شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهِمَا) عَنْ وَلَدِهِمَا إنْ لَمْ يُنْهِكْ لَحْمَهُمَا وَسَقْيُهُ غَيْرَهُ بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَلَهُ رُكُوبُ الْوَاجِبَةِ وَإِرْكَابُهَا بِلَا أُجْرَةٍ فَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا لَكِنْ إنْ حَصَلَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمِنَهَا الْمُسْتَعِيرُ دُونَهُ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْأَكْلِ بَيْنَ وَلَدَيْ الْوَاجِبَةِ وَغَيْرِهَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِحِلِّ شُرْبِ فَاضِلِ لَبَنِ غَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَجَزْمُ الْأَصْلِ بِحِلِّ أَكْلِ وَلَدِ الْوَاجِبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ
(وَلَا تَضْحِيَةَ لِأَحَدٍ عَنْ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا) كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ كَالزَّكَاةِ وَصُورَتُهُ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ ذَبْحَ أَجْنَبِيٍّ مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ بِغَيْرِ إذْنِ النَّاذِرِ فَيَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُفَرِّقُ صَاحِبُهَا لَحْمَهَا لِأَنَّ ذَبْحَهَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ وَتَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ فَيَصِحُّ كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُهُمْ الْمَنْعَ بِمَالِهِمْ وَتَضْحِيَةُ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتٍ الْمَالِ فَيَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ
(وَلَا) تَضْحِيَةَ (لِرَقِيقٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَوْ مِلْكُهُ ضَعِيفٌ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِيهَا وَضَحَّى فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ (وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ (أَوْ) مُكَاتَبًا وَقَعَتْ (لِلْمُكَاتَبِ) لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي. أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَيُضَحِّي بِمَا يَمْلِكُهُ بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى شُرْبُ الْمُقَيَّدِ بِالْكَرَاهَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهِمَا) أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ لِوَلَدَيْهِمَا ضَرَرٌ. وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ شُرْبِ لَبَنِ الْمُعَيَّنَةِ ابْتِدَاءً، وَعَمَّا فِي الذِّمَّةِ بِأَنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُمَا فَكَيْفَ سَاغَ لَهُ شُرْبُ مَا حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ سِيَّمَا إنْ كَانُوا حَاضِرِينَ بِمَحَلِّ الذَّبْحِ؟ . وَجَوَابُهُ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ضِيَافَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالذَّابِحَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَضْيَافِ فَجَازَ لَهُ شُرْبُ ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُنْهَكْ لَحْمُهُمَا) أَيْ: يَتَغَيَّرُ فَهُوَ لَازِمٌ، أَوْ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لَحْمُهُمَا فَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ نَهَكَتْهُ الْحُمَّى نَهْكًا مِنْ بَابِ نَفَعَ: هَزَّلَتْهُ، وَنَهَكْت الشَّيْءَ نَهْكًا بَالَغْت فِيهِ. اهـ.، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَلَدِ) أَيْ: فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ وَلَدِ الْوَاجِبَةِ عَلَى كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَخْلَفُ أَيْ: عَنْ قُرْبٍ. (قَوْلُهُ: بِلَا أُجْرَةٍ) أَيْ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ لِلْمَنَافِعِ، فَإِنْ أَجَّرَهَا، وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ الْمُؤَجِّرُ الْقِيمَةَ، وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، فَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ، وَالْأُجْرَةَ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَتُصْرَفُ الْأُجْرَةُ مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ كَالْقِيمَةِ فَيُفْعَلُ بِهَا مَا تَقَدَّمَ س ل.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الذَّبْحِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ يَدَ مُعِيرِهِ يَدُ أَمَانَةٍ فَكَذَا هُوَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ س ل. (قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا الْمُسْتَعِيرُ دُونَهُ) أَيْ: قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ دُونَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعِيرَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ لِتَقْصِيرِهِ س ل. (قَوْلُهُ: عَلَى ضَعِيفٍ) ، وَهُوَ حِلُّ الْأَكْلِ مِنْ الْأُمِّ ح ل. وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَاللَّبَنِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ ذَبْحُهُ. اهـ. زي. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْأُمِّ أَنَّ الْأُمَّ الْتَزَمَهَا بِالنَّذْرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهَا، وَمَحَلُّ جَوَازِ أَكْلِهِ إنْ لَمْ تَمُتْ أُمُّهُ، فَإِنْ مَاتَتْ، وَجَبَ تَفْرِيقُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَوَافَقَ ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا) ، وَيَجِبُ عَلَى مُضَحٍّ عَنْ مَيِّتٍ بِإِذْنِهِ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي التَّفْرِقَةِ لَا عَنْ نَفْسِهِ، وَمَمُونِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ، وَالْمُقْبِضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُضَحِّي، وَارِثًا، أَوْ غَيْرَهُ، وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ إطْعَامُ الْوَارِثِ مِنْهَا حَجّ. (قَوْلُهُ: مُعَيَّنَةً بِالنَّذْرِ) أَيْ: ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ بِالْجُعْلِ، أَوْ بِالنَّذْرِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تُجْزِئُ لِوُجُوبِ النِّيَّةِ، وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ لَهُ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ:؛ لِأَنَّ ذَبْحَهَا إلَخْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِالْجُعْلِ، أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ، وَنَوَى الْمَالِكُ عِنْدَ التَّعْيِينِ صِحَّةَ ذَبْحِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقْتَ الذَّبْحِ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِالنِّيَّةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ التَّعْيِينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: وَنِيَّةٌ عِنْدَ ذَبْحٍ، أَوْ تَعْيِينٍ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الذَّابِحَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ: قِيمَتِهَا حَيَّةً، وَقِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَقَدْ فَوَّتَهَا. اهـ. مَتْنُ التَّحْرِيرِ، وَشَرْحُهُ لِلشَّارِحِ. وَهَذَا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الذَّابِحِ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الضَّحَايَا، وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً. اهـ. شَرْحُ التَّنْقِيحِ، وَهَذِهِ الشَّاةُ يَجِبُ ذَبْحُهَا، وَتَفْرِقَةُ جَمِيعِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفِ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ بِشَاةٍ فَيُشْتَرَى بِهِ شِقْصٌ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَيُشْتَرَى بِهِ لَحْمٌ، وَيُتَصَدَّقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى ذَبْحُ أَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: عَنْ مَحَاجِيرِهِ) ، وَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ لَهُمْ، وَذَبَحَهُ عَنْهُمْ فَيَقَعُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ لِلصَّبِيِّ مَثَلًا، وَلِلْأَبِ ثَوَابُ الْهِبَةِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتَضْحِيَةُ الْإِمَامِ إلَخْ) وَلَا يَسْقُطُ بِفِعْلِهِ الطَّلَبُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الذَّبْحِ عَنْهُمْ مُجَرَّدُ حُصُولِ الثَّوَابِ لَهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ التَّضْحِيَةُ بِمَا شَرَطَ التَّضْحِيَةَ بِهِ الْوَاقِفُ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِمَنْ شَرَطَ صَرْفَهُ لَهُ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُمْ، وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَلَيْسَ هُوَ ضَحِيَّةً مِنْ الْوَاقِفِ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ مُجَرَّدَةٌ كَبَقِيَّةِ غَلَّةِ الْوَقْفِ ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ لِسَيِّدِهِ) بِأَنْ نَوَى السَّيِّدُ عِنْدَ الذَّبْحِ، أَوْ فَرَضَ إلَيْهِ السَّيِّدُ النِّيَّةَ زي. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُبَعَّضُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِقَيْدِ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ وَلَا لِرَقِيقٍ كُلِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute