للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ حَقِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَفِي غَيْرِهِ رَجُلَانِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي الْمُتَرْجِمِ بِالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَدِ وَفِي الْمُسْمِعِ بِالْعَدَدِ (وَلَا يَضُرُّهُمَا الْعَمَى) ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ وَالْإِسْمَاعَ تَفْسِيرٌ وَنَقْلُ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فِي الْمُسْمِعِينَ. .

(وَ) أَنْ (يَتَّخِذَ الْقَاضِي مُزَكِّيَيْنِ) لِمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي شَرْطُهُمَا آخِرَ الْبَابِ، وَمَحَلُّ سَنِّ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّخَاذِ كَاتِبٍ، وَمَنْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (وَ) أَنْ يَتَّخِذَ (دِرَّةً) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (لِتَأْدِيبٍ وَسِجْنًا لِأَدَاءِ حَقٍّ وَلِعُقُوبَةٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِتَعْزِيرٍ كَمَا اتَّخَذَهُمَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَمَجْلِسًا رَفِيقًا) بِهِ وَبِغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِضِيقِهِ الْحَاضِرُونَ ظَاهِرًا لِيَعْرِفَهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ لَائِقًا بِالْحَالِ كَأَنْ يَجْلِسَ فِي الشِّتَاءِ فِي كِنٍّ وَفِي الصَّيْفِ فِي فَضَاءٍ وَكَأَنْ يَجْلِسَ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَفِرَاشٍ وَتُوضَعَ لَهُ وِسَادَةٌ. .

(وَكُرِهَ مَسْجِدٌ) أَيْ: اتِّخَاذُهُ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ صَوْنًا لَهُ عَنْ ارْتِفَاعِ الْأَصْوَاتِ وَاللَّغَطِ الْوَاقِعَيْنِ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ عَادَةً، وَلَوْ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِيهِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا بَأْسَ بِفَصْلِهَا (وَ) كُرِهَ (قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ بِنَحْوِ غَضَبٍ) كَجُوعٍ وَشِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ مُؤْلِمٍ وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ وَفَرَحٍ شَدِيدٍ نَعَمْ إنْ غَضِبَ لِلَّهِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا (وَأَنْ يُعَامِلَ) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ (بِنَفْسِهِ) إلَّا إنْ فُقِدَ مَنْ يُوَكِّلُهُ (أَوْ وَكِيلٍ) لَهُ (مَعْرُوفٍ) ؛ لِئَلَّا يُحَابَى، وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمُعَامَلَةِ مِنْ زِيَادَتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَوْنِهِمَا مُتَرْجِمِينَ أَوْ مُسْمِعِينَ اهـ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَمَّنَتْ حَقًّا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ دُونَ مَا إذَا تَضَمَّنَتْ حَقًّا عَلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ أَوْ حَقِّهِ) كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) وَقِيسَ بِذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِنَّ س ل لِقَوْلِهِمْ: مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ تُقْبَلُ فِيهِ تَرْجَمَتُهَا ع ن. (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) وَلَوْ زِنًا أَوْ رَمَضَانَ س ل أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُثْبِتَيْنِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ ثُبُوتُ صَوْمِ رَمَضَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ فَالْمُتَرْجِمُ وَالْمُسْمِعُ بِالْأَوْلَى.

. (قَوْلُهُ: مُزَكِّيَيْنِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْمُزَكِّيَيْنِ بِأَنْفُسِهِمَا بَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا اللَّذَانِ يَنْقُلَانِ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ مِنْ جِيرَانِهِمَا مَثَلًا لِلْقَاضِي شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يُنْدَبْ؛ لِئَلَّا يَتَغَالَوْا فِي الْأُجْرَةِ شَرْحُ م ر وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَعْرِفْ لُغَةَ قَوْمٍ مَاذَا يَصْنَعُ مِنْ جِهَةِ التُّرْجُمَانِ؟ (قَوْلُهُ: وَسِجْنًا) وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى الْمَسْجُونِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَكَانِ الَّذِي شَغَلَهُ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إذَا لَمْ يُهَيَّأْ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ س ل. (قَوْلُهُ: كَمَا اتَّخَذَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَدِرَّةُ عُمَرَ كَانَتْ أَهَيْبَ مِنْ سَيْفِ الْحَجَّاجِ اهـ وَيُقَالُ: إنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُقَالُ: لَمْ يَضْرِبْ بِهَا أَحَدًا عَلَى ذَنْبٍ وَعَادَ لِفِعْلِهِ ز ي. (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَجْلِسَ) أَيْ مُتَعَمِّمًا مُتَطَيْلِسًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: عَلَى مُرْتَفِعٍ وَفِرَاشٍ) أَيْ لِيَكُونَ أَهَيْبَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَاجَةِ إلَى قُوَّةِ الرَّهْبَةِ وَالْهَيْبَةِ، وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ جُلُوسُهُ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْهَيْئَةِ شَرْحُ م ر. .

. (قَوْلُهُ: أَيْ اتِّخَاذُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَرَاهَةِ الْمَسْجِدِ إذْ الْأَحْكَامُ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ. (قَوْلُهُ صَوْنًا لَهُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالصِّغَارِ وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ وَإِقَامَةُ الْحَدِّ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَتْ إلَخْ) الْأَنْسَبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: اتِّخَاذُهُ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) كَمَطَرٍ حَجّ فَإِنْ جَلَسَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِهَا كَأَنْ كَانَ لِعُذْرٍ مَنَعَ الْخُصُومَ مِنْ الْخَوْضِ فِيهِ بِالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا وَيَقْعُدُونَ خَارِجَهُ وَيُنَصِّبُ مَنْ يُدْخِلُ عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ وَأُلْحِقَ بِالْمَسْجِدِ فِي كَرَاهَةِ الِاتِّخَاذِ بَيْتُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ كَانَ بِحَيْثُ تَحْتَشِمُ النَّاسُ دُخُولَهُ، أَمَّا إذَا أَعَدَّهُ لِلْقَضَاءِ وَأَخْلَاهُ مِنْ نَحْوِ عِيَالِهِ وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَشِمُهُ أَحَدٌ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَلَا يُكْرَهُ حِينَئِذٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ قَضَاءٌ عِنْدَ تَغَيُّرِ خُلُقِهِ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي الْغَضَبِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَلِاخْتِلَالِ فَهْمِهِ وَفِكْرِهِ بِذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِيمَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِعَدَمِ أَمْنِ التَّقْصِيرِ فِي مُقَدِّمَاتِ الْحُكْمِ سم كَعَدَالَةِ الشُّهُودِ وَتَزْكِيَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ قَضَاءٌ إلَخْ) وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي حَالَ الْغَضَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ فِي الْغَضَبِ إلَّا كَمَا يَقُولُهُ فِي الرِّضَا لِعِصْمَتِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ غَضَبٍ) نَعَمْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ لِلْحُكْمِ فِي الْحَالِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُهَا) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. اهـ. م ر سم. (قَوْلُهُ هَذَا أَعَمُّ) يُوهِمُ أَنَّ الْأَصْلَ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِنَفْسِهِ يُسَنُّ لَا أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَالْأَصْلُ عَبَّرَ بِمَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ وَأَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ مِنْ مَفْهُومِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) فَلَوْ فَعَلَ صَحَّ لَكِنْ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُحَابَاةٌ فَفِي قَدْرِهَا مَا يَأْتِي فِي الْهَدِيَّةِ سم. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُحَابَى) بَحَثَ سم أَنَّ مُحَابَاتَهُ فِي حُكْمِ الْهَدِيَّةِ لَهُ وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ لَهُ شَيْءٌ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ قَالَ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمْ لِئَلَّا يُحَابَى

<<  <  ج: ص:  >  >>