قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] . (وَفَرَاغُ قَلْبٍ) مِنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ. (وَقَبْضٌ) فِي قِيَامٍ أَوْ بَدَلِهِ. (بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ) وَبَعْضَ سَاعِدِهَا وَرُسْغَهَا. (تَحْتَ صَدْرِهِ) فَوْقَ سُرَّتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَى بَعْضَهُ مُسْلِمٌ وَبَعْضَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَاقِيَ أَبُو دَاوُد وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَسْطِ أَصَابِعِ الْيَمِينِ فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ وَبَيْنَ نَشْرِهَا صَوْبَ السَّاعِدِ، وَالْقَصْدُ مِنْ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ تَسْكِينُ الْيَدَيْنِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا، وَلَمْ يَعْبَثْ فَلَا بَأْسَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْكُوعُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالرُّسْغُ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ. (وَذِكْرٌ وَدُعَاءٌ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي. (بَعْدَهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالتَّحْمِيدِ وَنَحْوِهِمَا تَعْظِيمًا لِلَّهِ وَثَنَاءً عَلَيْهِ فَلَا يُثَابُ عَلَى الذِّكْرِ إلَّا إنْ عَرَفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ إجْمَالًا بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِتِلَاوَتِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ {قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] الْكَسَلُ الْفُتُورُ عَنْ الشَّيْءِ وَالْتَوَانِي وَهُوَ ضِدُّ النَّشَاطِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَفَرَاغُ قَلْبٍ) قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى نَشَاطٍ لِيَكُونَ سَبَبًا لِلْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ مِنْ الشَّوَاغِلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُنْيَوِيَّةً وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَكُّرِ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ التَّفَكُّرَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا مَكْرُوهٌ حَتَّى فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ كَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِنْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ أَفَادَ طَلَبَ فَرَاغِ الْقَلْبِ فِي دَوَامِ صَلَاتِهِ وَلَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ حُضُورُ الْقَلْبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَفْسِيرِ الْخُشُوعِ وَقَوْلُهُ وَقَبَضَ بِيَمِينٍ كُوعَ يَسَارٍ وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهَا تَحْتَ صَدْرِهِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ مِمَّا يَلِي الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَرُسْغَهَا) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى كُوعَ وَبِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ وَقَوْلُهُ: تَحْتَ صَدْرِهِ حَالٌ مِنْ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ، وَالْحِكْمَةُ إرْشَادُ الْمُصَلِّي إلَى حِفْظِ قَلْبِهِ عَنْ الْخَوَاطِرِ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ كَذَلِكَ يُحَاذِيهِ وَالْعَادَةُ أَنَّ مَنْ احْتَفَظَ بِشَيْءٍ أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ م ر وحج اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ) مُعْتَمَدٌ أَيْ: لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ مَا تَقَدَّمَ ع ش.
(قَوْلُهُ: الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ) أَيْ: يَلِي أَصْلَ الْإِبْهَامِ. (قَوْلُهُ: الْمَفْصِلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَأَمَّا الْعَكْسُ فَهُوَ اسْمُ اللِّسَانِ ع ش وَيُسَمَّى أَيْ: الْمَفْصِلُ الْمَذْكُورُ بِالزَّنْدِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ وَالزَّنْدُ: مَوْصِلُ طَرَفِ الذِّرَاعِ فِي الْكَفِّ وَهُمَا زَنْدَانِ الْكُوعُ وَالْكُرْسُوعُ. وَأَمَّا الْبُوعُ فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ م ر. وَأَمَّا الْكُرْسُوعُ فَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي خِنْصِرَ الْيَدِ، وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصِرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطْ
وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٌ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطْ
أَيْ: فَخُذْ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْعِلْمِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَهَا) أَفْهَمَ قَوْلَهُ بَعْدَهَا وَلَمْ يَقُلْ عَقِبَهَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلَ بِالرَّاتِبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَرَدَّدَ فِيهِ ع ش عَلَى م ر وَاسْتَقْرَبَ الضَّرَرَ لِطُولِ الْفَصْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْجَمْعِ فَيُؤَخِّرُ ذِكْرَ الْأُولَى إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَأَكْمَلُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: إذَا سَلَّمَ مِنْهَا قَالَ: إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ مُرَّةً وَاحِدَةً وَأَنَّهُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَفِي سم عَلَى حَجّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى الصُّبْحَ جَلَسَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» وَاسْتَدَلَّ فِي الْخَادِمِ بِخَبَرِ «مَنْ قَالَ: فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِيهِمَا اهـ وَفِي مَتْنِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا نَصُّهُ «إذَا صَلَّيْتُمْ صَلَاةَ الْفَرْضِ فَقُولُوا عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ إلَخْ قَالَ: يُكْتَبُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ كَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً» وَأَقَرَّهُ الْمُنَاوِيُّ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّسْبِيحَاتِ لِحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ ع ش.
قَوْلُهُ: «وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» بِفَتْحِ الْجِيمِ فِيهِمَا أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ مِنْكَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَدِّ وَالْمُرَادُ الْجَدُّ الدُّنْيَوِيُّ لِأَنَّ الْأُخْرَوِيَّ نَافِعٌ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْكَ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْفَعُ لَا حَالٌ مِنْ الْجَدِّ لِأَنَّهُ إذْ ذَاكَ نَافِعٌ وَضَمَّنَ يَنْفَعُ مَعْنَى يَمْنَعُ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى لَا يَمْنَعُهُ مِنْك حَظٌّ دُنْيَوِيًّا كَانَ أَوْ أُخْرَوِيًّا وَهُوَ حَسَنٌ دَقِيقٌ شَرْحُ الْأَعْلَامِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) مُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ يُقَالُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَوْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ عَنْ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُتَشَاغِلًا بِمَا وَرَدَ أَيْضًا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ فَلَا يَضُرُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كُلِّ صَلَاةٍ يَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالنَّفَلَ لَكِنْ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْفَرْضِ بِدَلِيلِ التَّقْيِيدِ بِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. اهـ. ز ي بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مِنْ شُيُوخِنَا حُصُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute