أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ فِيهَا مُسْلِمٌ (لَا) إنْ كَانُوا (بِدَارِ حَرْبٍ خَلَتْ عَنْ مُسْلِمٍ) فَلَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ إذْ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهَا بِخِلَافِ دَارِنَا (إلَّا إنْ شُرِطَ) الدَّفْعُ عَنْهُمْ (أَوْ انْفَرَدُوا بِجِوَارِنَا) فَيَلْزَمُنَا ذَلِكَ؛ لِالْتِزَامِنَا إيَّاهُ فِي الْأُولَى، وَإِلْحَاقًا لَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ بِنَا فِي الْعِصْمَةِ وَقَوْلِي: لَا بِدَارٍ إلَّا إنْ شُرِطَ مَعَ تَقْيِيدِ مَا بَعْدَهُ بِقَوْلِي: بِجِوَارِنَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَزِمَنَا (ضَمَانُ مَا نُتْلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا مَالًا) أَيْ: يَضْمَنُهُ الْمُتْلِفُ لِعِصْمَتِهِمْ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا.
(وَ) لَزِمَنَا (مَنْعُهُمْ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ وَنَحْوِهَا) كَبِيعَةٍ وَصَوْمَعَةٍ لِلتَّعَبُّدِ فِيهِمَا (وَ) لَزِمَنَا (هَدْمُهُمَا) بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ كَبَغْدَادَ وَالْقَاهِرَةِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ كَالْيَمَنِ وَالْمَدِينَةِ أَوْ فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً كَمِصْرِ وَأَصْبَهَانَ أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ لَنَا لَمْ نَشْرِطْ إحْدَاثَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْعِ، وَلَا إبْقَاءَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَنَا (لَا بِبَلَدٍ فَتَحْنَاهُ صُلْحًا وَشُرِطَ) كَوْنُهُ (لَنَا مَعَ إحْدَاثِهِمَا) فِي الْأُولَى (أَوْ إبْقَائِهِمَا) فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) شُرِطَ كَوْنُهُ (لَهُمْ) وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهُ فَلَا نَمْنَعُهُمْ إحْدَاثهمَا، وَلَا نَهْدِمُهُمَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُمْ فِيمَا إذَا شُرِطَ لَهُمْ وَكَأَنَّهُمْ اسْتَثْنَوْا إحْدَاثَهُمَا أَوْ إبْقَاءَهُمَا فِيمَا إذَا شُرِطَ لَنَا نَعَمْ، لَوْ وُجِدْنَا بِبَلَدٍ لَمْ نَعْلَمْ إحْدَاثَهُمَا بِهِ بَعْدَ إحْدَاثِهِ أَوْ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ أَوْ فَتْحِهِ، وَلَا وُجُودَهُمَا بِهَا عِنْدَهَا لَمْ نَهْدِمْهُمَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا كَانَتَا فِي قَرْيَةٍ أَوْ بَرِّيَّةٍ، فَاتَّصَلَتْ بِهِمَا عِمَارَتُنَا وَقَوْلِي: وَنَحْوُهَا مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْفَتْحِ صُلْحًا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْبَلَدِ لَنَا مَعَ شَرْطِ إحْدَاثِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَافِرِ تَوَهُّمُ نَقْصٍ فِي مَقَامِهِ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ فِيهَا مُسْلِمٌ) إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَلْزَمُنَا دَفْعُ الْمُسْلِمِ عَنْهُمْ أَوْ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ عَنْ الْمُسْلِمِ إلَّا بِالدَّفْعِ عَنْهُمْ فَقَرِيبٌ، أَوْ دَفْعِ الْحَرْبِيِّينَ عَنْهُمْ بِخُصُوصِهِمْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ ع ش وَس ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إلَى إلَّا إنْ شَرَطَ إلَخْ) الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ فَهِيَ أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ فَاَلَّذِي لِلْأَصْلِ هُنَا هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ انْفَرَدُوا فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ) لَكِنَّ مَنْ غَصَبَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَيْهِمْ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَعْصِي بِإِتْلَافِهَا إلَّا إنْ أَظْهَرُوهَا س ل. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهَا) كَخِنْزِيرٍ ع ش.
. (قَوْلُهُ: لِلتَّعَبُّدِ فِيهِمَا) وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَمَّا الْكَنِيسَةُ الَّتِي لِنُزُولِ الْمَارَّةِ فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ لِعُمُومِ النَّاسِ، فَإِنْ قَصَرُوهَا عَلَى أَهْلِ دِينِهِمْ فَوَجْهَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ أَيْضًا ز ي.
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَنَا هَدْمُهُمَا) أَيْ: إنْ خَالَفُوا وَأَحْدَثُوا أَوْ وَجَدْنَاهُمَا فِيمَا ذَكَرَ وَلَمْ يُحْتَمَلْ أَنَّهُمَا كَانَا بِبَرِّيَّةٍ، ثُمَّ اتَّصَلَتْ بِهِمَا عِمَارَتُنَا ع ن. (قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ) بَيَانٌ لِمُفَادِ الْعُمُومِ الَّذِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَفِيهِ أَيْضًا بَيَانُ مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: لَا بِبَلَدٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ: أَحْدَثْنَاهُ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً مَفْهُومُ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: أَوْ صُلْحًا مُطْلَقًا مَفْهُومُ الثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَشَرَطَ لَنَا أَوْ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ إلَخْ مَفْهُومُ الرَّابِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَعَ إحْدَاثِهِمَا أَوْ إبْقَائِهِمَا. تَأَمَّلْ. وَفِيهِ أَيْضًا بَيَانٌ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: لَا بِبَلَدٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مُقَدَّرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ.
(قَوْلُهُ:، وَالْقَاهِرَةُ) اسْمٌ لِمِصْرِ الْآنَ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمْ مُسْتَعْلِينَ وَمُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا صُلْحٍ. اهـ. حَجّ، وَيَجُوزُ جَعْلُ عَلَى لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ مَعَهُ أَيْ: مُصَاحِبِينَ لَهُ وَكَائِنِينَ فِيهِ أَوْ بِمَعْنَى فِي أَيْ: كَائِنِينَ فِيهِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ:، وَالْمَدِينَةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِجَازِ وَهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ سُكْنَاهُ مُطْلَقًا، كَمَا مَرَّ س ل وَز ي، قَالَ ع ش قَوْلُهُ:، وَالْمَدِينَةُ مِثَالٌ لِمَا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ قَابِلًا لِإِقَامَةِ الْكَافِرِ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَدِينَةَ مِنْ الْحِجَازِ وَهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَمِصْرِ) أَيْ: الْقَدِيمَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لَا بِشَرْطِ كَوْنِهِ لَنَا، وَلَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي مِلْكَ الْأَرْضِ لَنَا ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَنَا) تَعْلِيلٌ لِلصُّوَرِ الْخَمْسَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ بِبَلَدٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إبْقَائِهِمَا) وَإِذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ فَلَهُمْ التَّرْمِيمُ وَلَوْ بِآلَةٍ جَدِيدَةِ وَلَهُمْ تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً حَتَّى فِي حَقِّهِمْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ الْإِذْنُ لَهُمْ فِيهِ، وَلَا لِمُسْلِمٍ إعَانَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا إيجَارُ نَفْسِهِ لِلْعَمَلِ فِيهِ س ل.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَنَا هَدْمُهُمَا. (قَوْلُهُ: إحْدَاثَهُمَا) أَيْ: الْكَنِيسَةِ وَنَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فَتْحُهُ) أَيْ: أَوْ بَعْدَ فَتْحِهِ فَهُوَ بِالْجَرِّ وَقَوْلُهُ:، وَلَا وُجُودَهُمَا بِالنَّصْبِ أَيْ: وَلَمْ نَعْلَمْ وُجُودَهُمَا وَقَوْلُهُ: عِنْدَهَا أَيْ: عِنْدَ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ الْإِحْدَاثُ، وَالْإِسْلَامُ عَلَيْهِ وَفَتْحُهُ أَيْ: عِنْدَ أَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: لَمْ نَهْدِمْهُمَا) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ خَصَّهُ الْجَلَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالْبَلَدِ الَّذِي أَحْدَثْنَاهُ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَأَتِّيهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُصُوصًا فِي الْأَخِيرَةِ فَإِنَّا إذَا فَتَحْنَا بَلَدًا عَنْوَةً صَارَ عَامِرُهَا وَمَوَاتُهَا أَرْضَ إسْلَامٍ وَإِنْ كَانَ الْمَوَاتُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْإِحْيَاءِ فَكَيْفَ يُقَرُّونَ عَلَى شَيْءٍ فِي أَرْضٍ جَرَى عَلَيْهَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ بِاحْتِمَالٍ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ وَاتَّصَلَتْ بِهَا عِمَارَتُنَا أَلَيْسَ لِتِلْكَ الْبَرِّيَّةِ حُكْمُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْفَتْحِ، وَالِاسْتِيلَاءِ؟ لِذَلِكَ نَعَمْ إنْ شَكَكْنَا فِي عُمُومِ الْفَتْحِ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ اُتُّجِهَ ذَلِكَ اهـ عَمِيرَةُ وسم.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْفَتْحِ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ الرَّابِعَةُ فِي كَلَامِهِ وَعَدَّهَا مِنْ زِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي كَلَامِهِ ضِمْنًا لِأَنَّهَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِ الْبَلَدِ لَنَا هَذِهِ هِيَ الْأُولَى مِمَّا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: عَدَمُ مَنْعِ إحْدَاثِهِمَا