للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي وَلَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَاءِ غَيْرِهِمْ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ بَقِيَّتِهِمْ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ لِلنَّفَقَةِ جَازَ لِلْوَلِيِّ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْوَصِيِّ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ دُونَ وَلِيِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّ لَهُ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَعُلِمَ بِقَوْلِي وَيُحْبَسُ أَنَّهُ لَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتَ الْحَقُّ (وَلَا يَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْقَوَدَ (إلَّا وَاحِدٌ) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اسْتِيفَائِهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَهُمْ إذَا كَانَ الْقَوَدُ بِنَحْوِ إغْرَاقٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ الْوَاحِدُ (بِتَرَاضٍ) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ بَاقِيهِمْ (أَوْ بِقُرْعَةٍ) بَيْنَهُمْ إذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا بَلْ قَالَ كُلٌّ أَنَا أَسْتَوْفِيهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (مَعَ إذْنٍ) مِنْ الْبَاقِينَ فِي الِاسْتِيفَاءِ بَعْدَهَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ تَوَلَّاهُ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ (وَلَا يَدْخُلُهَا) أَيْ الْقُرْعَةَ (عَاجِزٌ) عَنْ الِاسْتِيفَاءِ كَشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الَأَكْثَرُونَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَدْخُلُهَا الْعَاجِزُ وَيَسْتَنِيبُ.

(فَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ بَعْدَ عَفْوٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ قَوَدٌ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَفْوَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْقَتْلِ (أَوْ قَبْلَهُ فَلَا) قَوَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي قَتْلِهِ (وَلِلْبَقِيَّةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قِسْطُ دِيَةٍ مِنْ تَرِكَةِ جَانٍ) لِأَنَّ الْمُبَادِرَ فِيمَا وَرَاءَ حَقِّهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِوَارِثِ الْجَانِي عَلَى الْمُبَادِرِ قِسْطُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَوَدَ. إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ جَانٍ إلَى كَمَالِ صَبِيِّهِمْ. إلَخْ أَوْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَثْبُتُ لِلْوَرَثَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَلِيٍّ، أَوْ حَاكِمٍ) فَلَوْ تَعَدَّى أَحَدُهُمَا وَقَتَلَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَيَكُونُ قَصْدًا لِاسْتِيفَاءِ شُبْهَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْقَوَدَ لِلتَّشَفِّي فَلَا يَحْصُلُ. إلَخْ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ) هَلْ هُمَا قَيْدَانِ مُعْتَبَرَانِ أَوْ مُحْتَاجَيْنِ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ يُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ فَإِنْ أَرَدْنَا بِالْفَقِيرِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَكُونُ قَوْلُهُ مُحْتَاجَيْنِ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ لِإِخْرَاجِ مَنْ لَهُ مُنْفِقٌ (قَوْلُهُ جَازَ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ. إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ صَبِيًّا وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ فِيمَا ذَكَرَ لَمْ يَبْعُدْ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ الْوَصِيِّ) ، وَالْقَيِّمُ مِثْلُهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُ) أَيْ: لَلصِّبَا الْمَفْهُومُ مِنْ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ) فَلَوْ كَانَ لَهُ إفَاقَةٌ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْأَطِبَّاءِ بِذَلِكَ اُنْتُظِرَتْ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ فَلَا تُنْتَظَرُ مُطْلَقًا. اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِقَوْلِي. إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَتْنِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ قَدْ يَهْرُبُ) مِنْ بَابِ طَلَبَ. اهـ. مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: بِتَرَاضٍ مِنْهُمْ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُسْتَوْفِي مِنْ غَيْرِ الْوَرَثَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ بَاقِيهِمْ أَيْ: إنْ كَانَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ، أَوْ لِقُرْعَةٍ) أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ اسْتَوْفَى بِإِذْنِ مَنْ بَقِيَ. اهـ. م ر وَقَوْلُهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِعْلُهَا بَيْنَهُمْ أَيْ: حَيْثُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْقُرْعَةِ بِأَنْفُسِهِمْ وَخَرَجَتْ لِوَاحِدٍ فَرَضُوا بِهِ وَأَذِنُوا لَهُ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاضِي ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ إذْنٍ) وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ بَعْدَ الْقُرْعَةِ تَعْيِينُ الْمُسْتَوْفِي وَمَنْعُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ أَنَا أَسْتَوْفِي شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ مَعَ إذْنٍ فَإِنْ قُلْت إذَا اُعْتُبِرَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْقُرْعَةِ فَمَا فَائِدَتُهَا. قُلْت فَائِدَتُهَا تَعَيُّنُ الْمُسْتَوْفِي وَمَنْعُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ أَنَا أَسْتَوْفِي وَإِنَّمَا جَازَ لِلْقَارِعِ فِي النِّكَاحِ فِعْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَبْنَاهُ عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ وَذَاكَ مَبْنَاهُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَمِنْ ثُمَّ لَوْ عَضَلُوا نَابَ الْقَاضِي عَنْهُمْ وَمِثْلُهُ حَجّ وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ أَيْضًا رَجَاءُ عَفْوِ أَحَدِهِمْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْبَاقِينَ) وَلَوْ مِنْ عَاجِزِهِمْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْقُرْعَةِ ح ل بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الْقَوَدِ نَفَذَ وَأَيْضًا فَالْقِصَاصُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَرُبَّمَا يَرِقُّ قَلْبُ أَحَدِهِمْ فَيَعْفُوَ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ بَدَرَ) أَيْ أَسْرَعَ وَبَادَرَ لُغَةٌ فِي بَدَرَ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ) وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ فَحَقُّ الْقَوَدِ لِوَرَثَتِهِ لَا لِلْمُسْتَحِقِّ س ل (قَوْلُهُ: بَعْدَ عَفْوٍ) أَيْ، أَوْ مَعَهُ ح ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَفْوَ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ قَتَلَ بَعْدَ الْعَزْلِ، أَوْ بَعْدَ الْعَفْوِ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ وَيُجَابُ بِتَقْصِيرِ هَذَا بِمُبَادَرَتِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ س ل وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُمْ لَوْ أَذِنُوا لَهُ ثُمَّ عَفَوْا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ وَلَمْ يَقْتُلْ كَالْوَكِيلِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْقَوَدِ. اهـ. سِبْطُ ط ب (قَوْلُهُ قِسْطُ دِيَةٍ مِنْ تَرِكَةِ جَانٍ) .، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حِصَّةَ غَيْرِ الْمُبَادِرِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي مُطْلَقًا وَكَذَا حِصَّةُ الْمُبَادِرِ بَعْدَ الْعَفْوِ أَمَّا قَبْلَ الْعَفْوِ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَأَمَّا وَرَثَةُ الْجَانِي فَلَهُمْ عَلَى الْمُبَادِرِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ قَبْلَ الْعَفْوِ وَلَهُمْ كَامِلُ دِيَةِ مُوَرِّثِهِمْ عَلَى الْمُبَادِرِ بَعْدَ الْعَفْوِ إذَا عَلِمَ بِهِ وَعَلَى عَالِمَتِهِ إنْ جَهِلَ هَذَا إنْ لَمْ يَقْتَصُّوا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ لِوُقُوعِ النَّفْسِ فِي النَّفْسِ كَذَا بِخَطِّ ق ل وَمِثْلُهُ فِي سم وَقَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ جَهِلَ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ مَعَ الْجَهْلِ فَكَيْفَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا قَتَلَهُ يَكُونُ الْحُكْمُ تَعَلُّقَ الدِّيَةِ بِتَرِكَةِ الْجَانِي لَا الْأَجْنَبِيِّ سم (قَوْلُهُ: وَلِوَارِثِ الْجَانِي) هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ س ل فَلَا يُجْزِي فِي الْأُولَى إذَا اقْتَصَّ مِنْ الْمُبَادَرَةِ وَعِبَارَةُ س ل وَإِذَا اقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْأُولَى اسْتَحَقَّ وَرَثَتُهُ قِسْطَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْجَانِي وَإِذَا عَفَا وَرَثَةُ الْجَانِي عَلَى الدِّيَةِ أَخَذُوا مِنْهُ سِوَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ دِيَةِ مُوَرِّثِهِ وَوَقَعَ التَّقَاصُّ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>