مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ، وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. فَشُرُوطُ الصَّلَاةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَهِيَ تِسْعَةٌ بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ، بِطُهْرِ الْحَدَثِ وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ شَرْطًا تَجَوُّزًا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَحَقِيقَةً عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ أَحَدُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ لُغَةً الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ أَيْ، عَلَامَاتُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الشَّرْطُ بِالسُّكُونِ إلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ، لَا الْعَلَامَةُ وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا إنَّمَا هِيَ مَعْنَى الشَّرَطِ بِالْفَتْحِ. اهـ فَلَعَلَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ اهـ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِإِلْزَامِ الشَّيْءِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّارِطِ. وَالِالْتِزَامُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فَالشَّارِعُ مَثَلًا عَلَّقَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُ مِنْ الشُّرُوطِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فَأَلْزَمَ الْمُكَلَّفَ إذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَالْمُكَلَّفُ الْتَزَمَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا يَلْزَمُ) أَيْ: خَارِجٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ يَلْزَمُ إلَخْ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ الرُّكْنُ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَاهِيَّةِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ) خَرَجَ بِهِ الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ خَرَجَ السَّبَبُ وَقَوْلُهُ: وَلَا عَدَمٌ خَرَجَ الْمَانِعُ بِالنَّظَرِ لِطَرَفِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعَدَمِ وَخُرُوجِهِ أَوَّلًا بِالنَّظَرِ لِطَرَفِهِ الثَّانِي وَهُوَ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: لِذَاتِهِ لِأَنَّ لُزُومَ الْوُجُودِ فِي اقْتِرَانِ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ، وَلُزُومَ الْعَدَمِ فِي اقْتِرَانِهِ بِالْمَانِعِ إنَّمَا هُوَ لِوُجُودِ السَّبَبِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمَانِعِ فِي الثَّانِي لَا لِذَاتِ الشَّرْطِ، كَمَا فِي حَوَاشِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهُوَ قَيْدٌ لِإِدْخَالِ الشَّرْطِ الْمُقْتَرِنِ بِالسَّبَبِ أَوْ الْمَانِعِ الْأَوَّلِ كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ مَعَ مِلْكِ النِّصَابِ، وَالثَّانِي كَحَوَلَانِهِ الْمُقْتَرِنِ بِمِلْكِ النِّصَابِ مَعَ الدَّيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: لِذَاتِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَقَوْلِهِ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَشُرُوطُ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ مَعْنَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ أَيْ إذَا أَرَدْت بَيَانَ الشُّرُوطِ الْمُبَوَّبِ لَهَا فَهِيَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ إلَخْ.
وَالتَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ عَامٌّ لِكُلِّ شَرْطٍ، وَمَا عِبَارَةٌ عَنْ خَارِجٍ عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَيَخْرُجُ الرُّكْنُ. فَقَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مِنْهَا مُسْتَدْرَكٌ عَلَى تَفْسِيرِك بِمَا ذُكِرَ كَمَا أَشَارَ لَهُ ع ش وَالضَّمِيرُ فِي لَيْسَتْ عَائِدٌ عَلَى مَا لِأَنَّ مَعْنَاهَا أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَاهِيَّةِ وَإِنْ فَسَّرَ مَا بِأُمُورٍ فَقَطْ اُحْتِيجَ لِقَوْلِهِ: وَلَيْسَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِالِاكْتِفَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَخْ) وَإِلَّا لَكَانَتْ عَشَرَةً، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ طُهْرَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْإِنْسَانِ مُتَطَهِّرًا، وَهَذَا قَدْ يَتَّصِفُ بِهِ الْكَافِرُ كَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَاءِ طُهْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِطُهْرِ الْحَدَثِ التَّطْهِيرُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَلْزَمُهُ الْإِسْلَامُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّطَهُّرَ حَتَّى يُرَدَّ مَا ذُكِرَ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مُتَطَهِّرًا لَا التَّطْهِيرُ بِالْفِعْلِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: وَبِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ شَرْطًا، وَإِلَّا لَكَانَتْ سِتَّةً وَأَلْ فِي الْمَانِعِ لِلْجِنْسِ، أَيْ بِجَعْلِ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ شُرُوطًا، وَقَدْ عَدَّهَا ثَلَاثَةً بَعْدُ، إذْ هِيَ انْتِفَاءَاتٌ ثَلَاثَةٌ، فَهِيَ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا تَرْكُ النُّطْقِ ثَانِيًا تَرْكُ زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ عَمْدًا، وَتَرْكُ فِعْلٍ فَحُشَ أَوْ كَثُرَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَثَالِثُهَا تَرْكُ مُفْطِرٍ وَأَكْلٍ كَثِيرٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: تَجَوُّزًا) أَيْ: لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وُجُودِيٌّ، وَمَفْهُومَ الْمَانِعِ عَدَمِيٌّ هَذَا مَا ظَهَرَ بَعْدَ التَّوَقُّفِ وَالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ. اهـ. ز ي وَقَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ الْمَانِعِ أَيْ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي انْتِفَائِهِ لَا فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَيْ الْمَانِعُ وُجُودِيٌّ لِأَنَّهُ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: تَجَوُّزًا أَيْ مَجَازًا بِالِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ؛ حَيْثُ شَبَّهَ انْتِفَاءَ الْمَانِعِ بِالشُّرُوطِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَاسْتُعِيرَ لَفْظُ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ عَدَمِ عَدِّهِ شَرْطًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ) أَيْ مِنْ عَدِّ الْمَوَانِعِ أَيْ انْتِفَائِهَا شُرُوطًا حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الشَّرْطِ وُجُودِيًّا (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا) كَتَبَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ تِسْعَةٌ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ تِسْعَةٌ بَيَانٌ لَهُ أَيْ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ خَبَرًا؛ لِأَنَّهُ قُرِنَ بِالْوَاوِ، وَالْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ لَا تَقْتَرِنُ بِهَا، وَلَيْسَ الْخَبَرُ قَوْلَهُ: مَعْرِفَةُ وَقْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ قَدَّرَ لَهُ مُبْتَدَأً وَهُوَ قَوْلُهُ: أَحَدُهَا إلَخْ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: جَمْعُ شَرْطٍ خَبَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هِيَ جَمْعُ شَرْطٍ ح ف وَانْظُرْ حِكْمَةَ تَغْيِيرِ إعْرَابِ الْمَتْنِ عَمَّا كَانَ مُتَبَادَرًا مِنْهُ؛ فَتَأَمَّلْ. اهـ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute