للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجْتَمَعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اُتُّبِعُوا (وَلَا يُطْلَقُ) أَسِيرُهُمْ (وَلَوْ) كَانَ (صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً) أَوْ عَبْدًا (حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ) وَلَا يَتَوَقَّعُ عَوْدُهُمْ (إلَّا أَنْ يُطِيعَ) أَيْ الْأَسِيرُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (وَيُرَدُّ لَهُمْ بَعْدَ أَمْنِ غَائِلَتِهِمْ) أَيْ شَرِّهِمْ بِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ (مَا أُخِذَ) مِنْهُمْ (وَلَا يُسْتَعْمَلُ) مَا أُخِذَ مِنْهُمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَمْ نَجِدْ مَا نَدْفَعُ بِهِ عَنَّا إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا نَرْكَبُهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ إلَّا خَيْلَهُمْ (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ كَنَارٍ وَمِنْجَنِيقٍ) وَهُوَ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنَّ قَاتَلُوا بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى الْمُقَاتَلَةِ بِمِثْلِهِ دَفْعًا أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَاحْتَجْنَا فِي دَفْعِهِمْ إلَى ذَلِكَ (وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ كَثُرُوا وَأَحَاطُوا بِنَا فَقَوْلِي إلَّا لِضَرُورَةٍ رَاجِعٌ إلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ.

وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ، وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَوْ احْتَجْنَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ فِيهِ جَرَاءَةٌ وَحُسْنُ إقْدَامٍ وَتَمَكُّنًا مِنْ مَنْعِهِ لَوْ اتَّبَعَ مُنْهَزِمًا

(وَلَوْ آمَنُوا حَرْبِيِّينَ) بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا (لِيُعِينُوهُمْ) عَلَيْنَا (نَفَذَ) أَمَانُهُمْ (عَلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لِتَرْكِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَرْطِ قِتَالِهِمْ فَلَوْ أَعَانُوهُمْ وَقَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا إعَانَةُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْمُحِقِّ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ.

(وَلَوْ أَعَانَهُمْ كُفَّارٌ مَعْصُومُونَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلُ ذِمَّةٍ (عَالِمُونَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا مُخْتَارُونَ) فِيهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ (فَإِنْ قَالَ ذِمِّيُّونَ) كُنَّا مُكْرَهِينَ أَوْ (ظَنَنَّا) جَوَازَ الْقِتَالِ إعَانَةً أَوْ ظَنَنَّا (أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ) فِيمَا فَعَلُوهُ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (وَإِنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ) وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ (فَلَا) يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِمْ طَائِفَةً مُسْلِمَةً مَعَ عُذْرِهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ الْأَمَانِ فَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ وَلَا أَثِيرُهُمْ وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّينَ الْمُعَاهَدُونَ وَالْمُؤَمَّنُونَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِنَّهُ يَرَى قَتْلَ مُدْبِرِهِمْ وَأَسِيرِهِمْ وَمُثْخَنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ مَنَعَةٌ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ قِنًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ تَفَرُّقًا لَا يُتَوَقَّعُ جَمْعُهُمْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ إلَخْ ثُمَّ قُلْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ الْحُرُّ الْكَامِلُ الْإِمَامَ بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيُطْلَقُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ لَا مِنْ ضَرُورَةٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُضْطَرَّ قِيمَةُ طَعَامِ غَيْرِهِ إذَا أَكَلَهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر ز ي وَهَلْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَوْ تُخْرَجُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُضْطَرَّ إلَخْ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ع ش (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ إلَخْ) وَلِهَذَا يَحْرُمُ جَعْلُهُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ز ي (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إبْقَاءً عَلَيْهِمْ) أَيْ إبْقَاءً لِلْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَعْنَى إبْقَاءً شَفَقَةً أَوْ تُجْعَلُ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ قَالَ تَعَالَى {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] وَإِلَّا فَالْقَصْرُ وَالتَّشْدِيدُ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ ع ش لَكِنْ حَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ مِنْ اللَّحْنِ الْقَصْرُ وَالتَّشْدِيدُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ عَمِيرَةُ لَكِنْ قَوْلُهُمْ تَأْمِينًا مُطْلَقًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَيْنَا) فَلَهُمْ مَعَنَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ وَحِينَئِذٍ فَلَنَا غَنْمُ أَمْوَالِهِمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ وَقَتْلُهُمْ مُدْبِرِينَ وَمَعَهُمْ حُكْمُ الْمُؤْمِنِينَ فَيُمْنَعُونَ مِنْ غَنْمِ أَمْوَالِهِمْ ز ي (قَوْلُهُ: بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ أَيْ قَبْلَ التَّبْلِيغِ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ مُرَتَّبًا عَلَى تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ فَالْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ وَبِهِ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ فَرَاجِعْهُ شَوْبَرِيٌّ بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ وَإِلَّا فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ وَمُقَاتِلَتِهِمْ كَبُغَاةٍ تَنَافٍ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ كَبُغَاةٍ إنْ كَانَ بَعْدَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُمْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَأْمَنِ حَرْبِيُّونَ فَيُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ وَقَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ لِعُذْرِهِمْ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ وَبَعْدَهُ يُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ انْتَهَى وَنَقَلَهُ ز ي وح ل وَأَقَرَّهُ سم.

وَقَاتَلْنَاهُمْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِمْ بِالْبُغَاةِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ فَمَنْ ظَفَرْنَا بِهِ مِنْهُمْ نُبَلِّغُهُ الْمَأْمَنَ فَيَكُونُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْقِتَالِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) حَتَّى فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ س ل.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ) وَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ لَكِنْ شَرَطَ الْمُزَنِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إقَامَتَهَا اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّينَ) قَضِيَّةُ كَلَامِ م ر فِي شَرْحِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذِّمِّيِّينَ وَالْمُعَاهَدِينَ فِي عَدَمِ الِانْتِقَاضِ حَيْثُ أَبْدَوْا عُذْرًا وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ مُعَاهَدُونَ أَوْ مُؤَمَّنُونَ مُخْتَارِينَ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ اهـ. بِحُرُوفِهِ ثُمَّ قَالَ أَوْ مُكْرَهِينَ وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>