للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ، أَمَّا النِّسَاءُ وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى، فَلَا يَتَقَيَّدْنَ بِمُدَّةٍ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ إنَّمَا مُنِعُوا مِنْ سَنَةٍ لِئَلَّا يُتْرَكَ الْجِهَادُ، وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى لَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ.

وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَمَانُ (بِمَا يُفِيدُ مَقْصُودَهُ وَلَوْ رِسَالَةً) وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا (وَإِشَارَةً) مُفْهِمَةً، وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ وَكِنَايَةً وَتَعْلِيقًا بِغَرَرٍ كَقَوْلِهِ: إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ أَمَّنْتُكَ، لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّوْسِعَةِ لِحَقْنِ الدَّمِ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً، وَالصَّرِيحُ كَأَمَّنْتُكَ أَوْ أَجَرْتُكَ أَوْ أَنْتَ فِي أَمَانِي. وَالْكِنَايَةُ كَأَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْتَ. وَإِطْلَاقِي الْإِشَارَةَ لِشُمُولِهَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهَا بِالْقَبُولِ. (إنْ عَلِمَ الْكَافِرُ الْأَمَانَ) بِأَنْ بَلَغَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ بَدَرَ مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ جَازَ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَمَّنَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ وَاشْتِرَاطُهُ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ كَالْغَزَالِيِّ.

(وَلَيْسَ لَنَا نَبْذُهُ) أَيْ: الْأَمَانَ (بِلَا تُهْمَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِنَا، أَمَّا بِالتُّهْمَةِ فَيَنْبِذُهُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَمِّنُ فَتَعْبِيرِي " بِلَنَا " أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْإِمَامِ.

(وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْأَمَانِ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِنَا (مَالُهُ وَأَهْلُهُ) مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَزَوْجَتُهُ إنْ كَانَا (بِدَارِنَا) ، وَكَذَا مَا مَعَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِلَا شَرْطِ دُخُولِهِمَا (إنْ أَمَّنَهُ إمَامٌ) مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ، وَلَا مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِمَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَكَذَا) يَدْخُلَانِ فِيهِ إنْ كَانَا (بِدَارِهِمْ إنْ شَرَطَهُ) أَيْ: الدُّخُولَ (إمَامٌ) لَا غَيْرُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْإِمَامِ مِنْ زِيَادَتِي، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمَانُ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِهِمْ. فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِهِمْ دَخَلَا، وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ، وَلَا مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ بِدَارِنَا دَخَلَا إنْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ لَا غَيْرُهُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَقُولَ: فَهُوَ هُدْنَةٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ هُدْنَةٌ وَإِنْ عَقَدَ بِلَفْظِ الْأَمَانِ اعْتِبَارًا بِمَعْنَاهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ سَنَةٍ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا مَنَعُوا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا قَيَّدَ بِالسَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ وَاجِبٌ كُلَّ سَنَةٍ وَلِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ: لِئَلَّا يَتْرُكَ الْجِهَادَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَدُونَ السَّنَةِ لَا يَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش.

. (قَوْلُهُ: بِمَا يُفِيدُ مَقْصُودَهُ) اشْتِرَاطُ هَذَا فِي غَيْرِ الرَّسُولِ أَمَّا رَسُولُهُمْ الَّذِي دَخَلَ دَارَنَا بِقَصْدِ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ فَهُوَ آمِنٌ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ أَمَانٍ لَهُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِزْيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رِسَالَةً) بِأَنْ أَرْسَلَ لِلْحَرْبِيِّ أَنَّهُ فِي أَمَانِهِ أَيْ: بِلَفْظٍ صَرِيحٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: قُلْ أَنْتَ فِي أَمَانِ فُلَانٍ أَوْ كِنَايَةً مَعَ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا أَيْ: أَوْ صَبِيًّا مَوْثُوقًا بِخَبَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْأَمَانِ، وَالْإِفْتَاءِ، وَالْإِجَازَةِ، وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

إشَارَةٌ لِنَاطِقٍ تُعْتَبَرُ ... فِي الْإِذْنِ وَالْإِفْتَا أَمَانٍ ذَكَرُوا

وَهِيَ مِنْهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّطْقِ بِخِلَافِ الْأَخْرَسِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ س ل (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ الْبَابِ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ كُلِّهِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ رِسَالَةً؛ لِأَنَّهُ مَطْوِيٌّ تَحْتَ الْغَايَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِلْقِيَاسِ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ: فَهَذِهِ تُفِيدُ الْأَمَانَ، كَمَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجَرْتُكَ) بِالْقَصْرِ وَمِثْلُهُ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْكَ أَوْ لَا تَخَفْ ز ي. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: يَصِحُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَمَانُ، وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ قَيْدًا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ أَمَانُ حَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: لِمُسْلِمٍ أَمَانُ حَرْبِيٍّ إلَخْ إنْ عَلِمَ الْكَافِرُ الْأَمَانَ فَيَقْتَضِي أَنَّ عِلْمَ الْكَافِرِ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْأَمَانِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِهِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْأَمَانِ عِلْمُ الْكَافِرِ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَدَرَ مُسْلِمٌ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَلَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ: قَبْلَ عِلْمِهِ وَقَبُولِهِ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُهُ) مُعْتَمَدٌ.

. (قَوْلُهُ: فَيَنْبِذُهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ. اهـ. مُخْتَارٌ.

(قَوْلُهُ:، وَالْمُؤَمِّنُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَمَّا الْمُؤَمَّنُ بِفَتْحِهَا، فَلَهُ نَبْذُهُ مَتَى شَاءَ وَحَيْثُ بَطَلَ أَمَانُهُ وَجَبَ تَبْلِيغُهُ الْمَأْمَنَ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ:، وَيَدْخُلُ إلَخْ) لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْوَالٌ وَهِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ أَوْ غَيْرَهُ، وَالْمُؤَمَّنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ بِدَارِنَا فَالْحَاصِلُ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ مَالُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالدَّارِ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَوْ لَا، فَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ الَّذِي مَعَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ أَوْ لَا، فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي ثَمَانِيَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إمَّا أَنْ يَقَعَ مِنْهُ شَرْطٌ أَوْ لَا، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ تُضْرَبُ فِي سِتَّةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ الَّذِي مَعَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَاضْرِبْ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ. فَاسْتَفِدْهُ فَإِنِّي اسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ فِكْرِي خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: بِدَارِنَا) حَالٌ مِنْ الْحَرْبِيِّ أَوْ نَعْتٌ لَهُ أَيْ: الْكَائِنِ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا. اهـ. ز ي بِخِلَافِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ أَقْوَى تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِدَارِنَا) حَالٌ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ، وَتَقْدِيرُ الشَّارِحِ الشَّرْطَ حَلَّ مَعْنًى.

(قَوْلُهُ: دُخُولِهِمَا) أَيْ: مَالِهِ وَأَهْلِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ إلَخْ) أَمَّا مَا يَحْتَاجُهُ كَثِيَابِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَآلَةِ اسْتِعْمَالِهِ وَنَفَقَةِ مُدَّةِ أَمَانِهِ الضَّرُورِيَّاتِ، فَيَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَهُ) أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ الْكَافِرَ نَفْسَهُ كَائِنٌ بِدَارِنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ: فِي الْأَمَانِ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِنَا، وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي مَالِهِ وَأَهْلِهِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمَانُ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: بِدَارِنَا فِي قَوْلِهِ: وَيَدْخُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>