للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) حَلَفَ وُجُوبًا فَيُصَدَّقُ (فِي عُقُوبَةٍ) أَنَّهَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهَا بِبَدَنِهِ) فَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إقَامَتِهَا وَلَا قَرِينَةَ تَدْفَعُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا أَثَرُهُ بِبَدَنِهِ لِلْقَرِينَةِ وَفِي غَيْرِهِ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحُدُودِ وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَتْلَفْنَاهُ عَلَيْهِمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِضَرُورَةِ حَرْبٍ هَدَرٌ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْحَرْبِ فَلَا نَضْمَنُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا.

وَهُمْ إنَّمَا أَتْلَفُوا بِتَأْوِيلٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ فِيهَا لَا لِضَرُورَتِهَا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِتْلَافَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (كَذِي شَوْكَةِ) مُسْلِمٍ (بِلَا تَأْوِيلٍ) فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَإِنْ تَابُوا وَأَسْلَمُوا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ

[دَرْس] (وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَبْعَثَ) إلَيْهِمْ (أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ) أَيْ يَكْرَهُونَ (فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا) عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ أَصَرُّوا) بَعْدَ الْإِزَالَةِ (وَعَظَهُمْ) وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ أَهْلِ الدِّينِ وَاحِدَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَتَّعِظُوا (أَعْلَمَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إنْ أَصَرُّوا أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ بِالْقِتَالِ (فَإِنْ اُسْتُمْهِلُوا) فِيهِ (فَعَلَ) بِاجْتِهَادِهِ (مَا رَآهُ مَصْلَحَةً) مِنْ الْإِمْهَالِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إنْ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ

. (وَلَا يَتْبَعُ) إذَا وَقَعَ قِتَالٌ (مُدْبِرَهُمْ) إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالِ أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ (وَلَا يَقْتُلُ مُثْخَنَهُمْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ (وَأَسِيرَهُمْ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِذَلِكَ فَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ وَلَّوْا

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِذَلِكَ مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ لَا مِنْ الْآحَادِ ز ي (قَوْلُهُ: وَفِي عُقُوبَةٍ) فِي إعَادَةِ كَلِمَةِ (فِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي دَفْعِ زَكَاةٍ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ قَوْلُهُ: لَا فِي خَرَاجٍ فَدَفَعَ إيهَامَ ذَلِكَ بِذِكْرِ (فِي) تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ رُجُوعَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ التَّصْدِيقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَعُمُومُ مَا سَلَفَ لَهُ يُخَالِفُهُ سم. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) وَيُصَوَّرُ الْإِتْلَافُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ لِضَرُورَةِ الْحَرْبِ بِمَا إذَا تَتَرَّسُوا بِشَيْءٍ فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ قَبْلَ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةِ حَرْبٍ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَا يَتَّصِفُ إتْلَافُهُمْ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْكَافِرُ حَالَ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ ز ي وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَمَا أَتْلَفُوهُ وَعَكْسُهُ وَقَوْلُهُ: وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ إلَخْ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا عَلَى التَّوْزِيعِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ إلَخْ) قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ لَا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَقْرِ دَوَابِّهِمْ إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا إتْلَافَ أَمْوَالِهِمْ خَارِجَ الْحَرْبِ لِإِضْعَافِهِمْ فَهَذَا أَوْلَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَذِي شَوْكَةٍ مُسْلِمٍ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ وَلَا نَضْمَنُ مَا أَتْلَفْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ عَلَى نَفْيِ ضَمَانِهِ هُوَ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ ضَمَانِنَا أَيْضًا بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعِهِمْ لِنَهْبِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بَلْ هُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ) وَأَمَّا فِي تَنْفِيذِ قَضَاءِ قَاضِيهِمْ وَاسْتِيفَائِهِمْ حَقًّا أَوْ حَدًّا فَلَا كَمَا فِي عَكْسِهِ ز ي أَيْ فَالتَّشْبِيهُ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ) أَفْتَى الشِّهَابُ م ر فِي مُرْتَدِّينَ لَهُمْ شَوْكَةٌ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُمْ كَالْبُغَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ س ل أَيْ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا فِي م ر

. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ يُخَالِفُ قِتَالَ الْكُفَّارِ مِنْ وُجُوهٍ ز ي أَيْ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ فَيَجُوزُ أَيْ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ كَمَا أَفَادَهُ ق ل (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْعَثَ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: أَمِينًا إلَخْ أَيْ عَدْلًا أَيْ نَدْبًا مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا وَجَبَ ز ي وح ل (قَوْلُهُ: فَطِنًا) أَيْ عَارِفًا بِالْعُلُومِ وَالْحُرُوبِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: أَمِينًا فَطِنًا أَيْ نَدْبًا إنْ بَعَثَ لِمُجَرَّدِ السُّؤَالِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأَهُّلِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا يَنْقِمُونَ) بِكَسْرِ الْقَافِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَالَ تَعَالَى {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} [الأعراف: ١٢٦] (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا) أَيْ إنْ كَانَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا فَإِنْ كَانَ اسْمًا لِمَا يَظْلِمُ بِهِ فَبِالْكَسْرِ فَقَطْ ز ي (قَوْلُهُ: النَّهْرَوَانِ) قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ خَرَجَتْ عَلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ع ش (قَوْلُهُ: أَعْلَمَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ أَصَرُّوا) بِأَنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْمُنَاظَرَةِ أَوْ انْقَطَعُوا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَمْهَلَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَدَدٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ يَسْتَعِينُونَ بِهِمْ عَلَى قِتَالِنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْهِلْهُمْ) وَإِنْ بَذَلُوا مَالًا وَتَرَكُوا ذَرَارِيَّهُمْ اهـ. ز ي وَتَجِبُ مُصَابَرَةُ وَاحِدِ لِاثْنَيْنِ كَالْكُفَّارِ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ مُدْبِرَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ بَلْ فِيهِ دِيَةُ عَمْدٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>