وَلَوْ رَقَّ رَبُّ الدَّيْنِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ حَرْبِيّ لَمْ يَسْقُطْ.
(وَلَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ عَلَى مِثْلِهِ دَيْنُ مُعَاوَضَةٍ) كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ (، ثُمَّ عُصِمَ أَحَدُهُمَا) بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ مَعَ الْآخَرِ أَوْ دُونَهُ (لَمْ يَسْقُطْ) ؛ لِالْتِزَامِهِ بِعَقْدٍ وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ دَيْنُ الْإِتْلَافِ وَنَحْوِهِ كَالْغَصْبِ فَيَسْقُطُ؛ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ؛ وَلِأَنَّ سَبَبَ الدَّيْنِ لَيْسَ عَقْدًا يُسْتَدَامُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِعِصْمَةِ الْمُتْلِفِ، وَتَقْيِيدُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِهِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَكَالْحَرْبِيِّ مَعَ مِثْلِهِ إذَا عَصَمَ أَحَدُهُمَا الْحَرْبِيَّ مَعَ الْمَعْصُومِ، إذَا عَصَمَ الْحَرْبِيَّ فِي حُكْمَيْ الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِتْلَافِ. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ إلَى آخِرِهِ.
(وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (بِلَا رِضًا) مِنْ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (غَنِيمَةٌ) مُخَمَّسَةٌ إلَّا السَّلَبَ، خُمُسُهَا لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْآخِذِ تَنْزِيلًا لِدُخُولِهِ دَارَهُمْ، وَتَغْرِيرِهِ بِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْقِتَالِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَقَارِ الْعَقَارُ الْمَمْلُوكُ إذْ الْمَوَاتُ لَا يَمْلِكُونَهُ فَكَيْفَ يُتَمَلَّكُ عَلَيْهِمْ؟ صَرَّحَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ. وَإِطْلَاقِي لِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَخْذِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (وَكَذَا مَا وُجِدَ كَلُقَطَةٍ) مِمَّا يُظَنُّ أَنَّهُ لَهُمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ لِذَلِكَ (فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِمُسْلِمٍ) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مُسْلِمٌ (وَجَبَ تَعْرِيفُهُ) ؛ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِتَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ وَيُعَرِّفُهُ سَنَةً؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيرًا كَسَائِرِ اللُّقَطَاتِ وَبَعْدَ تَعْرِيفِهِ يَكُونُ غَنِيمَةً.
[دَرْس] (وَلِغَانِمِينَ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (لَا لِمَنْ لَحِقَهُمْ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (تَبَسُّطٌ) عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لَا التَّمْلِيكِ (فِي غَنِيمَةٍ) قَبْلَ اخْتِيَارِ تَمَلُّكِهَا (بِدَارِ حَرْبٍ) وَإِنْ لَمْ يَعِزَّ فِيهَا مَا يَأْتِي. (وَ) فِي (الْعَوْدِ) مِنْهَا (إلَى عُمْرَانِ غَيْرِهَا) كَدَارِنَا وَدَارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. فَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِدَارِهِمْ أَيْ: الْكُفَّارِ وَبِعُمْرَانِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ الْجِهَادُ فِي دَارِنَا، وَعَزَّ فِيهَا مَا يَأْتِي قَالَ الْقَاضِي: قُلْنَا: التَّبَسُّطُ أَيْضًا (بِمَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ) لِلْآدَمِيِّ (عُمُومًا) كَقُوتٍ وَأُدْمٍ وَفَاكِهَةٍ (وَعَلَفٍ) لِلدَّوَابِّ الَّتِي لَا يُغْتَنَى عَنْهَا فِي الْحَرْبِ (شَعِيرًا وَنَحْوَهُ) كَتِبْنٍ وَفُولٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالْحَاكِمِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: أَصَبْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ طَعَامًا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ»
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا عَصَمَ أَحَدَهُمَا وَهَذَا فِيمَا إذَا رَقَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَقَّ رَبُّ الدَّيْنِ إلَخْ) ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْإِمَامَ يُطَالَبُ بِهِ كَوَدَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ شَرْحُ م ر وَفِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ نَظَرٌ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الْغَنِيمَةِ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي أَعْيَانِ مَالِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهَا، وَلَا يُطَالَبُ بِهَا؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لِرَقَبَتِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ لِمَالِهِ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِبَيْتِ الْمَالِ كَالْمَالِ الضَّائِعِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ حَرْبِيٍّ) أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي قَوْلِهِ: بَلْ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْآخَرِ) عَدَمُ السُّقُوطِ فِي هَذِهِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: أَوْ دُونَهُ إنْ كَانَ الَّذِي عَصَمَ هُوَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، أَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي عَصَمَ هُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَعَدَمُ السُّقُوطِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذِمَّةَ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِدَيْنِ الْحَرْبِيِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ دَفْعُ الدَّيْنِ لِلْحَرْبِيِّ مَعَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ أَخْذُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْقُطْ) أَيْ: فَيَبْقَى بِذِمَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَقَيَّدُ) أَيْ: سُقُوطُ دَيْنِ الْإِتْلَافِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ: بِعِصْمَةِ الْمُتْلِفِ أَيْ: يَكُونُ الَّذِي عَصَمَ هُوَ الْمُتْلِفُ بَلْ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الَّذِي عَصَمَ هُوَ الْمُتْلَفُ مِنْهُ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: ثُمَّ عَصَمَ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِعِصْمَةِ الْمُتْلِفِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِهِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمَيْ الْمُعَاوَضَةِ، وَالْإِتْلَافِ) فَيَسْقُطُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
. (قَوْلُهُ: وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ: أَخَذَهُ مُسْلِمٌ أَمَّا مَا أَخَذَهُ الذِّمِّيُّ فَإِنَّهُ مِلْكٌ لَهُ بِجُمْلَتِهِ لَا يَدْخُلُهُ تَخْمِيسٌ، كَمَا فِي م ر سَوَاءٌ كَانَ مَعَنَا أَوْ وَحْدَهُ دَخَلَ بِلَادَهُمْ بِأَمَانٍ أَوْ غَيْرِهِ ع ش وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَمَا أُخِذَ مِنْهُمْ أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ بِأَخْذِهِمْ لَهُ قَهْرًا عَنْهُ، فَعَلَى مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَوْ بِشِرَاءٍ رَدُّهُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) كَاخْتِلَاسِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا إلَخْ) بِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ مَنْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ مِنْهُمْ عَمِيرَةُ سم. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَتَمَلَّكُ عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَنْهُمْ، وَالِاسْتِفْهَامُ إنْكَارِيٌّ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ عَلَيْهِمْ فَرْعُ مِلْكِهِمْ لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ إلَخْ) لِأَنَّ أَخْذَهُ مَالَهُمْ مِنْ دَارِنَا، وَلَا أَمَانَ لَهُمْ كَذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ غَنِيمَةٌ) أَيْ: مُخَمَّسَةٌ إلَّا السَّلَبَ خُمُسُهَا لِأَهْلِهِ، وَالْبَاقِي لِلْآخِذِ تَنْزِيلًا لِدُخُولِهِ دَارَهُمْ وَتَغْرِيرِهِ بِنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الْقِتَالِ، كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ) وَلَوْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ م ر (قَوْلُهُ: لَا التَّمْلِيكِ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ وُصُولِهِمْ لِلْعُمْرَانِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ، كَمَا سَيَأْتِي، وَلَهُ أَنْ يُضِيفَ مِثْلَهُ مِنْ الْغَانِمِينَ ح ل قَالَ ز ي: وَيَجُوزُ التَّبَسُّطُ لِلذِّمِّيِّ أَيْضًا إذَا كَانَ مُسْتَحِقَّ الرَّضْخِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ س ل: الْمُرَادُ بِالْغَانِمِينَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضْخٌ لِيَشْمَلَ الصَّبِيَّ، وَالذِّمِّيَّ إذَا اسْتَعَانَ بِهِ الْإِمَامُ. اهـ. وَأَمَّا الْأَجِيرُ فَلَيْسَ لَهُ التَّبَسُّطُ كَمَا قَالَهُ ع ش (قَوْلُهُ: بِدَارِ حَرْبٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى " فِي " بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَفِي عُمْرَانٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعِزَّ) بِأَنْ وُجِدَ فِي دَارِهِمْ سُوقٌ وَأَمْكَنَ الشِّرَاءُ مِنْهُ بِدَارِهِمْ سم.
(قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي) وَهُوَ مَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ عُمُومًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَلَنَا التَّبَسُّطُ) بِأَنْ نَقَلُوا مَعَهُمْ مَا يُعْتَادُ أَكْلُهُ وَقَوْلُهُ: عُمُومًا أَيْ: عَلَى الْعُمُومِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلْفٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ