أَوْ (مَحْجُورًا) عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (إعْرَاضٌ عَنْ حَقِّهِ) مِنْهَا وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِهِ (قَبْلَ مِلْكِهِ) لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ الْجِهَادِ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالذَّبُّ عَنْ الْمِلَّةِ. وَالْغَنَائِمُ تَابِعَةٌ، فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا فَقَدْ جَرَّدَ قَصْدَهُ لِلْغَرَضِ الْأَعْظَمِ وَإِنَّمَا صَحَّ إعْرَاضُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ بِمَحْضِ جِهَادِهِ لِلْآخِرَةِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِ مَحْجُورِ السَّفَهِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَفَقُّهِ الْإِمَامِ إنَّمَا فَرَّعَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَنَائِمَ تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الِاغْتِنَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَمِمَّنْ صَحَّحَ صِحَّةَ إعْرَاضِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَا لَا يُجْدِي، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي التَّقْيِيدَ بِالْحُرِّ أَوْ الْمُكَاتَبِ الرَّقِيقُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَالْمُبَعَّضُ فِيمَا وَقَعَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ، وَفِيمَا يُقَابِلُ رِقَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ، وَبِمَا بَعْدَهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا لَوْ أَعْرَضَ بَعْدَ مِلْكِهِ عَنْ حَقِّهِ فَلَا يَصِحُّ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ (وَهُوَ) أَيْ: مِلْكُهُ (بِاخْتِيَارِ تَمَلُّكٍ) وَلَوْ بِقَبُولِهِ مَا أُفْرِزَ لَهُ، وَلَوْ عَقَارًا، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ لَا بِهَا كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (لَا لِسَالِبٍ، وَلَا لِذِي قُرْبَى) وَلَوْ وَاحِدًا، فَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُمَا؛ لِأَنَّ السَّلَبَ مُتَعَيَّنٌ لِمُسْتَحِقِّهِ كَالْوَارِثِ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْحَةٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِالْقَرَابَةِ بِلَا تَعَبٍ وَشُهُودِ وَقْعَةٍ كَالْإِرْثِ فَلَيْسُو كَالْغَانِمِينَ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ بِشُهُودِهِمْ مَحْضَ الْجِهَادِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَهْلِ الْخُمُسِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إعْرَاضُهَا لِعُمُومِهَا (وَالْمُعْرِضُ) عَنْ حَقِّهِ (كَمَعْدُومٍ) فَيُضَمُّ نَصِيبُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْبَاقِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ (وَمَنْ مَاتَ) وَلَمْ يُعْرِضْ (فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ) فَلَهُ طَلَبُهُ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ.
(وَلَوْ كَانَ فِيهَا) أَيْ: الْغَنِيمَةِ (كَلْبٌ أَوْ كِلَابٌ تَنْفَعُ) لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَأَرَادَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: بَعْضُ الْغَانِمِينَ أَوْ أَهْلِ الْخُمُسِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَمْ يُنَازِعْ) فِيهِ (أُعْطِيَهُ، وَإِلَّا) بِأَنْ نُوزِعَ فِيهِ (قُسِمَتْ) تِلْكَ الْكِلَابُ (إنْ أَمْكَنَ) قِسْمَتُهَا عَدَدًا (وَإِلَّا أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فِيهِمَا، أَمَّا مَا لَا يَنْفَعُ مِنْهَا، فَلَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَقَوْلُهُمْ: عَدَدًا هُوَ الْمَنْقُولُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً، وَيَنْظُرُ إلَى مَنَافِعِهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ هُنَا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الَّذِي عَلِمْته (قَوْلُهُ: أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسِ) وَإِنَّمَا صَحَّ إعْرَاضُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ عَصَى بِسَبَبِ الدَّيْنِ حَرُمَ الْإِعْرَاضُ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابُ حِينَئِذٍ لِتَوَقُّفِ التَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْوَفَاءِ م ر وَمَعَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ إعْرَاضُهُ مَعَ الْحُرْمَةِ، كَمَا فِي ع ش وَلَوْ أَعْرَضَ الشَّخْصُ، ثُمَّ رَجَعَ فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ قَبْلَ تَمَلُّكِ الْغَانِمِينَ فَيُجْعَلُ التَّمَلُّكُ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ، كَمَا لَوْ أَعْرَضَ عَنْ كِسْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا. اهـ. ب ر سم وَاسْتَوْجَهَ م ر فِي شَرْحِهِ عَدَمَ عَوْدِ حَقِّهِ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: إعْرَاضٌ) بِأَنْ يَقُولَ: أَسْقَطْت حَقِّي مِنْ الْغَنِيمَةِ م ر، فَإِنْ قَالَ: وَهَبْت نَصِيبِي فِيهَا لِلْغَانِمِينَ وَقَصَدَ الْإِسْقَاطَ فَكَذَلِكَ، أَوْ تَمْلِيكَهُمْ فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ إفْرَازِهِ) غَايَةٌ لِلرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا فَرَّعَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) التَّفْرِيعُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَأَمَّا الْحُكْمُ فَمُسَلَّمٌ، وَعِبَارَةُ س ل قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ إلَّا بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ اخْتِيَارُ تَمَلُّكِ حَقِّ مَالِي، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّفِيهِ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ، وَالسِّرْجِينِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا يُجْدِي) أَيْ: لَا يَنْفَعُ. (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ بِالْحُرِّ أَوْ الْمُكَاتَبِ) الْأَخْصَرُ حَذْفُ التَّقْيِيدِ بِأَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي حُرٌّ أَوْ مُكَاتَبٌ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا بَعْدَهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ وَفِي نُسْخَةٍ وَبِمَا بَعْدَهُمَا أَيْ: الْحُرِّ، وَالْمُكَاتَبِ.
(قَوْلُهُ: الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ) فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ صَحَّ إعْرَاضُهُ س ل (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِ تَمَلُّكٍ) بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ: اخْتَرْت مِلْكَ نَصِيبِي سم (قَوْلُهُ: بِهِ) وَلَوْ بِدُونِ قِسْمَةٍ ع ش. (قَوْلُهُ: مِنْحَةٌ) أَيْ: عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ.
(قَوْلُهُ:، وَالْمُعْرِضُ عَنْ حَقِّهِ كَمَعْدُومٍ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ حَقُّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِعْرَاضِ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ رَجَعَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمُوصَى لَهُ فَلَهُ رَدُّ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، كَمَا مَرَّ وَأَمَّا مَا بَحَثَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عَوْدِ حَقِّهِ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا بَعْدَهَا تَنْزِيلًا لِإِعْرَاضِهِ مَنْزِلَةَ الْهِبَةِ، وَلِلْقِسْمَةِ مَنْزِلَةَ قَبْضِهَا، وَكَمَا لَوْ أَعْرَضَ مَالِكُ كِسْرَةٍ عَنْهَا لَهُ الْعَوْدُ لِأَخْذِهَا فَبَعِيدٌ، وَقِيَاسُهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا لَيْسَ هِبَةً، وَلَا مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْرَضَ عَنْهُ هُنَا حَقُّ تَمَلُّكٍ لَا عَيْنٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ مِنْ نَحْوِ مُفْلِسٍ؛ وَلِأَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْكِسْرَةِ يُصَيِّرُهَا مُبَاحَةً لَا مَمْلُوكَةً، وَلَا مُسْتَحَقَّةً لِلْغَيْرِ فَجَازَ لِلْمُعْرِضِ أَخْذُهَا، وَالْإِعْرَاضُ هُنَا يَنْقُلُ الْحَقَّ لِلْغَيْرِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْبَاقِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ) مَحَلُّ مُشَارَكَةِ أَهْلِ الْخُمُسِ فِي نَصِيبِ مَنْ أَعْرَضَ إذَا كَانَ الْإِعْرَاضُ قَبْلَ إفْرَازِ خُمُسِهِمْ أَمَّا لَوْ أَعْرَضَ بَعْدَ إفْرَازِهِ فَلَا يُشَارِكُونَ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
. (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ قِسْمَتُهَا عَدَدًا بِأَنْ كَانَتْ الْكِلَابُ عَشْرَةً مَثَلًا، وَالْغَانِمُونَ أَكْثَرَ أَوْ بِالْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: أَقَرَعَ بَيْنَهُمْ) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَيَفُوزُ بِهَا مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) ضَعِيفٌ قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حَقَّ الْمُشَارِكِينَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ بَقِيَّةِ الْمُوصَى لَهُمْ آكَدُّ مِنْ حَقِّ بَقِيَّةِ الْغَانِمِينَ هُنَا، فَسُومِحَ هُنَا بِمَا لَمْ يَتَسَامَحْ بِهِ ثَمَّ، ز ي وَمِثْلُهُ