للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْصُلُ تَعْجِيلُهَا (بِاشْتِغَالٍ) أَوَّلَ وَقْتِهَا (بِأَسْبَابِهَا) كَطُهْرٍ وَسِتْرٍ إلَى أَنْ يَفْعَلَهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَلَا يَضُرُّ فِعْلُ رَاتِبَةٍ وَلَا شُغْلٌ خَفِيفٌ وَأَكْلُ لُقَمٍ، بَلْ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْأَسْبَابِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا الصَّلَاةَ بَعْدَهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ، وَتُسْتَثْنَى مِنْ سَنِّ التَّعْجِيلِ مَعَ صُوَرٍ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي

: (وَ) سُنَّ (إبْرَادٌ بِظُهْرٍ) أَيْ: تَأْخِيرُ فِعْلِهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا (لِشِدَّةِ حَرٍّ بِبَلَدٍ حَارٍّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ»

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ ذَلِكَ ح ل أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ هُوَ الْأَوَّلُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ صَحَّ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ؟ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْجَوَابُ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ لَا مَانِعَ وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْأَقْوَى الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْأَدِلَّةِ خِلَافُهُ سم، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَيُجَابُ إلَخْ أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ تَعْجِيلُهُ لِعِلْمِهِ بِرَغْبَةِ الصَّحَابَةِ فِي التَّعْجِيلِ لِمَشَقَّةِ انْتِظَارِهِمْ، إمَّا لِتَعَبِهِمْ فِي أَشْغَالِهِمْ الَّتِي كَانُوا بِهَا نَهَارًا أَوْ خَشْيَةِ فَوَاتِ أَشْغَالِهِمْ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا فِي آخِرِ لَيْلِهِمْ. وَانْتِظَارُهُمْ الْعِشَاءَ رُبَّمَا فَوَّتَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ لِفِعْلِهِ بَعْدُ. فَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ أَخَذُوا بِظَاهِرِ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى التَّعْجِيلِ فَجَعَلُوهُ أَفْضَلَ وَالنَّوَوِيُّ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ عَنْهُ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ وَاحْتَمَلَ أَنَّ التَّأْجِيلَ لِعَارِضٍ جَعَلَ التَّأْخِيرَ هُوَ الْأَقْوَى فِي الدَّلِيلِ ع ش. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ كَانْتِظَارِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الْغَائِبِينَ لِأَشْغَالِهِمْ.

(قَوْلُهُ بِأَسْبَابِهَا) الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ: مَا يُطْلَبُ لِأَجْلِهَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا أَوْ مُكَمِّلًا. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ فِعْلُ رَاتِبَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَ الرَّاتِبَةِ وَأَكْلَ اللُّقَمِ لَيْسَا مِنْ الْأَسْبَابِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ السَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر تَقْتَضِي أَنَّهُمَا مِنْهَا وَنَصُّهَا بِأَسْبَابِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَأَذَانٍ وَسَتْرٍ وَأَكْلِ لُقَمٍ وَتَقْدِيمِ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ. اهـ وَجَعَلَ أَكْلَ اللُّقَمِ سَبَبًا بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ فِيهَا ع ش، وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْوَسَطِ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ لِئَلَّا يَخْتَلِفَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُصَلِّينَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ: فِي سَنِّ التَّعْجِيلِ بَلْ يَكُونُ مُعَجِّلًا ح ل. (قَوْلُهُ فِي الذَّخَائِرِ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ع ش. (قَوْلُهُ مَعَ صُوَرٍ) نَحْوُ الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ، وَلِمُسَافِرٍ سَائِرَ وَقْتِ الْأُولَى، وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ، أَوْ لِجَمَاعَةٍ آخِرَ الْوَقْتِ نَعَمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمٍ غَيَّمَ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهَا وَأَخَّرَهَا. وَضَابِطُهُ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ مَعَهُ أَفْضَلَ شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ) أَيْ: فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ. أَمَّا هِيَ فَلَا يُسَنُّ فِيهَا الْإِبْرَادُ إذْ لَا يُرْجَى زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ يَذْهَبُ فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ، وَنَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ شَيْخِنَا ز ي مُعَلِّلًا بِانْتِفَاءِ الظِّلِّ، وَأَمَّا الْبَوَادِي الَّتِي لَيْسَ بِهَا حِيطَانٌ يَمْشِي فِيهَا طَالِبُ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ سُنَّ الْإِبْرَادُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ تَنْكَسِرُ سَوْرَةُ الْحَرِّ أَيْ: شِدَّتُهُ بَلْ، وَهِيَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَكُونَ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِ شَاخِصٍ فِيهَا كَالْأَشْجَارِ ع ش.

(قَوْلُهُ بِطُهْرٍ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، يُقَالُ: أَبْرَدَهُ أَدْخَلَهُ فِي وَقْتِ الْبُرُودَةِ، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاءَيْنِ وَاللَّامَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِإِبْرَادٌ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ إلَى أَنْ يَصِيرَ، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمُصَلٍّ مُتَعَلِّقَةً بِسُنَّ الْمُقَدَّرُ وَهُوَ أَوْلَى شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ: تَأْخِيرُ فِعْلِهَا) خَرَجَ أَذَانُهَا فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ إلَّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا الْأَذَانَ يَتَكَلَّفُونَ الْحُضُورَ مَعَ الْمَشَقَّةِ فَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ بِاخْتِصَارٍ.

(قَوْلُهُ لِشِدَّةِ حَرٍّ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ وَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ أَيْ: فِي بَلَدٍ. (قَوْلُهُ حَارٍّ) أَيْ: وَضْعُهُ الْحَرَارَةُ كَمَكَّةَ وَبَعْضِ بِلَادِ الْعِرَاقِ وَإِنْ خَالَفَتْ وَضْعَ قُطْرِهَا ح ل.

(قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي سَنِّ التَّأْخِيرِ الظِّلُّ الْمَذْكُورُ بَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِهِ ظِلٌّ أَصْلًا لِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تَنْكَسِرُ بِالتَّأْخِيرِ كَمَا أَفَادَهُ ع ش شَيْخُنَا ح ل. (قَوْلُهُ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>