للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا ذُكِرَ (عُزِّرُوا) وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ) وَإِنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ.

(وَلَوْ قَاتَلُونَا، وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ) كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ (أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً) بِأَنْ امْتَنَعُوا مِنْ بَذْلِ مَا عُقِدَ بِهِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى دِينَارٍ (أَوْ إجْرَاءِ حُكْمِنَا عَلَيْهِمْ انْتَقَضَ) عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ مَوْضُوعَ الْعَقْدِ.

(وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ وَلَوْ بِنِكَاحٍ) أَيْ: بِاسْمِهِ (أَوْ دَلَّ أَهْلُ حَرْبٍ عَلَى عَوْرَةٍ) أَيْ: خَلَلٍ (لَنَا) كَضَعْفٍ (أَوْ دَعَا مُسْلِمًا لِلْكُفْرِ أَوْ سَبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ نَبِيًّا لَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: رَسُولَ اللَّهِ (أَوْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْقُرْآنَ بِمَا لَا يَدِينُونَ بِهِ أَوْ) فَعَلَ (نَحْوَهَا) كَقَتْلِ مُسْلِمٍ عَمْدًا وَقَذْفِهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُ) بِهِ (إنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِهِ) وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي النَّصِّ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ بِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَسَوَاءٌ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَمْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجِبُ مَا فَعَلَهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، أَمَّا مَا يَدِينُونَ بِهِ كَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقَوْلِهِمْ: اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا انْتِقَاضَ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَقَوْلِي: بِمَا لَا يَدِينُونَ بِهِ مَعَ أَوْ نَحْوُهَا مِنْ زِيَادَتِي، وَكَذَا التَّصْرِيحُ بِسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى.

(وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ قُتِلَ) ، وَلَا يُبْلَغُ الْمَأْمَنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: ١٩١] ؛ وَلِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِبْلَاغِهِ مَأْمَنَهُ مَعَ نَصْبِهِ الْقِتَالَ (أَوْ بِغَيْرِهِ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (وَلَمْ يَسْأَلْ تَجْدِيدَ عَهْدٍ فَلِلْإِمَامِ الْخِيرَةُ فِيهِ) مِنْ قَتْلٍ وَإِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُلْحِقَهُ بِمَأْمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا أَمَانَ لَهُ كَالْحَرْبِيِّ وَيُفَارِقُ مَنْ أَمَّنَهُ صَبِيٌّ حَيْثُ يُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ إنْ ظَنَّ صِحَّةَ أَمَانِهِ بِأَنَّ ذَاكَ يَعْتَقِدُ لِنَفْسِهِ أَمَانًا، وَهَذَا فِعْلٌ بِاخْتِيَارِهِ مَا أَوْجَبَ الِانْتِقَاضَ، أَمَّا لَوْ سَأَلَ تَجْدِيدَ عَهْدٍ فَتَجِبُ إجَابَتُهُ (فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا) أَيْ: الْخِيرَةِ (تَعَيَّنَ مَنٌّ) فَيَمْتَنِعُ الْقَتْلُ وَالْإِرْقَاقُ وَالْفِدَاءُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ كَانَ لَا يُحَدُّ بِهِ وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْخِنْزِيرِ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ: مِمَّا مُنِعُوا مِنْهُ شَرْعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ عَلَى إظْهَارِهِ قَبْلَ الْمَنْعِ وَلَوْ مِمَّا عُلِمَ أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْهُ شَرْعًا شَوْبَرِيٌّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجَعَ جَمِيعَ مَا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالظُّهُورِ بِأَنْ خَالَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهِ إظْهَارِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ) فَيَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ التَّخْوِيفَ، وَالْإِرْعَابَ سم ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ) فِي كَوْنِهِمْ يَتَدَيَّنُونَ بِإِظْهَارِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّدَيُّنِ اعْتِقَادَ الْحِلِّ ح ل

(قَوْلُهُ: وَلَا شُبْهَةَ لَهُمْ) أَمَّا إذَا كَانَ لَهُمْ شُبْهَةٌ كَأَنْ أَعَانُوا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَادَّعَوْا الْجَهْلَ أَوْ صَالَ عَلَيْهِمْ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَلَصِّصِي الْمُسْلِمِينَ وَقُطَّاعِهِمْ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ س ل.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَاتَلُوا بِشُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبُغَاةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ:، كَمَا مَرَّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَبَوْا جِزْيَةً) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ أَمَّا الْعَاجِزُ إذَا اُسْتُمْهِلَ فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ أَخْذُهَا مِنْ الْمُوسِرِ قَهْرًا، وَلَا يُنْتَقَضُ وَيُخَصُّ الِانْتِقَاضُ بِالْمُتَغَلِّبِ الْمُقَاتِلِ س ل وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِأَبَوْا أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا أَبَى مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ مَعَ الْتِزَامِهَا لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ. اهـ. سم بِالْمَعْنَى وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ضَعِيفٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ، وَالْجَمَاعَةِ م ر اهـ ز ي.

(قَوْلُهُ: أَوْ إجْرَاءَ حُكْمِنَا) قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ عَدَمُ الِانْقِيَادِ لِأَحْكَامِنَا إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِقُوَّةٍ وَنَصْبٍ لِلْقِتَالِ وَأَمَّا الْمُمْتَنِعُ هَارِبًا فَلَا يُنْتَقَضُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي خ ط س ل. (قَوْلُهُ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُمْ) أَيْ: عَهْدُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمْ م ر.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ) أَوْ لَاطَ بِمُسْلِمٍ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُ الزِّنَا مُقَدِّمَاتُهُ قَالَهُ النَّاشِرِيُّ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنِكَاحٍ) بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا حَالَ إسْلَامِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا حَالَ كُفْرِهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ فَقَدْ يُسْلِمُ فَيَسْتَمِرُّ نِكَاحُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى) أَيْ: جَهْرًا ع ب شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ لِلنَّبِيِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَقَتْلِ مُسْلِمٍ) مُقْتَضَى التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ ذِمِّيًّا أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ الرَّاجِحُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ) أَيْ: فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ حَتَّى لَوْ عَفَتْ وَرَثَةُ الْمُسْلِمِ الَّذِي قَتَلَهُ عَمْدًا قُتِلَ لِلْحِرَابَةِ، وَيَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: إنْ شُرِطَ انْتِقَاضَهُ بِهِ) وَلَوْ شُرِطَ انْتِقَاضُهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قُتِلَ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِزِنَاهُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا بِمُسْلِمَةٍ صَارَ مَالُهُ فَيْئًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْتُولٌ تَحْتَ أَيْدِينَا لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَقَارِبِهِ الذِّمِّيِّينَ لِعَدَمِ التَّوَارُثِ، وَلَا لِلْحَرْبِيِّينَ؛ لِأَنَّا إذَا قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِمْ أَخَذْنَاهُ فَيْئًا أَوْ غَنِيمَةً وَشَرْطُ الْغَنِيمَةِ هُنَا لَيْسَ مَوْجُودًا خ ط س ل (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا: الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ صَارُوا لَا دِينَ لَهُمْ: لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَا هُمْ مُتَدَيِّنُونَ بِهِ مِنْ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: شَرْطُ انْتِقَاضِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ خَالَفُوا عُزِّرُوا، وَلَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُمْ وَإِنْ شَرَطَ انْتِقَاضَهُ بِهِ ع ن.

. (قَوْلُهُ: قُتِلَ) أَيْ: وُجُوبًا، كَمَا اعْتَمَدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: قُتِلَ أَيْ: جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَيُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي كَامِلٍ فَفِي غَيْرِهِ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِهِ كَانَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ فَفِي عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَإِرْقَاقٍ) الْوَاوُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى أَوْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمَأْمَنِهِ) الْمُرَادُ بِهِ أَقْرَبُ بِلَادِ الْحَرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>