فِي الْأَخِيرَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّاهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمَهُ عَلَى مَا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ، وَمَسْأَلَةُ الْهَدْمِ بِبَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) لَزِمَنَا (مَنْعُهُمْ مُسَاوَاةَ بِنَاءٍ لِبِنَاءِ جَارِ مُسْلِمٍ) وَرَفْعُهُ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ رَضِيَ لِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَلِخَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَلِئَلَّا يَطَّلِعُوا عَلَى عَوْرَاتِنَا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَارٌ مُسْلِمٌ، كَأَنْ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ أَوْ بَعُدُوا عَنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِ؛ عُرْفًا إذَا الْمُرَادُ بِالْجَارِ أَهْلُ مَحَلَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ الْبَلَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(وَ) مَنْعُهُمْ (رُكُوبًا لِخَيْلٍ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ الْبَرَاذِينَ الْخَسِيسَةَ، وَخَرَجَ بِالْخَيْلِ غَيْرُهَا كَالْحَمِيرِ وَالْبِغَالِ وَلَوْ نَفِيسَةً (وَ) رُكُوبًا (بِسَرْجٍ أَوْ رُكُبِ نَحْوِ حَدِيدٍ) كَرَصَاصٍ تَمْيِيزًا لَهُمْ عَنَّا بِخِلَافِ بَرْذَعَةٍ وَرَكْبِ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَيُؤْمَرُونَ بِالرُّكُوبِ عَرْضًا وَقِيلَ: لَهُمْ الِاسْتِوَاءُ، وَاسْتَحْسَنَ الشَّيْخَانِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَهَذَا فِي الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ أَيْ: الْعُقَلَاءِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَزِمَنَا (إلْجَاؤُهُمْ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (لِزَحْمَتِنَا إلَى أَضْيَقِ طُرُقٍ) بِحَيْثُ لَا يَقَعُونَ فِي وَهْدَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الْبَلَدِ لَنَا مَعَ شَرْطِ إحْدَاثِ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ: مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَا فِي ع ش مِنْ أَنَّهَا الَّتِي فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَنْعِ) أَيْ: مَنْعِ إحْدَاثِهِمَا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ فَيَكُونُ كَلَامُ الْمَتْنِ مُقَيَّدًا بِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: عَدَمُهُ أَيْ: عَدَمُ مَنْعِ إحْدَاثِهِمَا الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ
(قَوْلُهُ: مُسَاوَاةَ) أَيْ: إحْدَاثِ الْمُسَاوَاةِ فَخَرَجَ مَا لَوْ مَلَكَ ذِمِّيٌّ دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ فَلَا يُكَلَّفُ هَدْمَهَا بَلْ يُمْنَعُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ صُعُودِ سَطْحِهَا بِلَا تَحْجِيرٍ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ: بِنَاءَ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ، وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ زِيَادَةَ تَعْلِيَةٍ إنْ كَانَ بِنَحْوِ بِنَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِمَصْلَحَتِنَا لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ لِذَلِكَ، وَيَبْقَى رَوْشَنُهَا، كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْإِسْلَامِ قَدْ زَالَ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَهُ اسْتِئْجَارُهَا أَيْضًا وَسُكْنَاهَا وَلَوْ انْهَدَمَتْ هَذِهِ الدَّارُ فَلَهُ إعَادَتُهَا وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الرَّفْعِ وَالْمُسَاوَاةِ، وَلَوْ بَنَى دَارًا عَالِيَةً أَوْ مُسَاوِيَةً ثُمَّ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ لَمْ يَسْقُطْ الْهَدْمُ إنْ كَانَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا سَقَطَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَبْقَى تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ جَارٍ مُسْلِمٍ) مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ بِنَاءُ الْمُسْلِمِ مِمَّا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى فَلَوْ كَانَ قَصِيرًا لَا يُعْتَادُ فِيهَا إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بِنَاؤُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ هَدَمَهُ إلَى أَنْ صَارَ كَذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الذِّمِّيُّ مِنْ بِنَاءِ جِدَارِهِ عَلَى أَقَلِّ مَا يُعْتَادُ فِي السُّكْنَى الَّذِي عَطَّلَهُ الْمُسْلِمُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ تَعَطَّلَ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ. اهـ. خ ط وَلَوْ لَاصَقَتْ دَارُ الذِّمِّيِّ دَارَ مُسْلِمٍ مِنْ أَحَدِ جَوَانِبِهَا اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ عَدَمُ الِارْتِفَاعِ، وَالْمُسَاوَاةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْجَوَانِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَارَ فِيهَا س ل وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَرَفْعَهُ) وَإِنْ خَافُوا مِنْ سُرَّاقٍ يَقْصِدُونَهُمْ م ر.
(قَوْلُهُ: أَهْلُ مَحَلَّتِهِ) ، وَكَذَا الْمُلَاصِقُ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْأُخْرَى، وَالْمَحَلُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَالْكَسْرِ لُغَةً: مَوْضِعُ الْحُلُولِ، وَالْمَحِلُّ بِالْكَسْرِ الْأَجَلُ، وَالْمَحَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ. اهـ. مِصْبَاحٌ.
. (قَوْلُهُ: وَرُكُوبًا لِخَيْلٍ) ، وَالْأَوْجَهُ، كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَنْعُهُ مِنْ الرُّكُوبِ مُطْلَقًا فِي مَوَاطِنِ زَحْمَتِنَا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهَانَةِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ حَمْلِ السِّلَاحِ، وَالتَّخَتُّمِ وَلَوْ بِفِضَّةٍ وَاسْتِخْدَامِ مَمْلُوكٍ فَارِهٍ أَيْ: مَلِيحٍ حَسَنٍ كَتُرْكِيٍّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ عِزًّا) مَحَلُّ الْمَنْعِ مِنْهُ وَمِمَّا بَعْدَهُ إذَا كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانُوا فِي دَارِهِمْ أَوْ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ فِي غَيْرِ دَارِنَا فَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يُشْبِهُ تَرْجِيحَ الْجَوَازِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبِنَاءِ ذَكَرَهُ ز ي.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْجُوَيْنِيُّ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفِيسَةَ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا خَسِيسَةٌ فِي ذَاتِهَا وَقَالَ شَيْخُنَا ع ش يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ النَّفِيسَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ الْآنَ مَرْكُوبَ الْعُلَمَاءِ، وَالْقُضَاةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَح ف. (قَوْلُهُ: وَبِسَرْجٍ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ السَّرْجِ، وَالرَّكْبِ يَكُونُ لِلْخَيْلِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ رُكُوبِهَا فَلَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ: وَبِسَرْجٍ إلَخْ تَأَمَّلْ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْعُهُمْ مِنْ السَّرْجِ، وَالرَّكْبِ فِيمَا يُمَكَّنُونَ مِنْ رُكُوبِهِ مِنْ الْخَيْلِ وَهُوَ الْبَرَاذِينُ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا، وَكَذَا يُمْنَعُونَ مِنْ وَضْعِهَا عَلَى الْبِغَالِ فِي حَالِ رُكُوبِهَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ رُكُبٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَالْكَافِ جَمْعُ رِكَابٍ.
(قَوْلُهُ: كَرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ع ش (قَوْلُهُ: عَرْضًا) أَيْ: مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا، وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ أَنْ يَجْعَلَ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبٍ وَظَهْرَهُ فِي جَانِبٍ ز ي وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر رَادًّا بِهِ عَلَيْهِ فِي تَقْيِيدِهِ بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ) أَيْ: فَيَرْكَبُ عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَقَوْلُهُ:، وَالْقَرِيبَةُ أَيْ: فَيَرْكَبُ عَرْضًا س ل.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَنْعُ رُكُوبِهِمْ الْخَيْلَ وَبِسَرْجٍ وَبِرَكْبِ نَحْوِ حَدِيدٍ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي الذُّكُورِ إلَخْ) خَرَجَ النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ، وَالْمَجَانِينُ إذْ لَا صَغَارَ عَلَيْهِمْ وَفَارَقَ أَمْرَهُمْ بِنَحْوِ الْغِيَارِ، وَالزُّنَّارِ بِأَنَّهُ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِهِ بِخِلَافِ هَذَا، وَبَحَثَ ابْنُ الصَّلَاحِ مَنْعَهُمْ مِنْ خِدْمَةِ الْمُلُوكِ، وَالْأُمَرَاءِ كَرُكُوبِ الْخَيْلِ. اهـ. حَجّ سم وَشَرْحُ م ر قَالَ ع ش: عَلَيْهِ أَيْ: خِدْمَةٍ تُؤَدِّي إلَى تَعْظِيمِهِمْ بِتَرَدُّدِ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَمَحَلُّ الِامْتِنَاعِ مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِخْدَامِهِ بِأَنْ لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَزِمَنَا إلْجَاؤُهُمْ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ