للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسَوَادُ الْعِرَاقِ) مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى بَعْضِهِ إذْ السَّوَادُ أَزْيَدُ مِنْ الْعِرَاقِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُضْرَتِهِ بِالْأَشْجَارِ وَالزُّرُوعِ؛ لِأَنَّ الْخُضْرَةَ تَظْهَرُ مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا (فُتِحَ) أَيْ: فَتَحَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَنْوَةً) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ: قَهْرًا (وَقُسِمَ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ (، ثُمَّ) بَعْدَ قِسْمَتِهِ وَاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ (بَذَلُوهُ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: أَعْطَوْهُ لِعُمَرَ (وَوُقِفَ) دُونَ أَبْنِيَتِهِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا أَيْ: وَقَفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَلَيْنَا) وَأَجَّرَهُ لِأَهْلِهِ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ فَيَمْتَنِعُ لِكَوْنِهِ وَقْفًا بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَهِبَتُهُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْبَذْلَ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ يُمْكِنُ بَذْلُهُ كَالْغَانِمِينَ وَذَوِي الْقُرْبَى إنْ انْحَصَرُوا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْخُمُسِ، فَلَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِ حَقِّهِمْ إلَى بَذْلٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِأَهْلِهِ (وَخَرَاجُهُ) أُجْرَةٌ (مُنَجَّمَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ مَثَلًا) لِمَصَالِحِنَا فَيُقَدَّمُ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ، (وَهُوَ مِنْ) أَوَّلِ (عَبَّادَانَ) بِمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ (إلَى) آخِرِ (حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمِيمِ (طُولًا وَمِنْ) أَوَّلِ (الْقَادِسِيَّةِ إلَى) آخِرِ (حُلْوَانَ) بِضَمِّ الْحَاءِ (عَرْضًا، لَكِنْ لَيْسَ لِلْبَصْرَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ وَخِزَانَةَ الْعَرَبِ (حُكْمُهُ) أَيْ: حُكْمُ سَوَادِ الْعِرَاقِ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّهِ (إلَّا الْفُرَاتَ شَرْقِيَّ دِجْلَتِهَا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا (وَنَهْرَ الصَّرَاةِ) بِفَتْحِ الصَّادِ (غَرْبِيَّهَا) أَيْ: الدِّجْلَةِ وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ الْبَصْرَةِ كَانَ مَوَاتًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ سم يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْوَرَثَةِ بِالتَّرِكَةِ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ الْغَانِمِينَ بِالْغَنِيمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ مُطْلَقًا بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ، وَالْغَانِمُونَ لَا يَمْلِكُونَ بِمُجَرَّدِ الِاغْتِنَامِ فَسُومِحَ هُنَا بِمَا لَمْ يُتَسَامَحْ بِهِ هُنَاكَ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَسَوَادُ) أَيْ: أَرْضُ الْعِرَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ لَا يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ فَلَا يَكُونُ جِنْسًا لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ صِدْقُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ إضَافَةِ الْكُلِّ إلَى بَعْضِهِ ع ش. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجِنْسِ الْكُلُّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إلَى بَعْضِهِ، وَلَمْ يَقُلْ إلَى فَرْدِهِ.

(قَوْلُهُ: بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا) ؛ لِأَنَّ مَسَافَةَ الْعِرَاقِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْسَخًا فِي عَرْضِ ثَمَانِينَ، وَالسَّوَادُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فِي ذَلِكَ الْعَرْضِ وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ بِالتَّكْسِيرِ عَشْرَةُ آلَافِ فَرْسَخٍ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَجُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ صَوَابُهُ حَذْفُ لَفْظَةِ سَوَادُ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ هِيَ جُمْلَةُ الْعِرَاقِ بِالضَّرْبِ أَمَّا جُمْلَةُ سَوَادِ الْعِرَاقِ فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا وَثَمَانُمِائَةٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: تَظْهَرُ مِنْ الْبُعْدِ سَوَادًا) لِأَنَّ بَيْنَ اللَّوْنَيْنِ تَقَارُبًا فَيُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَيُسَمَّى عِرَاقًا لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ وَخُلُوِّهَا عَنْ الْجِبَالِ، وَالْأَوْدِيَةِ إذْ أَصْلُ الْعِرَاقِ الِاسْتِوَاءُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَنْوَةً) لِمَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَسَمَهُ فِي جُمْلَةِ الْغَنَائِمِ وَلَوْ كَانَ صُلْحًا لَمْ يَقْسِمْهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقُسِمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ) هَذَا وَجْهُ مُنَاسَبَةِ ذِكْرِ سَوَادِ الْعِرَاقِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: بَذَلُوهُ) أَيْ: لِكَوْنِهِ اسْتَرْضَاهُمْ فِيهِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ) ، وَالْبَاعِثُ لَهُ عَلَى وَقْفِهِ خَوْفُ اشْتِغَالِ النَّاسِ بِفِلَاحَتِهِ عَنْ الْجِهَادِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) وَهُوَ أَنَّ وَقْفَهَا يُؤَدِّي إلَى خَرَابِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَجَّرَهُ لِأَهْلِهِ) أَيْ: بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ يُؤَدُّونَهُ كُلَّ سَنَةٍ فَجَرِيبُ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ، وَالْبُرِّ أَرْبَعَةٌ وَجَرِيبُ الشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةُ، وَجَرِيبُ النَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ، وَالْعِنَبِ عَشْرَةٌ، وَالزَّيْتُونِ اثْنَا عَشَرَ وَجُمْلَةُ مِسَاحَةِ الْجَرِيبِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ ذِرَاعٍ شَرْحُ م ر، وَالْجَرِيبُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالْفَدَّانِ وَهُوَ عَشَرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ، بِالْهَاشِمِيَّةِ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعَةُ أَصَابِعِ فَالْجَرِيبُ مِسَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا بِالْهَاشِمِيَّةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ) أَيْ: عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ وَلَهُمْ إجَارَتُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَا مُؤَبَّدَةً كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي إجَارَةِ عُمَرَ

لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ

، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ سَاكِنِيهِ إزْعَاجُهُمْ مِنْهُ، وَيَقُولُ: أَنَا أَشْغَلُهُ وَأُعْطِي الْخَرَاجَ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا بِالْإِرْثِ الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدِ بَعْضِ آبَائِهِمْ مَعَ عُمَرَ، وَالْإِجَارَةُ لَازِمَةٌ لَا تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ س ل (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) فَقَوْلُهُ: بَذَلُوهُ أَيْ: الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى كَمَا قَالَهُ م ر (قَوْلُهُ: مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ: الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: عَبَّادَانَ) هِيَ حِصْنٌ صَغِيرٌ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ عَمِيرَةُ سم.

(قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ) عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْغَايَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْحَدِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ حُلْوَانِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَحَدِيثَةُ الْمَوْصِلِ قُيِّدَتْ بِذَلِكَ لِإِخْرَاجِ حَدِيثَةٍ أُخْرَى عِنْدَ بَغْدَادَ وَسُمِّيَتْ الْمَوْصِلَ لِأَنَّ نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى الْجُودِيِّ أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا قَدْرَ الْمَاءِ الْمُتَبَقِّي عَلَى الْأَرْضِ فَأَخَذُوا حَبْلًا وَجَعَلُوا فِيهِ حَجَرًا، ثُمَّ دَلُّوهُ فِي الْمَاءِ فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغُوا مَدِينَةَ الْمَوْصِلِ (قَوْلُهُ: الْقَادِسِيَّةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَعَا لَهَا بِالتَّقْدِيسِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْبَصْرَةِ) بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَكَانَ بِهَا سَبْعَةُ آلَافِ مَسْجِدٍ وَعَشْرَةُ آلَافِ نَهْرٍ، كُلُّ نَهْرٍ يُسَمَّى بِاسْمٍ، ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ) أَيْ: لِعَدَمِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ بِهَا أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: وَخِزَانَةَ الْعَرَبِ) لِأَنَّ أَهْلَهَا عَرَبٌ (قَوْلُهُ: حُكْمُهُ أَيْ: حُكْمُ سَوَادِ الْعِرَاقِ) أَيْ: مِنْ الْوَقْفِيَّةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْفِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ أَرْضًا مُسَبَّخَةً وَإِنْ شَمَلَهَا الْفَتْحُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ مَوَاتًا) غَيْرَ مِلْكٍ لَهُمْ حَتَّى يَغْنَمَ فَلَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>