للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ وَوَضَعَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ فِي الْأَذَانِ. (وَ) تَوَجُّهٌ. (لِقِبْلَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ؛ وَلِأَنَّ تَوَجُّهَهَا هُوَ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا وَذِكْرُ سَنِّ الْقِيَامِ وَالتَّوَجُّهِ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ جَعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً مِنْ زِيَادَتِي، وَكَذَا قَوْلِي. (وَأَنْ يَلْتَفِتَ بِعُنُقِهِ فِيهِمَا يَمِينًا مَرَّةً فِي حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) مَرَّتَيْنِ فِي الْأَذَانِ وَمَرَّةً فِي الْإِقَامَةِ. (وَشِمَالًا مَرَّةً فِي حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلِ صَدْرِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَقَدَمَيْهِ عَنْ مَكَانِهِمَا لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقِيسَ بِهِ الْإِقَامَةُ وَاخْتُصَّ الِالْتِفَاتُ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا خِطَابُ آدَمِيٍّ كَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.

(وَ) أَنْ. (يَكُونُ كُلٌّ) مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ. (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ بِذَلِكَ. (صَيِّتًا) أَيْ: عَالِيَ الصَّوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ. (حَسَنَ الصَّوْتِ) لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الْإِجَابَةِ بِالْحُضُورِ.

. (وَكُرِهَا) أَيْ: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ. (مِنْ فَاسِقٍ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي غَيْرِ الْوَقْتِ. (وَصَبِيٍّ) كَالْفَاسِقِ. (وَأَعْمَى وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغْلَطُ فِي الْوَقْتِ، وَذِكْرُ الثَّلَاثَةِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَمُحْدِثٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» وَقِيسَ بِالْأَذَانِ الْإِقَامَةُ. (وَ) الْكَرَاهَةُ. (لِجُنُبٍ أَشَدُّ) مِنْهَا لِلْمُحْدِثِ لِغِلَظِ الْجَنَابَةِ. (وَ) هِيَ. (فِي إقَامَةٍ) مِنْهُمَا. (أَغْلَظُ) مِنْهَا فِي أَذَانِهِمَا لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ. (وَهُمَا) أَيْ: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ أَيْ: مَجْمُوعُهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَإِنْ اقْتَصَرَ فِي الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ عَلَى الْأَذَانِ. (أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ) قَالُوا لِخَبَرِ «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِأَنَّهُ لِإِعْلَامِهِ بِالْوَقْتِ أَكْثَرُ نَفْعًا مِنْهَا.

. (وَسُنَّ مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى) مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (فَيُؤَذِّنُ وَاحِدٌ) لِلصُّبْحِ. (قَبْلَ فَجْرٍ) بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. (وَآخَرُ بَعْدَهُ) لِخَبَرِ «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» السَّابِقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: قُمْ فَنَادِ) دَلِيلٌ لِسُنِّيَّةِ الْقِيَامِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَلَى عَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَوَضَعَ مُسَبِّحَتَيْهِ) أَيْ أُنْمُلَتَهُمَا لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ الْأَصَمُّ وَالْبَعِيدُ عَلَى كَوْنِهِ أَذَانًا شَرْحُ م ر، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ نَدْبُ وَضْعِ غَيْرِهِمَا عِنْدَ فَقْدِهِمَا بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا لِاتِّصَالِهَا بِالْقَلْبِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَتَوَجُّهٌ لِقِبْلَةٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى غَيْرِهَا وَإِلَّا كَمَنَارَةٍ وَسَطَ الْبَلَدِ فَيَدُورُ حَوْلَهَا ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَفِتْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِتْيَانِ بِهِ مُؤَوَّلًا وَهَلَّا أَتَى بِهِ كَسَابِقِهِ مَصْدَرًا صَرِيحًا لَا يُقَالُ: أَتَى بِهِ كَذَلِكَ لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ بِضَرُورِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَا صَرِيحًا، وَيَأْتِي بِأَنَّ فِي الْمَتْنِ بَعْدَهُ مَعَ رِعَايَةِ الِاخْتِصَارِ هُنَا تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ) حَالٌ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ فَاعِلِ يَلْتَفِتَ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ قَائِلًا ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ إلَخْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: خِطَابُ آدَمِيٍّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ وَقَوْلُهُ كَالسَّلَامِ أَيْ: فَإِنَّهُ يَلْتَفِتُ فِيهِ دُونَ مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ خِطَابُ آدَمِيٍّ وَيُفَارِقُ كَرَاهَةَ الْتِفَاتِ الْخَطِيبِ فِي الْخُطْبَةِ بِأَنَّهُ يَعِظُ الْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ فِي حَقِّهِ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَدْلًا) أَيْ: عَدْلَ رِوَايَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ وَأَمَّا كَمَالُهَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ كَوْنُهُ عَدْلَ شَهَادَةٍ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ الْوَالِدِ م ر فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَالِي الصَّوْتِ) فَالصِّيتُ مُغَايِرٌ لِحُسْنِ الصَّوْتِ، وَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ سَنِّ خَفْضِ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ خَفْضُهَا بِالنَّظَرِ لِلْأَذَانِ.

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَغْلَطُ فِي الْوَقْتِ) مِنْ بَابِ عَلِمَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَذِّنُ بِقَوْلٍ مُؤَقَّتٍ لَمْ يُكْرَهْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمُحْدِثٍ) أَيْ: غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ إلَّا إنْ أَحْدَثَ فِي الْأَثْنَاءِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ إكْمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ فَيَتَوَسَّعُ فِيهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: لَنَا صُورَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْأَذَانُ لِلْمُحْدِثِ ح ل وَمِثْلُ الْمُحْدِثِ ذُو نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ الْمُصَلِّي وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَبْعُدُ الْتِزَامُهُ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ: لِقُرْبِهَا مِنْ الصَّلَاةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ إقَامَةَ الْمُحْدِثِ أَغْلَظُ مِنْ أَذَانِ الْجُنُبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: بِتَسَاوِيهِمَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَجْمُوعُهُمَا) الْمُرَادُ بِالْمَجْمُوعِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ ع ش، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُرَادُ بِالْمَجْمُوعِ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَوْلَى شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَذَانِ) وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ أَفْضَلَ مِنْهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَيْ: أَكْثَرُ رَجَاءً؛ لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ وَقِيلَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا «وَاظَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ عَلَى الْإِمَامَةِ» ، وَلَمْ يُؤَذِّنُوا لِاشْتِغَالِهِمْ بِمُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُمْ فِيهَا مَقَامَهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: عُمَرُ لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْتُ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ أَفْضَلَ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، لِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْفَرْضَ كَرَدِّ السَّلَامِ مَعَ ابْتِدَائِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَالُوا لِخَبَرِ إلَخْ) وَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفِيهَا فَوَائِدُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَذَانَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ ح ل وَعِبَارَةُ ع ش إنَّمَا أَسْنَدَهُ لَهُمْ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ الشَّهَادَةِ لَهُ فَضْلُ الْأَذَانِ عَلَى الْإِمَامَةِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ اهـ وَلَوْ سَلِمَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مَعَ أَنَّ مُدَّعَاهُ أَنَّهُمَا مَعًا أَفْضَلُ، كَمَا قَالَهُ.

. (قَوْلُهُ: مُؤَذِّنَانِ لِمُصَلَّى مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُؤَذِّنَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>