للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ خِبْرَةٍ أَوْ لَمْ يَبِنْ لَهُمْ شَيْءٌ (اُمْتُحِنَ بِتَقْرِيبِ نَحْوِ عَقْرَبٍ) كَحَدِيدٍ مِنْ عَيْنِهِ (بَغْتَةً) وَنُظِرَ أَيَنْزَعِجُ أَمْ لَا فَإِنْ انْزَعَجَ حَلَفَ الْجَانِي وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَتَقْيِيدُ الِامْتِحَانِ بَعْدَ ظُهُورِ شَيْءٍ لَهُمْ هُوَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذْ فِيهِمَا نَقْلُ السُّؤَالِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ، وَالِامْتِحَانُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدُّ الْأَمْرِ إلَى خِيَرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَالْأَصْلُ جَرَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَوَلِّي وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ قَدْرِ النَّقْصِ فِيمَا لَوْ نَقَصَ ضَوْءُ عَيْنٍ أَنْ تُعْصَبَ وَيُوقَفَ شَخْصٌ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ وَيُؤْمَرَ بِأَنْ يَتَبَاعَدَ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيُضْبَطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ.

[دَرْس] (وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (كَلَامٍ) قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: لَا يَعُودُ (وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ) صَاحِبُهُ (بَعْضَ حُرُوفٍ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (لَا) إنْ كَانَ عَدَمُ إحْسَانِهِ لِذَلِكَ (بِجِنَايَةٍ) فَلَا دِيَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَزَالَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ (وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا عَرَبِيَّةٍ فَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهَا قِسْطُهُ) مِنْهَا فَفِي إزَالَةِ نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبُعِهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا هَذَا إنْ بَقِيَ فِي الْبَاقِي كَلَامٌ مَفْهُومٌ وَإِلَّا وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَلَامِ قَدْ فَاتَتْ (وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَزَالَ رُبُعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَطَعَ رُبُعَ لِسَانِهِ فَزَالَ نِصْفُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَى بَقَائِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْإِدْرَاكِ، أَوْ عَوْدِهِ بَعْدَ زَوَالِهِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الِامْتِحَانُ أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى زَوَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ غَيْرُ الِامْتِحَانِ فَعَلَ بِهِ دُونَ سُؤَالِهِمْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ خِبْرَةٍ) أَيْ: بِأَنْ فُقِدُوا وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْفَقْدِ هَلْ مِنْ الْبَلَدِ فَقَطْ، أَوْ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ الْعَدْوَى، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فِيهِ؟ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) الَّذِي فِيهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ نُقُولٍ جَمْعُ نَقْلٍ وَاَلَّذِي يُحْمَلُ عَلَى التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ ثَانِيهَا وَكُلٌّ نَقَلَ الِامْتِحَانَ أَيْ: فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ سُؤَالُهُمْ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى الِامْتِحَانِ وَأَمَّا النَّقْلُ الْأَوَّلُ، وَالثَّالِثُ فَلَا يَصِحُّ تَقْيِيدُهُمَا بِمَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ح ل وَلْيُنْظَرْ مَا مَوْقِعُ قَوْلِهِ إذْ فِيهِمَا نَقْلُ السُّؤَالِ. إلَخْ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّانِي فَيَقُولُ إذْ فِيهَا نُقِلَ الِامْتِحَانُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ الْأَوَّلَ، وَالثَّالِثُ زِيَادَةٌ فَائِدَتُهُ وَتَوَصُّلًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ، وَهُوَ النَّقْلُ الثَّالِثُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيُضْبَطُ إلَخْ) فَلَوْ أَبْصَرَ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَبِالْعَلِيلَةِ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ فَمُوجِبُهُ النِّصْفُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ز ي

. (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَةٌ فِي إزَالَةِ كَلَامٍ) وَفِي إحْدَاثِ عَجَلَةٍ، أَوْ نَحْوِ تَمْتَمَةِ حُكُومَةٍ وَهُوَ مِنْ اللِّسَانِ كَالْبَطْشِ مِنْ الْيَدِ فَلَا تَجِبُ زِيَادَةٌ لِقَطْعِ اللِّسَانِ وَكَوْنِ مَقْطُوعِهِ قَدْ يَتَكَلَّمُ نَادِرٌ جِدًّا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيَأْتِي هُنَا فِي الِامْتِحَانِ وَانْتِظَارِ الْعَوْدِ مَا مَرَّ شَرْحُ م ر وَقَوْلُ م ر، وَهُوَ أَيْ الْكَلَامُ وَقَوْلُهُ مِنْ اللِّسَانِ مِنْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى اللَّامِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ. إلَخْ) كَأَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْفَرْقِ شَرْحُ م ر أَيْ: عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَغَيْرِهِ أَيْ فِي تَأْثِيرِ الْجِنَايَةِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّ جِنَايَةَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ كَالْحَرْبِيِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ لَمْ يُبَيِّنْ عِلَّةً وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ مِنْ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْغَيْرَ الْمَضْمُونَةِ كَالْآفَةِ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا أَحْسَبُهُ كَذَلِكَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا) هَذَا إنْ أَحْسَنَهَا كُلَّهَا وَإِلَّا بِأَنْ أَحْسَنَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهِ مَا أَحْسَنَهُ دُونَ غَيْرِهِ. اهـ. س ل وَأَسْقَطُوا لَا لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْأَلِفِ، وَاللَّامِ وَاعْتِبَارُ الْمَاوَرْدِيِّ لَهَا، وَالنُّحَاةِ لِلْأَلِفِ، وَالْهَمْزَةِ مَرْدُودٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا ذَكَرَ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْأَلِفَ تُطْلَقُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ الْهَمْزَةِ، وَالْأَلِفِ السَّاكِنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سِيبَوَيْهِ فَاسْتَغْنَوْا بِالْهَمْزَةِ عَنْ الْأَلِفِ لِانْدِرَاجِهَا فِيهَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ عَرَبِيَّةً) اُحْتُرِزَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَنْ غَيْرِهَا فَلَوْ كَانَتْ لُغَتُهُ غَيْرَهَا وَزَّعَ عَلَى حُرُوفِ لُغَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ وَزَّعَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا م ر وَلَوْ أَذْهَبَ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حُرُوفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهَا وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبْعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبْعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ فَإِذَا اقْتَصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ س ل.

(قَوْلُهُ: رُبْعُ سُبْعِهَا) لِأَنَّهُ إذَا نَسَبَ الْحَرْفَ لِلثَّمَانِيَةِ، وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا كَانَ رُبْعَ سُبْعِهَا وَرُبْعُ سُبْعِ الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بَعِيرٍ لِلْكَامِلِ وَيُؤْخَذُ لِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ كَمَا فِي ح ل.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ. إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّوْزِيعِ وَقَوْلُهُ هَذَا أَيْ: وُجُوبُ الْقِسْطِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ. إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبْعِ الْكَلَامِ وَنِصْفِهِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ذَهَبَ رُبْعُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا لَا تَوْزِيعَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>