للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا أَيْ: نَقَضَ عَهْدَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» .

(لِمُسْلِمٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَأَسِيرٍ) وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا وَفَاسِقًا وَسَفِيهًا (أَمَانُ حَرْبِيٍّ مَحْصُورٍ غَيْرِ أَسِيرٍ وَنَحْوِ جَاسُوسٍ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ كَأَهْلِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، فَلَا يَصِحُّ الْأَمَانُ مِنْ كَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ كَسَائِرِ عُقُودِهِمْ، وَلَا مِنْ أَسِيرٍ أَيْ: مُقَيَّدٍ أَوْ مَحْبُوسٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِأَيْدِيهِمْ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَمَانَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَمِّنُ آمِنًا، وَهَذَا لَيْسَ بِآمِنٍ، أَمَّا أَسِيرُ الدَّارِ وَهُوَ الْمُطْلَقُ بِبِلَادِهِمْ الْمَمْنُوعُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهَا فَيَصِحُّ أَمَانُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا يَكُونُ مُؤَمَّنُهُ آمِنًا مِنَّا بِدَارِهِمْ، لَا غَيْرَ، إلَّا أَنْ يُصَرَّحَ بِالْأَمَانِ فِي غَيْرِهَا، وَلَا أَمَانُ حَرْبِيٍّ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَأَهْلِ نَاحِيَةٍ وَبَلَدٍ لِئَلَّا يَنْسَدَّ الْجِهَادُ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ أَمَّنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ، فَكُلُّ وَاحِدٍ لَمْ يُؤَمِّنْ إلَّا وَاحِدًا، لَكِنْ إذَا ظَهَرَ الِانْسِدَادُ رُدَّ الْجَمِيعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَمَّنُوهُمْ دُفْعَةً، فَإِنْ وَقَعَ مُرَتَّبًا فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلِ إلَى ظُهُورِ الْخَلَلِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ، وَلَا أَمَانُ أَسِيرٍ أَيْ: وَأَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ فِيهِ حَقٌّ لَنَا وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ مَنْ أَسَرَهُ، أَمَّا مَنْ أَسَرَهُ فَيُؤَمِّنُهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْإِمَامُ، وَلَا أَمَانُ نَحْوِ جَاسُوسٍ كَطَلِيعَةٍ لِلْكُفَّارِ؛ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ» قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ تَبْلِيغَ الْمَأْمَنِ، وَتَعْبِيرِي بِغَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِشُمُولِهِ السَّكْرَانَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُكَلَّفٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِي: غَيْرِ أَسِيرٍ أَوَّلًا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ " وَغَيْرِ أَسِيرٍ " الثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ) فَلَوْ أُطْلِقَ الْأَمَانُ حُمِلَ عَلَيْهَا، وَيَبْلُغُ بَعْدَهَا الْمَأْمَنَ، وَلَوْ عَقَدَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهَا، وَلَا ضَعْفَ بِنَا بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَأَمَّا الزَّائِدُ لِضَعْفِنَا الْمَنُوطِ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَكَهُوَ فِي الْهُدْنَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ) أَيْ: يَتَحَمَّلُهَا، وَيَعْقِدُهَا مَعَ الْكُفَّارِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَقْدُ الْأَمَانِ عَلَى كَوْنِ الْعَاقِدِ مِنْ الْأَشْرَافِ قَالَ ح ل: وَأَدْنَاهُمْ هُوَ الرَّقِيقَةُ الْمُسْلِمَةُ لِكَافِرٍ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ أَخْفَرَ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإِزَالَةِ أَيْ: مَنْ أَزَالَ خَفَارَتَهُ أَيْ: قَطَعَ ذِمَّتَهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ فَيَكُونُ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِاللَّازِمِ وَفِي الْمِصْبَاحِ خَفَرَ بِالْعَهْدِ يَخْفِرُ بِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ إذَا وَفَّى بِهِ وَخَفَرْتُ الرَّجُلَ حَمَيْتُهُ وَأَجَرْتُهُ مِنْ طَالِبِهِ فَأَنَا خَفِيرٌ، وَالِاسْمُ الْخُفَارَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْخِفَارَةُ مُثَلَّثَةُ الْخَاءِ جُعْ الْخَفِيرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: نَقَضَ عَهْدَهُ) بِأَنْ لَمْ يُنْفِذْهُ مُسْلِمٌ آخَرُ.

(قَوْلُهُ: غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لَمْ يَقُلْ مُكَلَّفٍ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ السَّكْرَانَ كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَانُ حَرْبِيٍّ) وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ نَعَمْ قَيَّدَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِغَيْرِ الْإِمَامِ. أَمَّا هُوَ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ جَاسُوسٍ) الْجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ، وَالنَّامُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ ز ي.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرٍ) إعَادَتُهُ لَا فِي بَعْضِ الْمَعْطُوفَاتِ دُونَ بَعْضٍ نَظَرًا لِلِاتِّحَادِ فِي الْعِلَّةِ وَاخْتِلَافِهَا وَلَمْ يَقُلْ أَوْ صَبِيٍّ، رِعَايَةً لِلْمَتْنِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ امْرَأَةً شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ عَلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَفْهُومِهِ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ نَاحِيَةٍ وَبَلَدٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْآحَادِ لَا لِلْإِمَامِ ز ي وَعِبَارَةُ ع ب وَلِلْآحَادِ أَمَانُ مَحْصُورِينَ كَقَلْعَةٍ وَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَإِقْلِيمٍ وَجِهَةٍ وَبَلَدٍ بِحَيْثُ يَنْسَدُّ الْجِهَادُ. اهـ. قَالَ م ر: وَحَيْثُ أَدَّى الْأَمَانُ إلَى انْسِدَادِ بَابِ الْجِهَادِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ امْتَنَعَ عَلَى الْإِمَامِ، وَالْآحَادِ، وَإِلَّا جَازَ لَهُمَا سم (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَنْسَدَّ الْجِهَادُ) أَيْ: فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَتِلْكَ الْبَلَدِ سم وَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى أَمَانُ الْآحَادِ لِمَحْصُورٍ إلَى انْسِدَادِ بَابِ الْجِهَادِ امْتَنَعَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَفَاءً بِالضَّابِطِ شَيْخُنَا شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ فَمُرَادُهُ تَقْيِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ: مَحْصُورٍ أَيْ: مَحَلُّ جَوَازِ عَقْدِ الْأَمَانِ لِلْحَرْبِيِّ فِي الْمَحْصُورِ إذَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ: إنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ لِمَا قَرَّرُوهُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْصُورِ هُنَا مَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ وَبِغَيْرِ الْمَحْصُورِ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ سَدُّهُ، كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ آمَنَ) بِالْمَدِّ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَيَجُوزُ قَصْرُهُ مَعَ التَّشْدِيدِ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر هُوَ بِالْمَدِّ، وَالتَّخْفِيفُ أَصْلُهُ أَأْمَنَ بِهَمْزَتَيْنِ أُبْدِلَتْ الثَّانِيَةُ أَلْفًا، كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ: قَوْلَهُ: إنْ أَمَّنُوهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.

(قَوْلُهُ: مُرَادُ الْإِمَامِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ رَدَّ الْجَمِيعَ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا أَمَانُ أَسِيرٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ: الْغَيْرَ، وَقَوْلُهُ فَيُؤَمِّنُهُ أَيْ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا (قَوْلُهُ: كَطَلِيعَةٍ لِلْكُفَّارِ) هِيَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْجَيْشِ لِتَطَّلِعَ عَلَى أَحْوَالِ عَدُوِّهِمْ ثُمَّ تُخْبِرُهُمْ ق ل.

(قَوْلُهُ: لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ) أَيْ: لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ، وَلَا يَضُرُّ غَيْرَهُ شَيْخُنَا فَالْمَعْنَى لَا ضَرَرَ تُدْخِلُونَهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا ضِرَارَ لِغَيْرِكُمْ ع ش عَلَى م ر أَيْ: وَأَمَانُ نَحْوِ الْجَاسُوسِ ضَرَرٌ لَنَا.

(قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُكَلَّفٍ) قَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْمُكَلَّفُ وَلَوْ حُكْمًا بِمَعْنَى مَنْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُكَلَّفِينَ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ تَأْمِينِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ مَعَهُمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ز ي أَيْ: فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُعَبِّرَ " بِأَوْلَى " بَدَلَ " أَعَمُّ ". (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ: أَمَانُ (قَوْلُهُ: فَكَهُوَ فِي الْهُدْنَةِ) أَيْ: فَيَجُوزُ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، وَالْأَوْلَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>