حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» .
. (وَ) شُرِطَ. (فِي مُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ) مُطْلَقًا. (وَلِغَيْرِ نِسَاءٍ ذُكُورَةٌ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ، وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى كَإِمَامَتِهِمَا لَهُمْ، أَمَّا الْمُؤَذِّنُ وَالْمُقِيمُ لِلنِّسَاءٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذُكُورَةٌ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْخُنْثَى يُسَنُّ لَهُ الْإِقَامَةُ لِنَفْسِهِ دُونَ الْأَذَانِ، وَذِكْرُ الْمُقِيمِ، وَتَقْيِيدُهُ الذُّكُورَةَ بِغَيْرِ النِّسَاءِ مِنْ زِيَادَتِي.
. (وَسُنَّ إدْرَاجُهَا) أَيْ: الْإِقَامَةِ أَيْ: الْإِسْرَاعُ بِهَا. (وَخَفْضُهَا) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي. (وَتَرْتِيلُهُ) أَيْ: الْأَذَانِ أَيْ: التَّأَنِّي فِيهِ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي خَبَرِ الْحَاكِمِ إلَّا الْخَفْضَ؛ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْغَائِبِينَ وَالْإِقَامَةُ لِلْحَاضِرِينَ فَاللَّائِقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِيهِ.
(وَتَرْجِيعٌ فِيهِ) أَيْ: فِي الْأَذَانِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ بِخَفْضِ الصَّوْتَ قَبْلَ إعَادَتِهِمَا بِرَفْعِهِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَهُمَا وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ رَجَعَ إلَى رَفْعِ الصَّوْتِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا.
. (وَتَثْوِيبٌ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَّعَ. (فِي) أَذَانِ. (صُبْحٍ) لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ وَخَرَجَ بِالصُّبْحِ مَا عَدَاهَا فَيُكْرَهُ فِيهِ التَّثْوِيبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. (وَقِيَامٌ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى عَالٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ . (قَوْلُهُ: حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) أَيْ: تَقْرَبُوا مِنْ سَمَاعِهِ وَكَانَ مَعَهُ بِلَالٌ لِيُعْلِمَهُ بِالْوَقْتِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ أَذَانَ الْأَعْمَى وَحْدَهُ مَكْرُوهٌ وَكَانَ اسْمُهُ عَمْرًا فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ وَاسْمُ أُمِّهِ عَاتِكَةُ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: ١] {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس: ٢] إلَخْ فَتْحُ الْبَارِي.
. (قَوْلُهُ: وَشَرْطٌ فِي مُؤَذِّنٍ إلَخْ) نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لِلْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا أَمِينًا عَارِفًا بِالْوَقْتِ بِأَمَارَةٍ، أَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ عَنْ عِلْمٍ، إذَا رَتَّبَهُ لِيُخْبِرَهُ دَائِمًا فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَإِنْ صَحَّ أَذَانُهُ. اهـ. ز ي وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فِي نَصْبِ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَيْثُ قَالَ: يَصِحُّ نَصْبُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ فَهَذَا أَوْلَى مِنْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ رَتَّبَهُ أَيْ: رَتَّبَ الْإِمَامُ الثِّقَةَ كَالْمِيقَاتِيِّ لِيُخْبِرَ الْمُؤَذِّنَ. (قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزٌ) وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ اعْتِمَادًا عَلَى أَذَانِهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: لِنِسَاءٍ وَغَيْرِهِنَّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ) وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا أَتَى بِهِ لِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إلَّا إنْ كَانَ عِيسَوِيًّا وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ إلَّا إنْ أَعَادَهُ ثَانِيًا، وَالْعِيسَوِيُّ مِنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْيَهُودِ يُنْسَبُونَ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا أُرْسِلَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] ح ل وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَخَنَاثَى) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ أَذَانِ وَإِقَامَةِ الْخُنْثَى لِلْخُنْثَى فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا إذَا اجْتَمَعَ الْخُنْثَى مَعَ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذُكُورَةٌ بَلْ يُشْتَرَطُ فِي أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ. وَكَتَبَ أَيْضًا: قَضِيَّةُ مَا هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَذَانُ الْمَرْأَةِ لِلنِّسَاءٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا يَسْمَعْنَ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ ذِكْرًا لِلَّهِ أَيْ: فَهُوَ لَيْسَ بِأَذَانٍ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ رَفْعُ صَوْتٍ حَرُمَ إنْ كَانَ ثَمَّ أَجْنَبِيٌّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى الرَّفْعِ مَعَ عَدَمِ أَجْنَبِيٍّ، وَيَكُونَ جَارِيًا عَلَى طَرِيقَتِهِ هُوَ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَرَامٌ مَعَ الرَّفْعِ مُطْلَقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَقَدْ وَقَعَ لِكَثِيرٍ التَّوَقُّفُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَإِمَامَتِهِمَا لَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَتْ إمَامَتُهُمَا لِلرِّجَالِ لِارْتِبَاطِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهُنَا لَا ارْتِبَاطَ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَذَانَ وَسِيلَةٌ لِلصَّلَاةِ فَأُعْطِيَ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ، كَذَا بِخَطِّ ز ي خَضِرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ذُكُورَةٌ، فَلَا يُنَافِي اشْتِرَاطَهَا فِي أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ سم. (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ إقَامَةٌ لَا أَذَانٌ لِغَيْرِهِ أَيْ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى.
. (قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ) مُعْتَمَدٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِخَفْضِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي: هُوَ قَوْلُهُ: بِرَفْعِهِ ع ش قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّشِيدِيُّ: عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ: فَهُوَ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِهَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ إلَخْ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَتَسْمِيَةُ الْأَوَّلِ بِهِ مَجَازٌ مِنْ تَسْمِيَةِ السَّبَبِ بِاسْمِ الْمُسَبَّبِ إذْ هُوَ سَبَبُ الرُّجُوعِ اهـ.
. (قَوْلُهُ: مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ) ، لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ وَخُصَّ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ وَيُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الْفَائِتِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) أَيْ: الْيَقِظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ رَاحَةِ النَّوْمِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. (قَوْلُهُ: وَقِيَامٌ فِيهِمَا) فَيُكْرَهُ كُلٌّ لِلْقَاعِدِ وَلِلْمُضْطَجِعِ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَلِلرَّاكِبِ الْمُقِيمِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لِلْحَاجَةِ، إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يُجْزِئُ مِنْ الْمَاشِي، وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يَمْشِي مَعَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْإِقَامَةِ فَقَطْ.
وَأَمَّا الْأَذَانُ فَيُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَالٍ مُطْلَقًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر