للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسُنَّ) عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ فِي حُكْمٍ (أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ) الْأُمَنَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] . .

(وَحَرُمَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهُ) بِهَا (قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ) لَهُ عَادَةٌ بِهَا وَ (زَادَ عَلَيْهَا) قَدْرًا أَوْ صِفَةً بِقَيْدٍ زِدْتُهُ فِيهِمَا بِقَوْلِي (فِي مَحَلِّهَا) أَيْ: وِلَايَتِهِ (وَ) قَبُولُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا هَدِيَّةَ (مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) عِنْدَهُ وَإِنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَخِيرَةِ تَدْعُو إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ وَفِي غَيْرِهَا سَبَبُهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَلِخَبَرِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» وَرُوِيَ " سُحْتٌ " رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ لَمْ يَزِدْ الْمُهْدِي عَلَى عَادَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِمَا (جَازَ) قَبُولُهَا، وَلَوْ أَرْسَلَ بِهَا إلَيْهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ مَعَهَا وَلَا حُكُومَةَ لَهُ فَفِي جَوَازِ قَبُولِهَا وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَحَيْثُ حَرُمَتْ لَمْ يَمْلِكْهَا (وَسُنَّ) لَهُ فِيمَا يَجُوزُ قَبُولُهَا (أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا أَوْ يَرُدَّهَا) لِمَالِكِهَا (أَوْ يَضَعَهَا بِبَيْتِ الْمَالِ) وَهَذَانِ الْأَخِيرَانِ مِنْ زِيَادَتِي. .

(وَلَا يَقْضِي) أَيْ: الْقَاضِي (بِخِلَافِ عِلْمِهِ) وَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ قَاطِعًا بِبُطْلَانِ حُكْمِهِ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ (وَلَا بِهِ) أَيْ: بِعِلْمِهِ (فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ لِنَدْبِ السَّتْرِ فِي أَسْبَابِهَا (أَوْ) فِي غَيْرِهَا وَ (قَامَتْ) عِنْدَهُ (بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ) ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحُدُودِ وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعْلِيلًا لِلْكَرَاهَةِ قَدْ يَقْتَضِي حِلَّ قَبُولِ الْمُحَابَاةِ س ل. (قَوْلُهُ وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ) عَطْفُ مُسَبِّبٍ أَوْ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: الْفُقَهَاءَ الْأُمَنَاءَ) وَلَوْ دُونَهُ. .

. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبُولُهُ) وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ كَمَشَايِخِ الْبُلْدَانِ لَكِنَّهُ أَغْلَظُ م ر وع ش. (قَوْلُهُ هَدِيَّةَ) وَالضِّيَافَةُ وَالْهِبَةُ كَالْهَدِيَّةِ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ عَلَى الْأَوْجَهِ ز ي وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ حَضَرَ ضِيَافَتَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا إلَّا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْعُمَّالِ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إحْضَارِ طَعَامٍ لِشَادِّ الْبَلَدِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُلْتَزِمِ أَوْ الْكَاتِبِ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ عَلَيْهَا) فَإِنْ تَمَيَّزَتْ الزِّيَادَةُ رَدَّهَا فَقَطْ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا س ل وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: أَيْ وِلَايَتِهِ) وَلَوْ أَهْدَى بَعْدَ الْحُكْمِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُجَازَاةً وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَطْلَقَهُ شَارِحٌ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مُهْدٍ مُعْتَادٍ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ حَجّ س ل. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي. (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَيُخَاصِمُ وَلَوْ بَعْضًا لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى هَدِيَّةَ أَبْعَاضِهِ إذْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ز ي وَأَقَرَّهُ. وَحَاصِلُ مَا فِي الْهَدِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالْمُهْدِيَ إمَّا أَنْ يَكُونَا فِي مَحَلِّ الْوِلَايَةِ أَوْ خَارِجَهَا أَوْ الْقَاضِي دَاخِلًا وَالْمُهْدِي خَارِجًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عَادَةٌ أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ لَهُ عَادَةٌ فَإِمَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ أَوْ لَا، فَهَذِهِ سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِيهَا الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَكُلُّهَا حَرَامٌ إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ فِيهَا وَلَمْ يَزِدْ الْمُهْدِي عَلَى عَادَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ فِيهِمَا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ فَقَدْ صَرَّحَ سم بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا تَحْرُمُ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا فِي مَحَلِّهَا مَعَ قَوْلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ إلَخْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَادَةِ سم أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ س ل (قَوْلُهُ مَنْ لَيْسَ إلَخْ) مَنْ فَاعِلُ أَرْسَلَ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ الْحُرْمَةُ م ر وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَحَرُمَ إلَخْ فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا سَبَقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ صَاحِبُهَا مَعَهَا وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهَا فَهُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ حَرُمَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ كَمَا قَالَهُ م ر، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ حَمَلَهَا إلَيْهِ فَلَوْ جَهَّزَهَا لَهُ مَعَ رَسُولٍ وَلَا خُصُومَةَ لَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْحُرْمَةُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكْهَا) فَيَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ ز ي. .

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ) أَيْ ظَنِّهِ الْمُؤَكَّدِ كَمَا لَوْ شَهِدْت بَيِّنَةٌ بِرِقٍّ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهُ أَوْ بَيْنُونَتَهَا أَوْ عَدَمَ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ بِبُطْلَانِ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ وَالْحُكْمُ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِعِلْمِهِ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ عَدَالَتِهَا ظَاهِرًا شَرْحُ م ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ عِلْمِهِ لَا يَقْضِي بِهَا لِعِلْمِهِ بِخِلَافِهَا وَلَا بِعِلْمِهِ لِأَجْلِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَيُعْرِضُ عَنْ الْقَضِيَّةِ سم. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِي عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى) نَعَمْ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ مَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا عَزَّرَهُ وَإِنْ كَانَ قَضَاءً بِالْعِلْمِ وَقَدْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَمَا إذَا عَلِمَ مِنْ مُكَلَّفٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ ثُمَّ أَظْهَرَ الرِّدَّةَ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَكَمَا إذَا اعْتَرَفَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِمُوجِبِ حَدٍّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ فَيَقْضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَكَمَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ مُنْكَرٌ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ كَأَنْ شَرِبَ خَمْرًا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ) كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا ادَّعَاهُ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَتَلَهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ حَيٌّ فَلَا يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ فِيمَا ذُكِرَ ز ي أَيْ وَلَا بِعِلْمِهِ لِمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ حَيٌّ خَبَرُ أَنَّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا عَدَا مَا ذُكِرَ) مَثَّلَهُ الْأَئِمَّةُ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَالٍ وَقَدْ رَآهُ أَقْرَضَهُ قَبْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>