للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ بِحُسْنِ رَأْيِهِمْ فِينَا (وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ) وَيَفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً مِنْ إفْرَادِهِمْ بِجَانِبِ الْجَيْشِ أَوْ اخْتِلَاطِهِمْ بِهِ بِأَنْ يُفَرِّقَهُمْ بَيْنَنَا.

(وَ) لَهُ اسْتِعَانَةٌ (بِعَبِيدٍ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمَا) مِنْ السَّادَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَبِيدُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِمْ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُكَاتَبِينَ كِتَابَةً صَحِيحَةً، لَمْ يُحْتَجْ إلَى إذْنِ السَّادَةِ وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ الْمَدِينُ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ وَالْوَلَدُ بِإِذْنِ الْأَصْلِ، وَفِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِينَ النِّسَاءُ الْأَقْوِيَاءُ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِنَّ.

(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (بَذْلُ أُهْبَةٍ) مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» وَذِكْرُ الْأَمْنِ وَالْمُقَاوَمَةِ فِي الِاكْتِرَاءِ وَمَالِكِ الْأَمْرِ فِي الْمُرَاهِقِينَ وَغَيْرِ الْإِمَامِ فِي بَذْلِ الْأُهْبَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَكُرِهَ) لِغَازٍ (قَتْلُ قَرِيبٍ) لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ (وَ) قَتْلُ قَرِيبٍ (مَحْرَمٍ أَشَدُّ) كَرَاهَةً مِنْ قَتْلِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَسُبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ نَبِيَّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَذْكُرَهُ بِسُوءٍ فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ نَبِيِّهِ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ.

(وَجَازَ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى قَاتَلُوا) فَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا حَرُمَ قَتْلُهُمْ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأُلْحِقَ الْمَجْنُونُ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَالْخُنْثَى بِهِمَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْأَصْلِ حُرْمَةَ قَتْلِهِمْ وَكَالْقِتَالِ السَّبُّ لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، وَذِكْرُ مَنْ بِهِ رِقٌّ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) جَازَ قَتْلُ (غَيْرِهِمْ) وَلَوْ رَاهِبًا وَأَجِيرًا وَشَيْخًا وَأَعْمَى وَزَمِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قِتَالٌ وَلَا رَأْيٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] (لَا الرُّسُلِ) فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِجَرَيَانِ السُّنَّةِ بِذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) جَازَ (حِصَارُ كُفَّارٍ) فِي بِلَادٍ وَقِلَاعٍ وَغَيْرِهِمَا (وَقَتْلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ لَا بِحَرَمِ مَكَّةَ) كَإِرْسَالِ مَاءٍ عَلَيْهِمْ وَرَمْيِهِمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخَالِفُوا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى، كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ) كَأَنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ فَإِذَا اسْتَعَانَ الْمُسْلِمُونَ بِخَمْسِينَ مِنْ الْكُفَّارِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ لَوْ انْضَمُّوا إلَى الْكُفَّارِ قَاوَمَهُمْ الْمُسْلِمُونَ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: كَيْفَ تَجْتَمِعُ الْحَاجَةُ مَعَ الْمُقَاوَمَةِ ح ل؟ أَيْ: لِأَنَّهُمْ إذَا قَلُّوا حَتَّى احْتَاجُوا لِمُعَاوَنَةِ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وَهِيَ الْخَمْسُونَ فَكَيْفَ يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِمَا لَوْ انْضَمَّتَا؟ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ احْتِيَاجَنَا إلَى الْخَمْسِينَ لِأَجْلِ اسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ لَا لِأَجْلِ الْمُقَاوَمَةِ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّارِحَ يَعْتَبِرُ الْحَاجَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْقِلَّةِ، وَالْحَاجَةُ قَدْ تَكُونُ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَتَنَافَى الشَّرْطَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ ز ي مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ:، وَيَفْعَلُ) أَيْ وُجُوبًا ع ش.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ ز ي؛ لِأَنَّ رِقَابَهُمْ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ وَلِمَالِكِهَا غَرَضٌ فِي إبْقَائِهَا، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَحْوِ الثَّوَابِ بِعِتْقِهَا، وَفِي الِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي هَذَا الْأَمْرِ الْخَطِرِ تَعْرِيضٌ لِتَلَفِهَا سم (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ إلَخْ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ غَايَةُ اللُّطْفِ وَالْحُسْنِ حَيْثُ جَعَلَ الْمَدِينَ وَالْوَلَدَ مَعَ الْغَرِيمِ وَالْوَالِدِ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ، وَجَعَلَ الزَّوْجَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِ مَعَ وَلِيِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ) أَيْ الْبَالِغُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَمُرَاهِقِينَ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِنَّ) وَهْم الْأَزْوَاجُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ ع ش: وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ

(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّهُ فِي الْغَيْرِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَذْلٌ، بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر وَانْظُرْ مَعْنَى خِيَانَتِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَاتِلٍ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمَبْذُولَ لَهُ بِالتَّخْذِيلِ أَوْ الْفِرَارِ، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ الْبَذْلُ لِكَافِرٍ.

(قَوْلُهُ: بَذْلُ أُهْبَةٍ) نَعَمْ إنْ بَذَلَ لِيَكُونَ الْغَزْوُ لِلْبَاذِلِ لَمْ يَجُزْ س ل وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَيْ: الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ غَزَا) أَيْ: كُتِبَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ غَازٍ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسُبَّ اللَّهَ أَوْ نَبِيَّهُ) أَوْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي شَرْحُ حَجّ وَالْمُرَادُ مَا دَامُوا يَسُبُّونَ عَلَى قِيَاسِ قَتْلِ الصِّبْيَانِ إذَا قَاتَلُوا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ سم وَقَوْلُهُ: أَوْ نَبِيَّهُ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ الْحَكِيمِ وَمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَذْكُرَهُ) أَيْ: الْأَحَدُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ) بَلْ يَكُونُ مُبَاحًا ع ش أَيْ: قَتْلُ قَرِيبِهِ لَهُ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِ قَرِيبِهِ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ: لِأَنَّ السَّمَاعَ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ قَتْلُ صَبِيٍّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ حِينَ قِتَالِهِمْ وَاجِبٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَجَازَ قَتْلُ غَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: قَاتَلُوا) أَيْ: مَا دَامُوا يُقَاتِلُونَ فَإِنْ تَرَكُوا الْقِتَالَ تُرِكُوا، كَمَا فِي س ل (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ: عَدَمِ قِتَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَكَالْقِتَالِ السَّبُّ) أَيْ: مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى دُونَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل، فَالْمُرَادُ سَبُّ مَنْ يُعْتَبَرُ سَبُّهُ وَقَوْلُهُ: لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِلَّهِ أَوْ رَسُولِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاهِبًا) لِلرَّدِّ وَالرَّاهِبُ هُوَ الْعَابِدُ مِنْ النَّصَارَى م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ) أَيْ: حَيْثُ اقْتَصَرُوا عَلَى مُجَرَّدِ تَبْلِيغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>