للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَالْمُخْبَرِ عَنْ عِلْمٍ

(فَإِنْ عَلِمَ) أَنَّ (صَلَاتَهُ) بِالِاجْتِهَادِ وَقَعَتْ (قَبْلَ وَقْتِهَا) وَعَلِمَ بِذَلِكَ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ (أَعَادَ) وُجُوبًا، فَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَهَا فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالَ لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ، وَتَعْبِيرِي بِالْإِعَادَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَضَاءِ

. (وَيُبَادِرُ بِفَائِتٍ) وُجُوبًا إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ وَنَدْبًا إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ؛ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا.»

(وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ: الْفَائِتِ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَهَكَذَا

(وَتَقْدِيمُهُ عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا) مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَهَا بَدَأَ بِهَا وُجُوبًا لِئَلَّا تَصِيرَ فَائِتَةً، وَتَعْبِيرِي كَالْأَصْلِ وَكَثِيرٍ بِلَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا صَادِقٌ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْحَاضِرَةِ فَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْفَائِتِ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ، وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ خِلَافَهُ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَنَحْوِهِ.

وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي حَاضِرَةٍ أَتَمَّهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ إلَّا لِعَاجِزٍ كَأَعْمَى الْبَصَرِ أَوْ الْبَصِيرَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَقَدْ يَكُونُ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرٍ قَوِيٍّ كَانْكِشَافِ سَحَابَةٍ لَهُ، فَيَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ الْخَطَأِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَالْمُجْتَهِدِ. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ، وَعَلَيْهِ تَكُونُ الْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةً. (قَوْلُهُ فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ) أَيْ: فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَهُ وَلِلْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ الْعَمَلُ بِمَعْرِفَتِهِمَا، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمَا تَقْلِيدُهُمَا، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا. وَالْأَوَّلُ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ.

وَالثَّانِي مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَالشَّمْسِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهِمَا. اهـ. ح ل. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا جَازَ تَقْلِيدُهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف

. (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ) أَيْ: وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ رِوَايَةً عَنْ عِلْمٍ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) وَهِيَ حِينَئِذٍ قَضَاءٌ لَا إثْمَ فِيهِ ح ل. (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا عَلِمَ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ ع ش، وَالْمُرَادُ الْإِعَادَةُ اللُّغَوِيَّةُ وَهِيَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ ثَانِيًا مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَوَّلًا، وَفِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْأَدَاءِ مُطْلَقًا أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَمْ لَا، فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْأَصْلِ عَلَيْهِ فَالْعِبَارَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ تَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ فَوَاتُ التَّرْتِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي كَأَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ بِعُذْرٍ وَالْعَصْرُ بِلَا عُذْرٍ فَيَبْدَأُ بِالظُّهْرِ نَدْبًا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: قِيَاسُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَوْرًا أَنَّهُ يَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِالْعَصْرِ وَإِنْ فَاتَ التَّرْتِيبُ الْمَحْبُوبُ، وَعُورِضَ بِأَنَّ خِلَافَ التَّرْتِيبِ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ، وَمُرَاعَاتُهَا أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا ح ل وم ر، وَإِذَا شَكَّ فِي مِقْدَارِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ قَضَى مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ يَقْضِي مَا تَيَقَّنَ تَرْكَهُ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ كَنَوْمٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ مَعَ ظَنِّ عَدَمِ الِاسْتِيقَاظِ فِيهِ أَوْ الشَّكِّ وَإِلَّا حَرُمَ ح ل.

(قَوْلُهُ وَنِسْيَانٌ) حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَلَعِبِ شِطْرَنْجٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا ح ل، وَقَوْلُهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَيْ: وَلَوْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ لِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، قَالَ ع ش: وَبِهَذَا يُخَصَّصُ خَبَرُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» . اهـ. وَفِيهِ عَلَى م ر: وَلَوْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَعَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ تَشَاغَلَ فِي مُطَالَعَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ غَافِلٌ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا نِسْيَانٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ فَلْيُصَلِّهَا إلَخْ) دَلَّ عَلَى طَلَبِ الصَّلَاةِ وَقْتَ تَذَكُّرِهَا فَيُفِيدُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَكَوْنُ الْقَضَاءِ عَلَى الْفَوْرِ وَصَرْفُهُ عَنْ الْفَوْرِ «أَنَّهُ لَمَّا نَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْوَادِي حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ ارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ سَارُوا مُدَّةً ثُمَّ نَزَلُوا وَصَلَّوْا.» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ فَوْرِيَّةِ الْقَضَاءِ وَبَقِيَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى ظَاهِرِهِ ع ش

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ الْفَوَائِتِ مَتْرُوكًا عَمْدًا أَيْ: بِلَا عُذْرٍ وَالْأَوَّلُ لِعُذْرٍ وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ طب، وَجَزَمَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: إذَا كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ كَانَا مِنْ يَوْمَيْنِ وَتَأَخَّرَ يَوْمُ الصُّبْحِ بَدَأَ بِالظُّهْرِ ع ش لِأَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَائِتِ أَوَّلًا مُحَافَظَةً عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر

. (قَوْلُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى حَاضِرَةٍ) أَيْ: إنْ تَذَكَّرَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا) أَيْ: فَوَاتَ أَدَائِهَا. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ جَمَاعَتِهَا. اهـ. ز ي أَيْ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ مُحَاكَاةً لِلْأَدَاءِ) تَعْلِيلٌ لِسَنِّ التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيمِ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْمَدِّ أَيْ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا. وَكَذَا إذَا عَلِمَ مَاءً فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ لَهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، وَمِنْهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِوُجُودِ الْمَاءِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ طَلَبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>