للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِغَنِيٍّ بِأَرْبَعَةٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يُجِيزُهَا إلَّا كَذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا آخِرَ السَّنَةِ مَا عُقِدَ بِهِ إنْ وُجِدَ بِصِفَتِهِ آخِرَهَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْأَخْذِ لَا بِوَقْتِ الْعَقْدِ نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصّ فَلَوْ عَقَدَ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَامْتَنَعَ الْكَافِرُ مِنْ بَذْلِ الزَّائِدِ فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ، كَمَا سَيَأْتِي. فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ.

(وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ) بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (بَعْدَ سَنَةٍ فَجِزْيَتُهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا وَالْإِرْثِ، وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهَا مَالُ مُعَاوَضَةٍ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الزَّكَاةَ حَيْثُ تُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا (أَوْ) أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: السَّنَةِ (فَقِسْطٌ) مِنْ الْجِزْيَةِ لِمَا مَضَى. كَالْأُجْرَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يَخْلُفَ وَارِثًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ يُعْهَدَ لَهُ مَالٌ، وَكَذَا مَنْ غَابَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ حَضَرَ، وَقَالَ: أَسْلَمْت مِنْ وَقْتِ كَذَا أَيْ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ س ل.

(قَوْلُهُ: وَلِغَنِيٍّ بِأَرْبَعَةٍ) أَيْ: فَأَكْثَرَ. اهـ. م ر، وَالْمُرَادُ بِالْغَنِيِّ هُنَا غَنِيُّ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر فِي غَيْرِ شَرْحِهِ وَهُوَ مَنْ يَفْضُلُ عِنْدَهُ آخِرَ السَّنَةِ بَعْدَ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَكَذَا الْمُتَوَسِّطُ وَهُوَ مَنْ يَفْضُلُ عِنْدَهُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ دُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَفَوْقَ دِينَارَيْنِ وَفِي شَرْحِ م ر وَحَجّ أَنَّهُ غَنِيُّ النَّفَقَةِ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَزِيزِيِّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْغَنِيِّ، وَالْمُتَوَسِّطِ بِأَنَّهُ هُنَا وَفِي الضِّيَافَةِ كَالنَّفَقَةِ بِأَنْ يَزِيدَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ إلَيْهِ لَا بِالْعَاقِلَةِ، إذْ لَا مُوَاسَاةَ هُنَا، وَلَا بِالْعُرْفِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ.

(قَوْلُهُ: لِلْخُرُوجِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ مُغَيًّا بِأَخْذِ دِينَارَيْنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ الْغَنِيِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ عِلَّةٍ أُخْرَى لِاسْتِحْبَابِ الزِّيَادَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَّا كَذَلِكَ) أَيْ: بِأَرْبَعَةٍ فِي الْغَنِيِّ وَبِدِينَارَيْنِ فِي الْمُتَوَسِّطِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَ بِصِفَتِهِ آخِرُهَا) قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا مَحَلُّهُ إذَا عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ، فَإِنْ عُقِدَ عَلَى الْأَعْيَانِ وَجَبَ مَا عُقِدَ بِهِ مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر، وَالْمُمَاكَسَةُ تَكُونُ عِنْدَ الْعَقْدِ إنْ عُقِدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ فَحَيْثُ عُقِدَ عَلَى شَيْءٍ امْتَنَعَ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ وَتَجُوزُ عِنْدَ الْأَخْذِ إنْ عُقِدَ عَلَى الْأَوْصَافِ كَصِفَةِ الْغِنَى، وَالتَّوَسُّطِ. اهـ. أَيْ: كَعَقَدْت لَكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةً، وَالْمُتَوَسِّطِ دِينَارَيْنِ، وَالْفَقِيرِ دِينَارًا مَثَلًا، ثُمَّ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ فَقِيرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ فَيَقُولُ: بَلْ أَنْتَ غَنِيٌّ مَثَلًا فَعَلَيْك أَرْبَعَةٌ هَكَذَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّارِحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَاكَسَةِ هُنَا مُنَازَعَةٌ فِي الْغَنِيِّ وَضِدَّيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُمَاكَسَةَ الْمَارَّةَ، ثُمَّ إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ مُنَازَعَتِهِ فِي نَحْوِ الْغَنِيِّ وَإِنْ عُلِمَ فَقْرُهُ، وَفِيهِ مَا فِيهِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) فَيَبْلُغُ الْمَأْمَنَ فَإِذَا عَادَ لِطَلَبِ الْعَقْدِ بِدِينَارَيْنِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ ع ب وَسم.

(قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا) أَيْ: فِيمَا إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ: الزَّكَاةُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ أَيْ: فَارَقَتْهُمَا أَيْ: فَارَقَتْ الْجِزْيَةَ، وَالدَّيْنَ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ إذَا أَسْلَمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَعَنْ عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَفَهٍ) هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْقِسْطِ فِيهِ الْقِسْطُ مِنْ الْمُسَمَّى مَعَ أَخْذِ الْبَاقِي آخِرَ الْحَوْلِ مِنْ الْمُسَمَّى أَيْضًا لَمْ يَكُنْ لِأَخْذِ الْقِسْطِ مَعْنًى أَوْ أَخْذِ الْقِسْطِ مِنْ دِينَارٍ لِلْبَاقِي فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَ بِالْعَقْدِ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهُوَ رَشِيدٌ لَمْ يَسُغْ إسْقَاطُ الْأَكْثَرِ نَظِيرَ الْأُجْرَةِ، كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَقْدِهَا لِلسَّفِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ مَنْ هُوَ عِنْدَ عَقْدِهَا رَشِيدٌ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ عِنْدَ عَقْدِهَا سَفِيهٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَخْذَ الْقِسْطِ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ إنَّمَا يَتَّضِحُ عَلَى التَّخْرِيجِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ حَجّ ز ي. وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ عُقِدَتْ عَلَى الْأَوْصَافِ وَكَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرِهِ غَنِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ قَبْلَ الْحَجْرِ وَقِسْطُ الْفَقْرِ بَعْدَهُ فَلْيُحَرَّرْ، ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ ح ل فِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ السَّفِيهِ جَمِيعُ الْمُسَمَّى لَا قِسْطُهُ. اهـ. فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ: أَوْ سَفَهٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَصِحُّ عَقْدُهَا لِلسَّفِيهِ ابْتِدَاءً كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: لَكِنْ لَا تُعْقَدُ لِسَفِيهٍ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، فَإِذَا طَرَأَ السَّفَهُ فِي الْأَثْنَاءِ لَا يُبْطِلُهَا بَلْ يَسْتَمِرُّ عَقْدُهَا، وَيَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ آخِرَ الْحَوْلِ اهـ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ أَوْ سَفَهٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: بِفَلَسٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يَصِحُّ عَقْدُ الْجِزْيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ مِنْ شُرُوطِ الْمَعْقُودِ لَهُ عَدَمُ الْحَجْرِ فَطُرُوُّهُ لَا يُبْطِلُهَا، وَحِينَئِذٍ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ الْقِسْطِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْقِطُ الْبَاقِيَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ: فَقِسْطٌ) أَيْ: يُؤْخَذُ وَهُوَ فِي الْمُفْلِسِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَسَمَ مَالَهُ، وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ أَيْ: وَتُؤْخَذُ بِتَمَامِهَا وَيُضَارَبُ الْإِمَامُ بِالْوَاجِبِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>