فَإِنْ تَلِفَ بِالْخَارِجِ) مِنْهُمَا (فَالضَّمَانُ) بِهِ (أَوْ) بِهِ (وَبِالدَّاخِلِ فَنِصْفُهُ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَوُزِّعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى وَزْنٍ أَوْ مِسَاحَةٍ (كَجِدَارٍ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى الشَّارِعِ) أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ مَا تَلِفَ بِهِ مَضْمُونٌ كَالْجَنَاحِ
[دَرْس] وَلَا يُبَرَّأُ نَاصِبُ الْجَنَاحِ وَالْمِيزَابِ وَبَانِي الْجِدَارِ مِنْ الضَّمَانِ بِبَيْعِ الدَّارِ لِغَيْرِهِ فِي صُورَةِ الشَّارِعِ وَلِغَيْرِ الْمَالِكِ فِي صُورَةِ مِلْكِ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِهِمَا إنْسَانٌ ضَمِنَتْهُ عَاقِلَةُ الْبَائِعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَاقِلَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ غَيْرَهَا يَوْمَ النَّصْبِ أَوْ الْبِنَاءِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ أَمَّا لَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا فَمَالَ عَلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ وَسَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ حَالَ سُقُوطِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ لِأَنَّ الْمَيْلَ فِي الْأُولَى لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ وَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ
(وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ كَأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ (بِئْرًا) حَفْرًا عُدْوَانًا (وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا) وَضْعًا (عُدْوَانًا فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَوَقَعَ بِهَا) فَهَلَكَ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) مِنْ السَّبَبَيْنِ بِحَالِ الْهَلَاكِ وَهُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ الْوَضْعُ لِأَنَّ الْعُثُورَ بِمَا وَضَعَ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى الْوُقُوعِ فِيهَا الْمُهْلِكِ فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلُ لِلْهَلَاكِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ سَبَبٌ ثَانٍ لَهُ (فَإِنْ وَضَعَهُ بِحَقٍّ) كَأَنْ وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ (فَالْحَافِرُ) هُوَ الضَّامِنُ لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ بَحْثٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ
(وَلَوْ وَضَعَ) وَاحِدٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (وَآخَرَانِ حَجَرًا) بِجَنْبِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
(قَوْلُهُ: بِالْخَارِجِ) كَأَنْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى وَزْنٍ، أَوْ مِسَاحَةٍ) أَيْ: بَيْنَ الدَّاخِلِ، وَالْخَارِجِ أَيْ: لَا يُنْظَرُ هَلْ الْخَارِجُ نِصْفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّاخِلِ، أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَالْمَضْمُونُ النِّصْفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَمْ يَقُلْ إذَا كَانَ الْخَارِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّاخِلِ يَكُونُ الْمَضْمُونُ الثُّلُثَ مَثَلًا، وَيُلْغَزُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ:
أَيَا نُجَبَاءَ الْفِقْهِ قَدْ جِئْت سَائِلًا ... مُرِيدًا اهْتِدَاءً لِلسَّبِيلِ تَوَصُّلَا
فَمَا آلَةٌ إنْ أَتْلَفَ الشَّيْءُ بَعْضَهَا ... حَكَمْتُمْ بِكُلِّ الْغُرْمِ حَقًّا مُعَلَّلَا
وَإِنْ أَتْلَفَ الشَّيْءُ الْجَمِيعَ فَشَطْرُهُ ... قَضَيْتُمْ بِهِ فَالْحُكْمُ قَدْ صَارَ مُشْكِلَا
جَوَابُك مِيزَابٌ فَمُتْلِفُ كُلَّهُ ... حَكَمْتُمْ بِغُرْمِ النِّصْفِ حَقًّا مُؤَصَّلَا
وَخَارِجَهُ إنْ أَتْلَفَ الشَّيْءَ قُلْتُمْ ... بِغُرْمِ الْجَمِيعِ الْحُكْمُ صَارَ مُفَصَّلَا
(قَوْلُهُ: نَاصِبُ الْجَنَاحِ) الْمُرَادُ بِالنَّاصِبِ، وَالْبَانِي الْآمِرُ الْمَالِكُ لَا الصَّانِعُ، وَالْمَاءُ النَّازِلُ مِنْ الْمِيزَابِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا تَلِفَ بِالْمِيزَابِ ز ي (قَوْلُهُ: إلَى مِلْكِهِ) نَعَمْ لَوْ كَانَ مِلْكُهُ مُسْتَحَقُّ الْمَنْفَعَةِ لِلْغَيْرِ بِإِجَارَةٍ مَثَلًا ضَمِنَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْهَوَاءَ الْمُسْتَحَقَّ لِلْغَيْرِ لَكِنَّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ ضَعَّفَ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ س ل (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ) كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ وَطَالَبَهُ الْغَيْرُ بِهَدْمِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْمَيْلِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمِيزَابِ. اهـ. سِبْطُ طب وَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ مُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ أَوْ إصْلَاحِهِ كَأَغْصَانِ شَجَرَةٍ انْتَشَرَتْ إلَى هَوَاءِ مِلْكِهِ فَلَهُ طَلَبُ إزَالَتِهَا لَكِنْ لَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِهَا شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مُطَالَبَتُهُ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ نَقْضُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَغْرَمُهُ عَلَى النَّقْضِ ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ سَبَبَا هَلَاكٍ) الْمُرَادُ بِالسَّبَبِ مَا لَهُ مَدْخَلٌ إذْ الْحَفْرُ شَرْطٌ ع ش (قَوْلُهُ فَعَثَرَ) هُوَ مُثَلَّثُ الثَّاءِ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَمِثْلُهُ مُضَارِعُهُ شَوْبَرِيٌّ فَهُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ، أَوْ عَلِمَ أَوْ كَرَمَ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلضَّمَانِ شَوْبَرِيٌّ فَخَرَجَ الْحَرْبِيُّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ س ل.
(قَوْلُهُ: يُحَالُ) أَيْ: يُسْنَدُ (قَوْلُهُ سَبَبٌ أَوَّلُ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُلَاقِي لِلتَّالِفِ أَوَّلًا لَا الْمَفْعُولُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْعَثْرَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فَكَأَنَّ وَاضِعَهُ أَخَذَهُ وَرَدَّاهُ فِيهَا شَرْحُ م ر وَيَضْمَنُ الرَّاشُّ بِرَشِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ كَمَا فِي ز ي إلَّا إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَارُّ وَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقُمَامَاتِ أَمَّا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَدَفْعِ الْغُبَارِ فَلَا ضَمَانَ بِهِ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ أَذِنَ الْإِمَامُ، أَوْ لَا فَإِنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ ضَمِنَ الرَّاشُّ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَكْثَرُ الرَّشِّ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّاشِّ وَنَاصِبِ الْجَنَاحِ، وَالْمِيزَابِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ هُنَاكَ وَهُنَا يَضْمَنُ بِأَنَّ الرَّشَّ مَنُوطٌ بِالرَّاشِّ كَثْرَةً وَقِلَّةً بِخِلَافِ الْجَنَاحِ، وَالْمِيزَابِ فَإِنَّ مَادَّتَهُمَا عَلَى الْآمِرِ قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ رَمَى نُخَامَةً بِطَرِيقٍ ضَمِنَ مَنْ زَلَقَ بِهَا إنْ أَلْقَاهَا عَلَى الْمَمَرِّ وَمِثْلُهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا لَوْ أَلْقَاهَا فِي الْحَمَّامِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ إنَّ ضَمَانَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَلَى الْحَمَّامِيِّ لِأَنَّ التَّنْظِيفَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُ النُّخَامَةِ مَا لَوْ أَلْقَى بِهِ صَابُونًا أَوْ سِدْرًا فَزَلَقَ بِهِ إنْسَانٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِلرَّافِعِيِّ فِيهِ) أَيْ: فِي ضَمَانِ الْحَافِرِ وَقَوْلُهُ بَحْثٌ. إلَخْ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الْحَافِرَ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَاضِعُ لِلْحَجَرِ سَيْلًا، أَوْ سَبُعًا أَوْ حَرْبِيًّا فَإِنَّ الْعَاثِرَ يُهْدَرُ. اهـ. ح ل وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ م ر وَفَارَقَ حُصُولَ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِهَا بِنَحْوِ سَبُعٍ، أَوْ حَرْبِيٍّ، أَوْ سَيْلٍ بِأَنَّ الْوَاضِعَ هُنَا أَهْلٌ لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ لِانْتِفَاءِ تَعَدِّيهِ تَعَيَّنَ ضَمَانُ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ السَّيْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ أَصْلًا فَسَقَطَ الضَّمَانُ بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ.