مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَلَا يَسْتَوْفِي) أَيْ: الْمُسْتَحِقُّ قَوَدًا فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ لِخَطَرِهِ وَاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّظَرِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي شُرُوطِهِ وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ كَمَا فِي السَّيِّدِ، وَالْقَاتِلِ فِي الْحِرَابَةِ، وَالْمُسْتَحِقِّ الْمُضْطَرِّ أَوْ الْمُنْفَرِدِ بِحَيْثُ لَا يُرَى كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (فَإِنْ اسْتَقَلَّ) بِهِ الْمُسْتَحِقُّ (عُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَاعْتُدَّ بِهِ (وَيَأْذَنُ) الْإِمَامُ (لِأَهْلٍ) لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ (فِي نَفْسٍ) لَا غَيْرِهَا مِنْ طَرَفٍ وَمَعْنَى أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَالشَّيْخِ، وَالزَّمِنِ، وَالْمَرْأَةِ فَلَا يَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ بِتَرْدِيدِ الْآلَةِ فَيَسْرِي
(فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا) بِقَوْلِهِ (عَزَّرَهُ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَمْ يَعْزِلْهُ) لِأَهْلِيَّتِهِ وَإِنْ تَعَدَّى بِفِعْلِهِ (أَوْ خَطَأً مُمْكِنًا) كَأَنْ ضَرَبَ كَتِفَهُ أَوْ رَأْسَهُ مِمَّا يَلِي الرَّقَبَةَ (عَزَلَهُ) لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ (لَا) إنْ كَانَ (مَاهِرًا) فَلَا يَعْزِلُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَمْ يُعَزِّرْهُ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ حَلَفَ) أَنَّهُ أَخْطَأَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَخَرَجَ بِمُمْكِنًا مَا لَوْ ادَّعَى خَطَأً غَيْرَ مُمْكِنٍ كَأَنْ أَصَابَ رِجْلَيْهِ أَوْ وَسَطَهُ فَإِنَّهُ كَالْعَمْدِ فِيمَا مَرَّ (وَأُجْرَةُ جَلَّادٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَمْ يُرْزَقْ مِنْ الْمَصَالِحِ عَلَى جَانٍ) مُوسِرٍ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، وَالْجَلَّادُ هُوَ الْمَنْصُوبُ لِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ، وَالْقَوَدِ وُصِفَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّقَاصِّ فِي غَيْرِ النَّقْدِ، أَوْ إذَا عُدِمَتْ الْإِبِلُ وَوُجِدَ النَّقْدُ بَدَلَهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الدِّيَةِ) وَأَمَّا قَدْرُ حَقِّهِ فَقَدْ اسْتَوْفَاهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَاصَّ بِهِ فِي الْأُولَى إنْ عَفَا عَنْهُ فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَارِثِ الْجَانِي بَلْ لَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ فِي نَفْسٍ، أَوْ غَيْرِهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِمَامَ يَأْذَنُ فِي اسْتِيفَاءِ غَيْرِ النَّفْسِ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ فِي نَفْسٍ لَا غَيْرِهَا وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الصَّنِيعِ م ر وَيُمْكِنُ قَصْرُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى النَّفْسِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي تَدَبَّرْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إذْنِهِ فِي الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ النَّفْسِ إذْنُهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ لَا غَيْرِهَا أَيْ: لَا يَأْذَنُ لَهُ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الِاسْتِيفَاءِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ. إلَخْ) اُنْظُرْ اسْتِثْنَاءَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ سم. أَقُولُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَفِتُوا لِلْعِلَّةِ بِمَا أَشَارُوا لَهُ مِنْ الضَّرُورَةِ فِي غَيْرِ السَّيِّدِ وَأَمَّا فِيهِ فَلِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَا افْتِيَاتَ عَلَيْهِ أَصْلًا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي السَّيِّدِ) بِأَنْ اسْتَحَقَّ قِصَاصًا عَلَى عَبْدِهِ بِأَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ الْآخَرَ أَوْ ابْنَهُ، أَوْ أَخَاهُ مَثَلًا ح ل بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: فِي الْحِرَابَةِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ بِأَنْ يَكُونَ الْجَانِي قَاطِعَ طَرِيقٍ فَلِمُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ، وَالْمُسْتَحِقُّ الْمُضْطَرُّ أَيْ: لِلْأَكْلِ أَيْ: أَرَادَ قَتْلَهُ لِيَأْكُلَهُ وَقَدْ قَتَلَ أَبَاهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَرَى) سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الْقَوَدِ أَمْ لَا بَعُدَ عَنْ الْإِمَامِ أَمْ لَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَانْظُرْ وَجْهَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَقُرْبِهِ مِنْ الْإِمَامِ وَلَعَلَّهُ خَوْفَ الْهَرَبِ لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ التَّقْيِيدُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَرَى أَيْ وَقْتَ الِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ تَرَكَهُ إلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْإِمَامَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ: فِي الْمُنْفَرِدِ ح ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ) أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ إمَامًا فَيُقْتَلُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عُزِّرَ) إلَّا إنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ فَلَا يُعَزَّرُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَبُولُ دَعْوَاهُ ذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَاهُ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ عَادَةً ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْ تَقْرِيرِهِ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ حَرَامٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: وَيَأْذَنُ الْإِمَامُ لِأَهْلٍ) أَيْ رَضِيَ بِهِ الْبَاقُونَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. اهـ. م ر.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَقِلُّونَ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَطَرِيقُهُمْ أَنَّهُمْ يَتَّفِقُونَ أَوَّلًا عَلَى مُسْتَوْفٍ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ ثُمَّ يَسْتَأْذِنُونَ الْإِمَامَ فِي أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلْجَانِي لِئَلَّا يُعَذِّبَهُ م ر وَأَنْ يَكُونَ ثَابِتَ النَّفْسِ قَوِيَّ الضَّرْبِ عَارِفًا بِالْقَوَدِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ) اللَّامُ لِلتَّعْدِيَةِ لَا لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْتَحَقِّيهِ) حَالٌ مِنْ أَهْلٍ، أَوْ صِفَةٌ لَهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ طَرْفٍ) وَعَلَى قَصْدِهَا جَعْلَهُ وَسِيلَةً لِاسْتِيفَاءِ النَّفْسِ ح ل
. (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَمْدًا (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ مَاهِرًا) هَلْ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ تَكَرُّرُهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَاهِرًا ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْزِلُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يُعَزِّرْهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُعَزِّرُهُ (قَوْلُهُ كَالْعَمْدِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فَيُعَزِّرُهُ وَلَا يَعْزِلُهُ ح ل (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ جَلَّادٍ) وَيُعْتَبَرُ فِي قَدْرِهَا مَا يَلِيقُ بِفِعْلِ الْجَلَّادِ حَدًّا كَانَ أَوْ قَتْلًا، أَوْ قَطْعًا وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلِ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ وَأُجْرَةُ جَلَّادٍ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْتَوْفِي لِلْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ هَذَا الْحُكْمِ بِهَذَا الْبَابِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مُوسِرٍ) أَيْ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ فِي الْبِرْمَاوِيِّ فَلَوْ قَالَ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي وَلَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ لَمْ يَجِبْ أَيْ:؛ لِأَنَّ التَّشَفِّيَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِ فَإِنْ أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِاقْتِصَاصِهِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَقَالَ أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي وَآخُذُ الْأُجْرَةَ وَأُجِيبَ إلَى ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute