِ حَجّ، وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْقَوْلِ فِي تَنْفِيرِهِ مِنْ التَّنَاوُلِ بِخِلَافِهِ حَالَةَ عَدَمِ الْقَوْلِ فَإِنَّ فِيهِ إغْرَاءً لَهُ عَلَى التَّنَاوُلِ ز ي، وَفِيهِ شَيْءٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ م ر سَوَاءٌ قَالَ لِوَلِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ عِنْدَ طَلَبِ الْقِصَاصِ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ يَأْكُلُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ، وَهُوَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالَةِ الْأَكْلِ، وَعَدَمِهَا فَكَانَ التَّقْدِيمُ لَهُ إلْجَاءً عَادِيًّا ع ش عَلَى م ر، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ أَيْ: وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ تَنَاوَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لَهُ فَحَدُّ الْعَمْدِ صَادِقٌ عَلَى هَذَا. ا. هـ. (قَوْلُهُ: الْغَالِبُ أَكْلُهُ) لَيْسَ قَيْدًا (قَوْلُهُ: فَشِبْهُ عَمْدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ بِمَا لَا يُتْلِفُ غَالِبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَخْصُوصٌ بِالْآلَةِ، وَهَذَا فِي السَّبَبِ تَأَمَّلْ ح ل. (قَوْلُهُ: الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُحَرِّرُ) هُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ الْوَجِيزِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ الْوَسِيطِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ الْبَسِيطِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ النِّهَايَةِ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَلِهَذَا سَمَّاهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أُمًّا لِأَخْذِهَا مِنْ الْأُمِّ، وَكُلٌّ مِنْ الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ وَالْبَسِيطِ لِلْغَزَالِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي طَعَامِ مَنْ يَنْدُرُ) سَكَتُوا عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَلَعَلَّهُ كَنُدُورِهِ وَالْمُصَنِّفُ ظَنَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِغَلَبَةِ أَكْلِهِ مِنْهُ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ لِيَأْتِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ غَلَبَ، أَوْ نَدَرَ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَالْمُرَادُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ ح ل فَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ هَدَرٌ ضَعِيفٌ فِي الثَّانِي

(قَوْلُهُ: وَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) ، وَإِذَا اقْتَصَّ مِنْ الْمُتَلَقِّي فَقَذَفَ الْحُوتُ مَنْ ابْتَلَعَهُ حَيًّا لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْقِصَاصِ مَوْقِعَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَقُلِعَتْ سِنُّهُ ثُمَّ عَادَتْ تِلْكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَائِدَ هُنَا عَيْنُ الْمُلْقَى، وَثَمَّ بَدَلُ الْمَقْلُوعِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وُجُوبُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ أَيْ: دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِ الْمُقْتَصِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمُوجِبِ قَوَدٍ فَقُتِلَ ثُمَّ بَانَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَإِنَّ الْقَاتِلَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ قَتْلًا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهَا حَجّ ز ي، وَقَوْلُهُ شَرْعِيَّةٌ أَيْ: بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُلْقِي كَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ. ا. هـ م ر ز ي، وَيَكْفِيه يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّخَلُّصِ لَا عَلَى أَنْ يَتَلَقَّى قَتْلَهُ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ دَعْوَاهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّخَلُّصِ قُتِلَ الْمُلْقِي لَهُ. ا. هـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَمَنْعُهُ عَارِضٌ) أَيْ: بَعْدَ الْإِلْقَاءِ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِلْقَاءِ فَالْقِصَاصُ ح ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ) ، وَمِنْ ثَمَّ، وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي تَرِكَتِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ:، أَوْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ فَعَمْدٌ إنْ عَلِمَ بِهِ) قَالَ حَجّ فَصَّلُوا هُنَا بَيْنَ عِلْمِهِ بِحُوتٍ مُلْتَقِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>