للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا شَرِيكَ لَهُ إلَى قَوْلِهِ قَدِيرٌ غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ

«وَسُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ أَيْ: أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ؟ قَالَ جَوْفَ اللَّيْلِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا سِرًّا لَكِنْ يَجْهَرُ بِهِمَا إمَامٌ يُرِيدُ تَعْلِيمَ مَأْمُومِينَ فَإِذَا تَعَلَّمُوا أَسَرَّ.

. (وَانْتِقَالٌ لِصَلَاةٍ مِنْ مَحَلِّ أُخْرَى) تَكْثِيرًا لِمَوَاضِعِ السُّجُودِ فَإِنَّهَا تَشْهَدُ لَهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ يَنْتَقِلَ لِلنَّفْلِ مِنْ مَوْضِعِ فَرْضِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ فَلْيَفْصِلْ بِكَلَامِ إنْسَانٍ. (وَ) انْتِقَالُهُ. (لِنَفْلٍ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَيُسْتَثْنَى نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ، وَزِيدَ عَلَيْهَا صُوَرٌ ذَكَرْتُهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

. (وَمَكَثَ رِجَالُ لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) مِنْ نِسَاءِ وَخَنَاثَى لِلِاتِّبَاعِ فِي النِّسَاءِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقِيسَ بِهِنَّ الْخَنَاثَى، وَذِكْرُهُمْ مِنْ زِيَادَتِي وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ لِيَنْصَرِفْنَ وَانْصِرَافُهُمْ بَعْدَهُنَّ فُرَادَى، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ اسْتِحْبَابُ انْصِرَافِهِمْ فُرَادَى إمَّا قَبْلَ النِّسَاءِ أَوْ بَعْدَهُنَّ. (وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ حَاجَةٍ) لَهُ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَذَا الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالثَّلَاثِينَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ فِي حُصُولِهِ عَدَمَ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: زَبَدِ الْبَحْرِ) هُوَ مَا يُرَى عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ ضَرْبِ الْأَمْوَاجِ. اهـ. اج عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: الزَّبَدُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَاءُ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ مَاءِ الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ ح ف مَذْكُورٌ فِي الْقَامُوسِ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْحُفْرَةُ. (قَوْلُهُ: إذَا انْصَرَفَ) أَيْ: خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ بِأَنْ يُسَلِّمَ مِنْهَا ع ش.

(قَوْلُهُ: جَوْفَ اللَّيْلِ) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: الدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّرُ فِي السُّؤَالِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيُّ وَقْتِ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ قَالَ: جَوْفُ اللَّيْلِ أَيْ: هُوَ أَيُّ الْوَقْتِ جَوْفُ اللَّيْلِ ع ش بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ: الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. (قَوْلُهُ: إمَامٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَكَذَا الْمَأْمُومُونَ.

. (قَوْلُهُ: وَانْتِقَالٌ) لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فِي النَّافِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا كَثْرَةَ الصُّفُوفِ كَالْجُمُعَةِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الِانْتِقَالِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ آخَرُ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَانْتِقَالٌ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ لَا يُقَالُ الْفِعْلُ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ بَلْ يُطْلَبُ تَرْكُهُ فِيهَا لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ دَفْعُ الْمَارِّ وَقَتْلُ نَحْوِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ أَدَّى لِفِعْلٍ خَفِيفٍ سم.

(قَوْلُهُ: بِكَلَامِ إنْسَانٍ) أَيْ: لِلنَّهْيِ عَنْ وَصْلِ صَلَاةٍ بِصَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بَعْدَ كَلَامٍ أَوْ خُرُوجٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَانْتِقَالُهُ لِنَفْلٍ إلَخْ) أَيْ: لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى وَالْمَهْجُورِ وَغَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَلِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنْ الرِّيَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الثَّوَابِ التَّفْضِيلُ شَرْحُ م ر وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ خَالِيًا وَأَمِنَ الرِّيَاءَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ خَوْفَ الرِّيَاءِ فَقَطْ بَلْ مَعَ النَّظَرِ إلَى عَوْدِ بَرَكَةِ الصَّلَاةِ فِي مَنْزِلِهِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) أَيْ: سُنَّتُهَا الْقَبْلِيَّةُ وَأَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَفِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ مِثْلَ قَبْلِيَّةِ الْجُمُعَةِ كُلُّ رَاتِبَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. (قَوْلُهُ: صُوَرٌ ذَكَرْتُهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَصَلَاةُ الضُّحَى وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ وَصَلَاةُ مُنْشِئِ السَّفَرِ وَالْقَادِمِ مِنْهُ وَالْمَاكِثِ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاعْتِكَافِ أَوْ تَعَلُّمٍ أَوْ تَعْلِيمٍ وَالْخَائِفِ فَوَاتَ الرَّاتِبَةِ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا ط ب فَقَالَ:

صَلَاةُ نَفْلٍ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ ... إلَّا لِذِي جَمَاعَةٍ يَحْصُلْ

وَسُنَّةُ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ ... وَنَفْلُ جَالِسٍ لِلِاعْتِكَافْ

وَنَحْوُ مُكْثِهِ لِإِحْيَا الْبُقْعَةِ ... كَذَا الضُّحَى وَنَفْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةَ

وَخَائِفُ الْفَوَاتِ بِالتَّأَخُّرِ ... وَقَادِمٌ وَمُنْشِئٌ لِلسَّفَرْ

وَالِاسْتِخَارَةُ وَلِلْقَبْلِيَّةِ ... لِمَغْرِبٍ وَلَا كَذَا الْبَعْدِيَّهْ

اهـ. سم ع ش.

. (قَوْلُهُ: لِيَنْصَرِفَ غَيْرُهُمْ) وَسُنَّ لِلْغَيْرِ الِانْصِرَافُ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي النِّسَاءِ) وَلِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ بِهِنَّ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مُكْثُهُمْ) أَيْ: الْخَنَاثَى لِيَنْصَرِفْنَ أَيْ: النِّسَاءُ. (قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ مُكْثُهُمْ) أَيْ: الْقِيَاسُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ فِي نَظَرِ الْخُنْثَى وَالنَّظَرُ إلَيْهِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ. فَرْعٌ: الْمُشْكِلُ يُحْتَاطُ فِي نَظَرِهِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِ فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا. (قَوْلُهُ: وَانْصِرَافٌ لِجِهَةِ حَاجَةٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>