وَقْتُ الْمَنْذُورِ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ قَضَاءً وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الْمُعَيَّنَةُ (فِي الثَّانِيَةِ) وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ (بَقِيَ الْأَصْلُ) عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا الْتَزَمَهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَالْمُعَيَّنُ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إلَى حُصُولِ الْوَفَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدِينِهِ سِلْعَةً بِدَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَعُودُ الدَّيْنُ كَذَلِكَ يَبْطُلُ التَّعْيِينُ هُنَا وَيَعُودُ مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا كَانَ (أَوْ) تَلِفَتْ (فِي الْأُولَى) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِلَا تَقْصِيرٍ فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ عَنْهَا بِالنَّذْرِ وَصَارَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَإِطْلَاقِي لِلتَّلَفِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِقَبْلِ الْوَقْتِ (أَوْ) تَلِفَتْ فِيهَا (بِهِ) أَيْ بِتَقْصِيرٍ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَتْلَفَهَا (لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهَا) يَوْمَ النَّحْرِ (وَقِيمَتُهَا) يَوْمَ التَّلَفِ (لِيَشْتَرِيَ بِهَا كَرِيمَةً أَوْ مِثْلَيْنِ) لِلْمُتْلَفَةِ (فَأَكْثَرَ) فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ شَارَكَ بِهِ فِي أُخْرَى وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فَقَوْلُ الْأَصْلِ لَزِمَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا سَاوَتْ قِيمَتُهَا ثَمَنَ مِثْلِهَا فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ دَفْعُ قِيمَتِهَا لِلنَّاذِرِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مِثْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَدُونَهَا.
[دَرْس] (وَ) سُنَّ لَهُ (أَكْلٌ مِنْ أُضْحِيَّةِ تَطَوُّعٍ) ضَحَّى بِهَا عَنْ نَفْسِهِ لِلْخَبَرِ الْآتِي وَقِيَاسًا بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦] بِخِلَافِ الْوَاجِبِ وَخِلَافِ مَا لَوْ ضَحَّى بِهَا عَنْ غَيْرِهِ كَمَيِّتٍ بِشَرْطِهِ الْآتِي وَذِكْرُ سُنَّ لَهُ الْأَكْلُ وَالتَّصَدُّقُ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) لَهُ (إطْعَامُ أَغْنِيَاءَ) مُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} [الحج: ٣٦] أَيْ السَّائِلَ {وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] أَيْ الْمُتَعَرِّضَ لِلسُّؤَالِ (لَا تَمْلِيكُهُمْ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقْتُهَا لِذَبْحِهَا، وَتُفَارِقُ النُّذُورَ، وَالْكَفَّارَاتِ؛ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْفَوْرُ فِيهَا أَصَالَةً بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي عَيْنٍ، وَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّأْخِيرِ كَمَا لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقْتُ الْمَنْذُورِ) لَكِنْ إنْ كَانَ تَأْخِيرُهُ بِالذَّبْحِ عَنْ الْوَقْتِ بِاخْتِيَارِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهَا إنْ تَلِفَتْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) تَأْكِيدٌ لِمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى) أَيْ: أَوْ سُرِقَتْ، أَوْ ضَلَّتْ، أَوْ طَرَأَ فِيهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ إجْزَاءَهَا فَلَوْ ضَلَّتْ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهَا، نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إلَى مُؤْنَةٍ لَهَا وَقْعٌ عُرْفًا فَالْمُتَّجَهُ إلْزَامُهُ بِذَلِكَ شَرْحُ م ر، وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا أَيْ: الْأُولَى لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشْرَفَتْ عَلَى التَّلَفِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا فَهَلْ يَجِبُ، وَيَصْرِفُ لَحْمَهَا مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِذَبْحِ الْمُعَيَّنَةِ قَبْلَ، وَقْتِهَا، وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهَا فِيمَا ذُكِرَ، وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهَا، وَلَمْ يَذْبَحْهَا فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ لَهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِتَقْصِيرٍ) ، وَمِنْهُ مَا لَوْ أَخَّرَ ذَبْحَهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا حَتَّى تَلِفَتْ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِاشْتِغَالِهِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ، وَإِنْ جَازَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلِهَا) أَيْ: قِيمَةِ مِثْلِهَا كَمَا فِي ح ل، وَعَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ؛ إذْ الْمِثْلُ لَا تَخْتَلِفُ مُمَاثَلَتُهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِيَشْتَرِيَ إلَخْ) ثُمَّ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْقِيمَةِ، أَوْ فِي الذِّمَّةِ لَكِنْ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ صَارَ أُضْحِيَّةً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَإِلَّا فَلْيَجْعَلْهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ أُضْحِيَّةً شَرْحُ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ زي. (قَوْلُهُ: بِهَا) الْمُنَاسِبُ بِهِ أَيْ: بِالْأَكْثَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّثَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْقِيَمِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قِيمَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مِثْلَيْنِ لِلْمُتْلَفَةِ) أَيْ: جِنْسًا، وَنَوْعًا، وَسِنًّا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: شَارَكَ بِهِ فِي أُخْرَى) ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ شِقْصٍ بِهِ لِقِلَّتِهِ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا، أَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ، وَلَا يُؤَخِّرُهَا لِوُجُودِهِ فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَكْثَرُ كَالنَّاذِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا بِخِلَافٍ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْأَكْثَرِ لِذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ سم، وَأَيْضًا فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الذَّبْحِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) يَرْجِعُ لِلْمَتْنِ، وَالشَّرْحِ أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْكَرِيمَةَ، أَوْ الْمِثْلَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الدُّونُ فَشِقْصُ أُضْحِيَّةِ يَذْبَحُهُ مَعَ الشَّرِيكِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الشِّقْصُ فَهَلْ يَشْتَرِي بِهَا لَحْمًا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهَا دَرَاهِمَ؟ وَجْهَانِ، وَعَلَى الثَّانِي تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْأَصْلِ سم
. (قَوْلُهُ: بِهَدْيِ التَّطَوُّعِ) أَيْ: عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَاجِبَةِ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْأَكْلُ لَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ. (قَوْلُهُ: كَمَيِّتٍ بِشَرْطِهِ) ، وَهُوَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا ع ش أَيْ: فَلَا يُسَنُّ لِلْمُوصَى لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لَكِنْ قَالَ حَجّ: يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْهَا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ، وَنَقَلَهُ ح ل عَنْ الْقَفَّالِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ إطْعَامُ أَغْنِيَاءَ) لَمْ يُبَيِّنُوا الْمُرَادَ بِالْغِنَى هُنَا، وَجَوَّزَ م ر أَنَّهُ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ، وَجَوَّزَ طب أَنَّ الْغَنِيَّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ، وَهُوَ مَنْ يَمْلِكُ ثَمَنَهَا فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فَضْلُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ فَلْيُحَرَّرْ سم.
وَالْمُرَادُ مِنْ إطْعَامِ الْأَغْنِيَاءِ إيصَالُهُ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْهَدِيَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَتْنِ يُفِيدُ أَنَّهُ مَسْنُونٌ أَيْضًا لِعِطْفِهِ عَلَى أَكْلٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَدَّرَ لَهُ الشَّارِحُ خَبَرًا، وَجَعَلَهُ جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْقَانِعِ، وَالْمُعْتَرِّ فَشَمَلَ كُلًّا الْغَنِيَّ، وَغَيْرَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: الْقَانِعَ) مِنْ قَنَعَ يَقْنَعُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا إذَا سَأَلَ، وَأَمَّا قَنِعَ بِالْكَسْرِ يَقْنَعُ بِالْفَتْحِ فَبِمَعْنَى رَضِيَ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ
الْعَبْدُ حُرٌّ إنْ قَنِعَ
بِالْكَسْرِ،
وَالْحَرُّ عَبْدٌ إنْ قَنَعَ
بِالْفَتْحِ أَيْ: سَأَلَ فَاقْنَعْ بِالْفَتْحِ أَيْ: ارْضَ، وَلَا تَقْنَعْ أَيْ: لَا تَسْأَلْ
فَمَا شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ
ح ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: السَّائِلَ) أَيْ: بِالْفِعْلِ. (قَوْلُهُ: لَا تَمْلِيكُهُمْ) أَيْ: لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ بَلْ بِالْأَكْلِ