للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِقَتْلٍ أَوْ إرْعَابٍ مُكَابَرَةً اعْتِمَادًا عَلَى الْقُوَّةِ مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (هُوَ) أَيْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (مُلْتَزِمٌ) لِلْأَحْكَامِ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ ذِمِّيًّا وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (مُخْتَارٌ) مِنْ زِيَادَتِي (مُخِيفٌ) لِلطَّرِيقِ (يُقَاوِمُ مَنْ يَبْرُزُ) هُوَ (لَهُ بِأَنْ يُسَاوِيَهُ) أَوْ يَغْلِبَهُ (بِحَيْثُ يَبْعُدُ) مَعَهُ (غَوْثٌ) .

لِبُعْدٍ عَنْ الْعِمَارَةِ أَوْ ضَعْفٍ فِي أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْبَارِزُ وَاحِدًا أَوْ أُنْثَى أَوْ بِلَا سِلَاحٍ وَخَرَجَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ أَضْدَادُهَا فَلَيْسَ الْمُتَّصِفُ بِهَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْ حَرْبِيٍّ وَلَوْ مُعَاهَدًا وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ وَمُخْتَلِسٍ وَمُنْتَهِبٍ قَاطِعُ طَرِيقٍ وَلَوْ دَخَلَ جَمْعٌ بِاللَّيْلِ دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ مَعَ قُوَّةِ السُّلْطَانِ وَحُضُورِهِ فَقُطَّاعٌ وَقِيلَ مُخْتَلِسُونَ

(فَمَنْ أَعَانَ الْقَاطِعَ أَوْ أَخَافُ الطَّرِيقَ بِلَا أَخْذِ نِصَابٍ وَلَا قَتْلٍ عُزِّرَ) بِحَبْسٍ وَغَيْرِهِ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ.

وَحَبْسُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْلَى حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَلَزِمَهُ رَدُّ الْمَالِ أَوْ بَدَلِهِ فِي صُورَةِ أَخْذِهِ، وَتَعْبِيرِي بِنِصَابٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَالٍ (أَوْ بِأَخْذِ نِصَابٍ) أَيْ نِصَابِ سَرِقَةٍ بِقَيْدَيْنِ زِدْتُهُمَا بِقَوْلِي (بِلَا شُبْهَةٍ مِنْ حِرْزٍ) مِمَّا مَرَّ بَيَانُهُ فِي السَّرِقَةِ (قُطِعَتْ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنَّمَا خُصُّوا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِيهِمْ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الذِّمِّيِّينَ مِثْلُهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ لَا تَجْرِي فِيهِمْ كَمَا إذَا قَتَلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقَاطِعِينَ لَا فِي الْحَرْبِيِّينَ لِأَجْلِ التَّنْوِيعِ الْآتِي وَلِقَوْلِهِ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [المائدة: ٣٤] ؛ لِأَنَّ تَوْبَةَ الْحَرْبِيِّ إسْلَامُهُ وَهُوَ يَنْفَعُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ م ر (قَوْلُهُ: مُكَابَرَةً) أَيْ مُجَاهَرَةً وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْبُعْدِ عَنْ الْغَوْثِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَا لَوْ دَخَلُوا دَارًا وَمَنَعُوا أَهْلَهَا مِنْ الِاسْتِغَاثَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) وَهُوَ تَعْرِيفُ الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ تَعْرِيفِهِ تَعْرِيفُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ) أَيْ قَطْعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ) لَمْ يَقُلْ هُنَا وَلَوْ حُكْمًا كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ الزِّنَا زِيَادَةُ ذَلِكَ لِإِدْخَالِ عَبْدِ الذِّمِّيِّ وَنِسَائِهِ وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقُيُودِ خَمْسَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيًّا) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ بِمُحَارَبَتِهِ فِي دَارِنَا وَإِخَافَتِهِ السَّبِيلَ وَهُوَ الرَّاجِحُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ تَرْكَهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ بِذَلِكَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالرَّوْضَةِ) أَيْ فِي الذِّمِّيِّ لِتَقْيِيدِهِمَا بِالْمُسْلِمِ. وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ قَاطِعَ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: لِلطَّرِيقِ) أَيْ لِلْمَارِّ فِيهَا ز ي (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ) مُتَعَلِّقٌ بِيُبْرِزُ أَيْ بِمَكَانٍ وَقَوْلُهُ: مَعَهُ أَيْ مَعَ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَيْ عِنْدَهُ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِحَيْثُ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ: وَمُخْتَلِسٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ يُقَاوِمُ مَعَ قَوْلِهِ مُخِيفٌ (قَوْلُهُ: وَمُنْتَهِبٍ) أَيْ مَعَ قُرْبِ الْغَوْثِ وَإِلَّا فَقَاطِعُ طَرِيقٍ ع ش فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَنَعُوا أَهْلَهَا إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْتُونَ لِلسَّرِقَةِ الْمُسَمَّوْنَ بِالْمَنْسِرِ فِي زَمَانِنَا فَهُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَنْسِرُ فِيهِ لُغَتَانِ مِثْلَ مَسْجِدٍ وَمِقْوَدٍ: خَيْلٌ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَعَ قُوَّةِ السُّلْطَانِ وَحُضُورِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: بِاللَّيْلِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ السُّلْطَانُ مَوْجُودًا قَوِيًّا (قَوْلُهُ: فَقُطَّاعٌ) لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ مَعَهُ غَوْثٌ؛ لِأَنَّ الْبُعْدَ إمَّا حِسِّيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ شَيْخُنَا لِتَنْزِيلِ مَنْعِهِمْ مِنْ الْغَوْثِ مَنْزِلَةَ الْبُعْدِ عَنْهُ وَقَالَ ح ل قَوْلُهُ: فَقُطَّاعٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ ضَعْفِ أَهْلِهَا اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفَقْدُ الْغَوْثِ يَكُونُ لِلْبُعْدِ عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ لِضَعْفٍ بِأَهْلِ الْعُمْرَانِ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا كَأَنْ دَخَلَ جَمْعٌ دَارًا إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَمَنْ أَعَانَ الْقَاطِعَ) وَلَوْ بِدَفْعِ سِلَاحٍ أَوْ مَرْكُوبٍ ق ل وَانْظُرْ وَجْهَ تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُخِيفٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا قَتْلٍ) أَيْ وَلَا قَطْعِ طَرَفٍ مَعْصُومٍ اهـ. ح ل أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (قَوْله: عُزِّرَ) وَالْأَمْرُ فِي جِنْسِ هَذَا التَّعْزِيرِ لِلْإِمَامِ س ل (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ تَرْكُهُ إنْ رَآهُ

مَصْلَحَةً

وَلَا يُقَدَّرُ الْحَبْسُ بِمُدَّةٍ بَلْ يُسْتَدَامُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ س ل وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ يُسْتَدَامُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَقَالَ سم الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَحَبْسُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْلَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ التَّعْزِيرِ فَالْمَرْتَبَةُ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هِيَ الْأَخِيرَةُ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِنِصَابٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ مَالًا أَصْلًا أَوْ أَخَذَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ بِخِلَافِ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْمَالِ.

(قَوْلُهُ: بِلَا شُبْهَةٍ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ فِي مَوْضِعِ الْأَخْذِ إنْ كَانَ مَوْضِعَ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ حَالَ السَّلَامَةِ لَا عِنْدَ اسْتِسْلَامِ النَّاسِ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ فَأَقْرَبُ مَوْضِعٍ إلَيْهِ يُوجَدُ فِيهِ بَيْعُ ذَلِكَ وَشِرَاؤُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ م ر اهـ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: حَالَ السَّلَامَةِ أَيْ حَالَ الْأَمْنِ وَهُوَ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ وَتُعْتَبَرُ أَيْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حَالَ الْأَمْنِ لَا حَالَ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ حِرْزٍ) كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَوْ بِقُرْبِهِ مُلَاحِظٌ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مِنْ قُوَّتِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

لَا يُقَالُ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ تَمْنَعُ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ لَحِقَهُ غَوْثٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>