للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَفْهُومِ الْآيَةِ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُمْ مِنْهَا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ

(وَيَجِبُ تَصَدُّقٌ بِلَحْمٍ مِنْهَا) وَهُوَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ مِنْهُ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ وَيَكْفِي تَمْلِيكُهُ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ نَيْئًا لَا مَطْبُوخًا لِشَبَهِهِ حِينَئِذٍ بِالْخَبَرِ فِي الْفُطْرَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا قَدِيدًا عَلَى الظَّاهِرِ وَقَوْلِي بِلَحْمٍ مِنْهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِبَعْضِهَا (وَالْأَفْضَلُ) التَّصَدُّقُ (بِكُلِّهَا إلَّا لُقَمًا يَأْكُلُهَا) تَبَرُّكًا فَإِنَّهَا مَسْنُونَةٌ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» (وَسُنَّ إنْ جَمَعَ) بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْإِهْدَاءِ (أَنْ لَا يَأْكُلَ فَوْقَ ثُلُثٍ) وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَيَأْكُلُ ثُلُثًا (وَ) أَنْ (لَا يَتَصَدَّقَ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الثُّلُثِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَأَنْ يُهْدِيَ الْبَاقِي (وَيَتَصَدَّقَ بِجِلْدِهَا أَوْ يَنْتَفِعَ بِهِ) فِي اسْتِعْمَالِهِ وَإِعَارَتِهِ دُونَ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ

(وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ) الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِلَا نَذْرٍ أَوْ بِهِ أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ (كَهِيً) فِي وُجُوبِ الذَّبْحِ وَالتَّفْرِقَةِ سَوَاءٌ أَمَاتَتْ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْيِينِ أَمْ حَمَلَتْ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ (وَلَهُ أَكْلُ وَلَدِ غَيْرِهَا) كَاللَّبَنِ فَلَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا يَكْفِي عَنْ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ مِنْهَا (وَ) لَهُ بِكُرْهٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالتَّصَدُّقِ، وَالضِّيَافَةِ لِغَنِيٍّ، أَوْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ فَالْمُرَادُ مِنْ جَوَازِ الْإِهْدَاءِ إلَيْهِمْ مِنْهَا تَمْلِيكُهُمْ إيَّاهُ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ بِالْأَكْلِ لَا بِالْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ. اهـ. زي أَيْ: فَهُوَ مِلْكٌ مُقَيَّدٌ. (قَوْلُهُ: لِمَفْهُومِ الْآيَةِ) ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِطْعَامِ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّمْلِيكِ قَالَ سم: لَك أَنْ تَقُولَ: حَيْثُ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِطْعَامِ يُفْهِمُ نَفْيَ التَّمْلِيكِ فَكَيْفَ اسْتَدَلُّوا عَلَى التَّصَدُّقِ مَعَ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِقَوْلِهِ: تَعَالَى {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] ؟ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاسْتِدْلَال عَلَى ذَلِكَ بِمَعُونَةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْكَفَّارَاتِ، وَنَحْوِهَا، أَوْ يُقَالَ: الِاسْتِدْلَال عَلَى مُطْلَقِ التَّصَدُّقِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَمْلِيكًا، وَالتَّمْلِيكُ بِالْقِيَاسِ عَلَى نَحْوِ الْكَفَّارَاتِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَصَدُّقٌ) ، وَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا عَنْ بَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ كَالزَّكَاةِ شَرْحُ م ر سَوَاءٌ الْمَنْدُوبَةُ، وَالْوَاجِبَةُ. وَالْمُرَادُ مِنْ حُرْمَةِ نَقْلِ الْمَنْدُوبَةِ حُرْمَةُ نَقْلِ مَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ مِنْهَا ع ش. (قَوْلُهُ: بِلَحْمٍ) ، فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ، وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ لَحْمًا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِظَاهِرٍ) عَبَّرَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ:، وَيَكُونُ نِيئًا) أَيْ: وُجُوبًا ع ش (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِبَعْضِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْكَبِدِ، وَالطِّحَالِ، وَالْكَرِشِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْهَا. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّهَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ، أَوْجَبَهُ. (قَوْلُهُ: كَانَ يَأْكُلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ) اُسْتُشْكِلَ جَوَازُ أَكْلِهِ مِنْهَا فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَالْوَاجِبُ يَمْتَنِعُ الْأَكْلُ مِنْهُ.، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَكْلَ مِمَّا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ زي أَيْ: مِنْ أُضْحِيَّةٍ أُخْرَى. (قَوْلُهُ: مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ) وَحِكْمَتُهُ التَّفَاؤُلُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُمْ أَوَّلُ مَا يَفْطُرُونَ فِيهَا بِزِيَادَةِ كَبِدِ الْحُوتِ الَّذِي عَلَيْهِ قَرَارُ الْأَرْضِ إشَارَةً إلَى الْبَقَاءِ الْأَبَدِيِّ، وَالْيَأْسِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الدُّنْيَا، وَكَدَرِهَا إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ إنْ جَمَعَ إلَخْ) ، وَإِذَا أَكَلَ الْبَعْضَ، وَتَصَدَّقَ بِالْبَعْضِ هَلْ يُثَابُ عَلَى الْجَمِيعِ، أَوْ مَا تَصَدَّقَ بِهِ؟ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ نَوَى صَوْمَ التَّطَوُّعِ ضَحْوَةً هَلْ يُثَابُ عَلَى جَمِيعِ النَّهَارِ، أَوْ بَعْضِهِ؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْجَمِيعِ، وَالتَّصَدُّقِ بِالْبَعْضِ، وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ شَرْحُ الْبَهْجَةِ زي. (قَوْلُهُ:، وَيَتَصَدَّقُ بِجِلْدِهَا) أَيْ: وُجُوبًا ع ش. (قَوْلُهُ: دُونَ بَيْعِهِ) أَيْ: وَدُونَ إعْطَائِهِ لِلْجَزَّارِ أُجْرَةً شَرْحُ الرَّوْضِ سم

(قَوْلُهُ: بِلَا نَذْرٍ) بِأَنْ كَانَ يَجْعَلُ كَجَعَلْتُهَا أُضْحِيَّةً، أَوْ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ زي. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَوَضَعَتْهُ قَبْلَ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الْحَامِلِ؛ إذْ هِيَ مَعِيبَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِي وُجُوبِ الذَّبْحِ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ: وَالتَّفْرِقَةُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ أَكْلِهِ إذَا لَمْ تَمُتْ أُمُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَفْرِيقُهُ كَمَا قَالَهُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا التَّعْمِيمِ مَعَ قَوْلِهِ الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً بِلَا نَذْرَ، أَوْ بِهِ، أَوْ عَنْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ لَهُ تَعْيِينَ الْحَامِلِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْيِينُ الْمَعِيبَةِ عَنْهُ. اهـ. ع ن أَيْ: فَيَخُصُّ التَّعْمِيمَ بِغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَوَلَدُ الْوَاجِبَةِ كَهِيَ تَضْحِيَةٌ بِحَامِلٍ أَيْ: لَيْسَتْ الْعِبَارَةُ مُقْتَضِيَةً لِصِحَّةِ التَّضْحِيَةِ بِالْحَامِلِ، وَمَنْشَأُ هَذَا الْإِيرَادِ الَّذِي اسْتَشْعَرَهُ، وَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ تُوهِمُ أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الْحَمْلَ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَحَمْلُ الْوَاجِبَةِ كَهِيَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْحَامِلَ يُضَحَّى بِهَا فَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ بِهَا، وَأَجَابَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الْحَمْلَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ لَفْظُ الْوَلَدِ، وَالْحَمْلُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا لَكِنَّ هَذَا الْإِيرَادَ بِتَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْوَاجِبَةِ بِالنَّذْرِ الْمُعَيَّنَةِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ؛ إذْ هِيَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَأَمَّا الْمُعَيَّنَةُ ابْتِدَاءً فَقَدْ تَقَدَّمَ إجْزَاؤُهَا بِقَوْلِهِ: وَلَوْ مَعِيبَةً، وَالْحَمْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَيْبِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَلَدِ غَيْرِهَا) بِأَنْ نَوَى التَّضْحِيَةَ بِهَا حَائِلًا، وَحَمَلَتْ، وَوَضَعَتْهُ قَبْلَ الذَّبْحِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ بِكُرْهٍ إلَخْ) وَالسُّنَّةُ التَّصَدُّقُ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ: وَسَقْيُهُ أَيْ: وَلَهُ بِكُرْهٍ سَقْيُهُ وَلَدَ بَهِيمَةٍ أُخْرَى فَهُوَ مَعْطُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>