يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَضَى بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ فَبِالْعِلْمِ وَإِنْ شَمِلَ الظَّنَّ أَوْلَى وَشَرْطُ الْحُكْمِ بِهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِمُسْتَنَدِهِ فَيَقُولُ عَلِمْتُ أَنَّ لَهُ عَلَيْك مَا ادَّعَاهُ وَحَكَمْتُ عَلَيْك بِعِلْمِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَلَا) يَقْضِي مُطْلَقًا (لِنَفْسِهِ) وَبَعْضِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (وَرَقِيقِ كُلٍّ) مِنْهُمْ، وَلَوْ مُكَاتَبًا (وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ) لِلتُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ (وَيَقْضِي لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ إمَامٍ وَقَاضٍ، وَلَوْ نَائِبًا عَنْهُ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ، وَذِكْرُ رَقِيقِ الْبَعْضِ وَشَرِيكِ غَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي. .
(وَلَوْ أَقَرَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ) بِالْحَقِّ (أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي) يَمِينَ الرَّدِّ أَوْ غَيْرَهَا (أَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَسَأَلَ) الْمُدَّعِي (الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ) أَيْ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ يَمِينِهِ أَوْ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) سَأَلَهُ (الْحُكْمَ بِمَا ثَبَتَ) عِنْدَهُ (وَالْإِشْهَادَ بِهِ لَزِمَهُ) إجَابَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ حَكَمْت بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ أَوْ عُزِلَ وَقَوْلِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَلَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ ذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى لَزِمَهُ إجَابَتُهُ (أَوْ) سَأَلَهُ (أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) فِي قِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ (مَحْضَرًا) بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ (أَوْ) أَنْ يَكْتُبَ لَهُ (سِجِلًّا) بِمَا جَرَى مَعَ الْحُكْمِ بِهِ (سُنَّ إجَابَتُهُ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةً لِحُجَّتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ كَالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُثْبِتُ حَقًّا بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ وَالْوُقُوفُ، وَغَيْرُهُمَا نَعَمْ إنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الزَّبِيلِيِّ وَشُرَيْحٍ وَالرُّويَانِيِّ، وَكَالْمُدَّعِي فِي سَنِّ الْإِجَابَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَصِيغَةُ الْحُكْمِ نَحْوُ حَكَمْتُ أَوْ قَضَيْتُ بِكَذَا أَوْ أَنْفَذْت الْحُكْمَ بِهِ أَوْ أَلْزَمْت الْخَصْمَ بِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا أَوْ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَالْحُكْمُ إلْزَامٌ (وَ) سُنَّ (نُسْخَتَانِ) بِمَا وَقَعَ بَيْنَ ذِي الْحَقِّ وَخَصْمِهِ (إحْدَاهُمَا) تُعْطَى (لَهُ) غَيْرَ مَخْتُومَةٍ (وَالْأُخْرَى) تُحْفَظُ (بِدِيوَانِ الْحُكْمِ) مَخْتُومَةً مَكْتُوبًا عَلَى رَأْسِهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ. .
(وَإِذَا حَكَمَ) قَاضٍ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ (فَبَانَ) حُكْمُهُ (بِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) كَعَبْدَيْنِ (أَوْ خِلَافِ نَصٍّ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ نَصِّ مُقَلَّدِهِ (أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ) وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَوْ بَعْدَ تَأْثِيرِهِ (بَانَ أَنْ لَا حُكْمَ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ سَمِعَهُ أَقَرَّ بِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ س ل (قَوْلُهُ يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، أَمَّا قَاضِي الضَّرُورَةِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ: قَضَيْت بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ بِذَلِكَ وَطُلِبَ مِنْهُ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فَإِنْ امْتَنَعَ رَدَدْنَاهُ وَلَمْ نَعْمَلْ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَمِلَ الظَّنَّ) أَيْ الْقَوِيَّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْبَيِّنَةَ تُفِيدُ الظَّنَّ أَيْضًا فَلَا تَظْهَرُ الْأَوْلَوِيَّةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْضِي مُطْلَقًا) أَيْ لَا بِعِلْمِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ تَعْزِيرُ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ كَحَكَمْتُ عَلَيَّ بِالْجَوْرِ؛ لِئَلَّا يُسْتَخَفَّ وَيُسْتَهَانَ بِهِ فَلَا يُسْمَعُ حُكْمُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) أَمَّا عَلَيْهَا فَيَجُوزُ، وَهَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ حُكْمٌ؟ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إقْرَارٌ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ز ي. (قَوْلُهُ: وَبَعْضِهِ) بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ لِمَحْجُورِهِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ، وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفٍ شُرِطَ نَظَرُهُ لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ يُرْزَقُ مِنْهُ وَيَمْتَنِعُ لِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا وَوَقْفٍ نَظَرَهُ لَهُ قَبْلَ الْوَلَايَةِ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فَكَالْوَصِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ س ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَشَرِيكِهِ) أَيْ شَرِيكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جِهَتِهِ لِنَحْوِ لَوْثٍ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ س ل وم ر. (قَوْلُهُ: وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ سَأَلَ مَا إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ لِامْتِنَاعِ الْحُكْمِ لِلْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ فِيهِ كَامْتِنَاعِهِ قَبْلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ إلَّا فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ س ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ إثْبَاتَ الْحَقِّ دُونَ الْمُطَالَبَةِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عُزِلَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ إلَخْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ كَمَا قَالَهُ ع ن. (قَوْلُهُ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ ذَلِكَ) أَيْ الْحُكْمَ وَالْإِشْهَادَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي لُزُومِ الْحُكْمِ وَالْإِشْهَادِ، وَسُنَّ الْإِجَابَةُ. (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ عَلَيْهِ أَوْ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ التَّسْجِيلُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ فِي ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ يَظْهَرُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا: رُجُوعُ الْحَاكِمِ، أَوْ الشُّهُودِ بَعْدَهُ هَلْ يَغْرَمُونَ؟ إنْ قُلْنَا: الثُّبُوتُ حُكْمٌ غَرِمُوا أَوْ لَا فَلَا ز ي. (قَوْلُهُ وَسُنَّ نُسْخَتَانِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ: مَخْتُومَةً) بِأَنْ تُشَمَّعَ أَيْ يُجْعَلَ عَلَى الْوَرَقَةِ قِطْعَةُ شَمْعٍ بَعْدَ طَيِّهَا ثُمَّ يَخْتِمُ عَلَى الشَّمْعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخَتْمِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ الْآنَ قَرَّرَهُ الْخَلِيفِيُّ. .
. (قَوْلُهُ: أَوْ خِلَافَ نَصٍّ) الْمُرَادُ بِالنَّصِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ عَلَى مَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ النَّصِّ لَا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ شَرْحُ حَجّ. (قَوْلُهُ: بِنَفْيِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ) هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ تَأْثِيرِهِ هُوَ الْمُسَاوِي.
(قَوْلُهُ: بَانَ أَنْ لَا حُكْمَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى نَقْضٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ س ل وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَبْقِيَةَ الْأَصْلِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَالَ م ر نَقَضَهُ أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ فَقَوْلُ س ل وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ لَيْسَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute