للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَزَالَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (صَوْتٍ) مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ، وَالتَّرْدِيدِ لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (فَإِنْ زَالَ مَعَهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ) كَأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ، وَالتَّرْدِيدِ (فَدِيَتَانِ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ مَقْصُودَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةٌ (وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (ذَوْقٍ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاسِّ (وَتُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ وَتُوَزَّعُ) الدِّيَةُ (عَلَيْهِنَّ) فَإِذَا زَالَ إدْرَاكُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَجَبَ خُمُسُ الدِّيَةِ (فَإِنْ نَقَصَ) الْإِدْرَاكُ عَنْ إكْمَالِ الطُّعُومِ (فَكَسَمْعٍ) فِي نَقْصِهِ فَإِنْ عُرِفَ قَدْرُهُ فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ وَذِكْرُ حُكْمِهِ عِنْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَ) تَجِبُ دِيَةٌ (فِي) إزَالَةِ (مَضْغٍ) لِأَنَّهُ الْمَنْفَعَةُ الْعُظْمَى لِلْأَسْنَانِ وَفِيهَا الدِّيَةُ فَكَذَا مَنْفَعَتُهَا كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنَيْنِ وَإِنْ نَقَصَ فَحُكْمُهُ كَمَا مَرَّ

(وَ) فِي إزَالَةِ لَذَّةِ (جِمَاعٍ) بِكَسْرِ صُلْبٍ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ وَسَلَامَةِ الذَّكَرِ (وَقُوَّةِ إمْنَاءٍ وَ) قُوَّةِ (حَبَلٍ) وَقُوَّةِ إحْبَالٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَ لَذَّةِ الْجِمَاعِ صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ

(وَ) فِي (إفْضَائِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (وَهُوَ رَفْعُ مَا بَيْنَ قُبُلٍ وَدُبُرٍ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطَ فَحُكُومَةٌ مَعَ الدِّيَةِ وَقِيلَ هُوَ رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ ذَكَرٍ وَمَخْرَجِ بَوْلٍ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ خِيَارِ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلَ فَحُكُومَةٌ مَعَ الدِّيَةِ فَعَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي حُكُومَةٌ وَعَلَى الثَّانِي بِالْعَكْسِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَعَلَى الْأَوَّلِ تَجِبُ فِي الثَّانِي حُكُومَةٌ وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْنَعُ إمْسَاكَ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَغَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ، وَالْأَصْحَابَ وَنَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) إذْ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ ذَلِكَ وَاجِبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ الْأَقَلُّ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ فِيهِ دِيَةٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً؛ لِأَنَّ النُّطْقَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، وَلَوْ قَطَعَ طَرْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْهُ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ فِيمَا إذَا قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْجَرْمِيِّ قَدْ تَحَقَّقَتْ وَقَاعِدَةُ الْأَجْرَامِ ذَوَاتُ الْمَنَافِعِ أَنْ يَسْقُطَ عَلَى نِسْبَتِهَا فَرَجَعْنَا لِهَذَا الْأَصْلِ س ل وَشَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: الْمَضْمُونِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ أَيْ الْكَلَامِ، وَاللِّسَانِ بِوَصْفِ النُّطْقِ فِيهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةً، وَلِذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ بِلَا قَطْعٍ ثُمَّ قَطَعَهُ آخَرُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ) مُقْتَضَى كَوْنِ اللِّسَانِ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ، وَالْكَلَامُ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ أَنَّهُ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ لِذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ اللِّسَانَ لَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ إلَّا إذَا كَانَ لِنَاطِقٍ، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا مَرَّ وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُودُ الْكَلَامِ وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ فَالْكَلَامُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ تَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ زَيْدٍ) وَهُوَ تَابِعِيٌّ م ر وَقَدْ اشْتَهَرَ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا (قَوْلُهُ: عَنْ التَّقْطِيعِ) ، وَهُوَ إخْرَاجُ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ مَخْرَجِهِ، وَالتَّرْدِيدُ تَكْرِيرُ الْحُرُوفِ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْطِيعِ تَمْيِيزُ بَعْضِ الْحُرُوفِ الْمُخْتَلِفَةِ عَنْ بَعْضٍ، وَالتَّرْدِيدُ الرُّجُوعُ لِلْحَرْفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَنْطِقَ بِهِ ثَانِيًا كَمَا نَطَقَ بِهِ أَوَّلًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ ذَوْقٍ) بِأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ م ر، وَالذَّوْقُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرِكُ بِهَا الطُّعُومَ بِمُخَالَطَةِ لُعَابِ الْفَمِ بِالْمَطْعُومِ وَوُصُولُهَا لِلْعَصَبِ وَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْإِدْرَاكَ الْمَذْكُورَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ز ي

. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ: الْأَسْنَانِ الدِّيَةُ أَيْ لِلْأَسْنَانِ لَا دِيَةُ النَّفْسِ فَلَا اعْتِرَاضَ وَقَوْلُهُ كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنَيْنِ أَيْ: أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْعُظْمَى لِلْعَيْنَيْنِ هِيَ الْبَصَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَيْنَيْنِ فِيهِمَا الدِّيَةُ لِمَا مَرَّ أَنَّ عَيْنَيْ الْأَعْمَى لَيْسَ فِيهِمَا دِيَةٌ شَوْبَرِيٌّ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ ز ي بِقَوْلِهِ هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ فِي وَاجِبِ الْأَسْنَانِ، وَهُوَ دِيَةُ النَّفْسِ بِإِزَالَتِهَا كُلِّهَا لَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَزِيدُ دِيَةُ مَجْمُوعِهَا عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ

(قَوْلُهُ: وَقُوَّةِ حَبَلٍ) أَيْ: فِي الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَقُوَّةِ إحْبَالٍ) صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ بِأَنَّ قُوَّةَ الْإِحْبَالِ هِيَ قُوَّةُ الْإِمْنَاءِ وَظَنَّ الرَّافِعِيُّ تَغَايُرَهُمَا فَعَبَّرَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَالْمُرَادُ مِنْ إبْطَالِ قُوَّةِ الْإِمْنَاءِ إبْطَالُ قُوَّةِ دَفْعِهِ إلَى خَارِجٍ مَعَ وُجُودِهِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ. اهـ. س ل، وَالْمُرَادُ بِإِبْطَالِ قُوَّةِ الْإِحْبَالِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ فِعْلًا يُفْسِدُ مَنِيَّهُ بِحَيْثُ لَا يُحْبِلُ كَمَا قَالَهُ ع ن وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ وَفَسَّرَ إبْطَالَ قُوَّةِ الْإِمْنَاءِ بِمَا تَقَدَّمَ فَيَكُونَانِ مُتَغَايِرَيْنِ

. (قَوْلُهُ: وَفِي إفْضَائِهَا) وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدِّيَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا أَدْخَلَ أَرْشَ بَكَارَتِهَا وَهُوَ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ. إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا قَالَ م ر وَلَوْ الْتَحَمَ وَعَادَ كَمَا كَانَ فَلَا دِيَةَ بَلْ حُكُومَةٌ وَفَارَقَ الْتِحَامَ الْجَائِفَةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَاكَ عَلَى الِاسْمِ وَهُنَا عَلَى فَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>