للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَاصًّا مُسْتَغْرِقًا، وَإِلَّا فَمَالُهُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ فَيْءٌ، فَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَاقِي بَعْدَ الْقِسْطِ فِي الثَّانِي. وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ) مِنْهُ (بِرِفْقٍ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْمَذْكُورِ فِي آيَتِهَا أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، كَمَا فَسَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَتَفْسِيرُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ الْآخِذُ وَيَقُومَ الْكَافِرُ وَيُطَأْطِئَ رَأْسَهُ وَيَحْنِيَ ظَهْرَهُ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضَ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبَ لِهْزِمَتَيْهِ وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى سَنِّهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَشَدُّ بُطْلَانًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا.

(وَسُنَّ لِإِمَامٍ أَنْ يَشْرِطَ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (عَلَى غَيْرِ فَقِيرٍ) مِنْ غَنِيٍّ أَوْ مُتَوَسِّطٍ (ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ مِنَّا) بِخِلَافِ الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَا تَتَيَسَّرُ لَهُ (زَائِدَةً عَلَى) أَقَلِّ (جِزْيَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَالْجِزْيَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ) وَإِطْلَاقِي مَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ز ي وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي خِلَالِهَا ضَارَبَ الْإِمَامُ مَعَ الْغُرَمَاءِ حَالًا إنْ قُسِمَ مَالُهُ، وَإِلَّا فَآخِرَ الْحَوْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا أَصْلًا أَوْ خَلَفَ وَارِثًا غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ وَقَوْلُهُ: فَمَا لَهُ أَيْ: فِي الْأُولَى أَوْ الْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ نَقُلْ بِالرَّدِّ، وَإِلَّا فَلَا يُتَّجَهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالرَّدِّ يَشْمَلُ الْكَافِرَ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ وَقَوْلُهُ: بَعْدُ أَيْ: مَعَ قِسْطِ الْجِزْيَةِ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ " فَبَعْدُ " بِمَعْنَى " مَعَ " تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقِسْطِ) عِبَارَةُ حَجّ وَم ر، فَإِنْ كَانَ أَيْ: الْوَارِثُ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أَخَذَ الْإِمَامُ مِنْ نَصِيبِهِ بِقِسْطِهِ وَسَقَطَ الْبَاقِي اهـ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَالْبَاقِي أَيْ: وَيَسْقُطُ الْبَاقِي مِنْ الْجِزْيَةِ بَعْدَ الْقِسْطِ الْمَأْخُوذِ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ س ل كَأَنْ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَخَلَفَ سِتِّينَ دِينَارًا مَثَلًا، فَالْبِنْتُ لَهَا ثَلَاثُونَ فَيُوَزَّعُ نِصْفُ الدِّينَارِ عَلَى نَصِيبِهَا وَعَلَى الْبَاقِي فَيَخُصُّهَا رُبُعُ دِينَارٍ يُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِهَا، وَيَسْقُطُ الرُّبُعُ الَّذِي يَخُصُّ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ شَيْخُنَا قَالَ سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْهَا وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ الْمَذْكُورُ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ: أَوَّلَ الْبَابِ وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا الَّذِي تَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَزِنًا وَسَرِقَةٍ دُونَ غَيْرِهِ كَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَنِكَاحِ مَجُوسِيٍّ مَحَارِمَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ لَا يَعْتَقِدُ حِلَّهُ لَا أَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُسْتَنِدًا لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَلِمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إجْرَاءَ الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ اسْتِنَادُهُ لِدِينِنَا دَلَّ عَلَيْهِ " وَصَغَارٌ لَهُ "؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ دِينَنَا فَإِلْزَامُهُ بِاعْتِبَارِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ وَافَقَ اعْتِقَادَهُ؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِ. اهـ. سم.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا يَعْتَقِدُ حِلَّهُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَشْمَلُ اعْتِقَادَ التَّحْرِيمِ وَعَدَمَ الِاعْتِقَادِ أَصْلًا مَعَ أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ اعْتِقَادُ التَّحْرِيمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ تَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ فَمُرَادُهُ بِالْإِشَارَةِ الذِّكْرُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَالثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ إنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ لَا يَكُونُ انْقِيَادُهُمْ إلَيْهِ ذُلًّا لِمُوَافَقَةِ اعْتِقَادِهِمْ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ دَلَّ بِاعْتِبَارِ اسْتِنَادِهِ إلَى دِينِنَا.

(قَوْلُهُ:، وَيَضْرِبُ) أَيْ: بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً لِهْزِمَتَيْهِ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَالزَّايِ أَيْ: كُلًّا ضَرْبَةَ وَاحِدَةً. وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَحَدِهِمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى سِنِّهَا) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا هَلْ هِيَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهَةٌ؟ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ التَّحْرِيمُ س ل وَجَزَمَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ بِالتَّحْرِيمِ لِلْإِيذَاءِ وَنَقَلَ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّهَا حَرَامٌ إنْ تَأَذَّى بِهَا، وَإِلَّا، فَمَكْرُوهَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَشَدَّ بُطْلَانًا) أَيْ: مِنْ دَعْوَى أَصْلِ جَوَازِهَا رَشِيدِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لِإِمَامٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ كَالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ، فَمَتَى أَمْكَنَهُ وَجَبَ وَاخْتَارَهُ طب حَيْثُ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ اهـ عَمِيرَةُ سم.

(قَوْلُهُ: مَنْ يَمُرُّ بِهِ) قَالَ فِي ع ب: فَلَوْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ أَحَدٌ لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ اهـ وَعِبَارَةُ م ر، وَلَا يُطَالِبُهُمْ بِعِوَضٍ إنْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ ضَيْفٌ (قَوْلُهُ: مِنَّا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمَارُّ غَنِيًّا غَيْرَ مُجَاهِدٍ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ دُخُولِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ لِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصِ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى أَقَلِّ جِزْيَةٍ) لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: أَقَلِّ إذْ الضِّيَافَةُ زَائِدَةٌ عَلَى الْجِزْيَةِ قُلْت أَوْ كَثُرَتْ وَيُقَالُ: إنَّ الشَّارِحَ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ: أَقَلِّ س ل وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ صَنِيعِ م ر وَحَجّ أَنَّ ذِكْرَ الْأَقَلِّ مُتَعَيَّنٌ، وَعِبَارَتُهُمَا مَعَ الْمَتْنِ زَائِدًا عَلَى أَقَلَّ الْجِزْيَةِ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا مِنْ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجِزْيَةِ التَّمْلِيكُ وَمِنْ الضِّيَافَةِ الْإِبَاحَةُ وَقِيلَ: تَجُوزُ مِنْهَا أَيْ: الْجِزْيَةُ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِوَاهَا وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا كَالْمُمَاكَسَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِأَقَلَّ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا عُقِدَتْ لِلْغَنِيِّ، وَالْمُتَوَسِّطِ بِدِينَارٍ لِجَوَازِهِ، كَمَا قَالَهُ م ر؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا ضِيَافَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ زَائِدَةً عَلَى الْأَقَلِّ.

(قَوْلُهُ: ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، فَإِنْ شَرَطَ فَوْقَهَا مَعَ رِضَاهُمْ جَازَ وَيُشْتَرَطُ تَزْوِيدُ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَوْ امْتَنَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>