للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مَعْرِفَةُ) دُخُولِ (وَقْتٍ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا، فَمَنْ صَلَّى بِدُونِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ (وَ) ثَانِيهَا (تَوَجُّهٌ) لِلْقِبْلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.

(وَ) ثَالِثُهَا (سَتْرُ عَوْرَةٍ) وَلَوْ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ. (بِمَا) أَيْ: بِجِرْمٍ (يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا مِنْ أَعْلَى وَجَوَانِبَ) لَهَا، لَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَلَوْ رُئِيَتْ مِنْ ذَيْلِهِ، كَأَنْ كَانَ بِعُلْوٍ، وَالرَّائِي أَسْفَلَ، لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ (وَلَوْ) سَتَرَهَا (بِطِينٍ، وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ) كَمَاءٍ صَافٍ مُتَرَاكِمٍ بِخُضْرَةٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّطْيِينُ وَنَحْوُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا أَوْرَدَ عَلَى مِثْلِ عِبَارَتِهِ مِمَّا أَخْبَرَ فِيهِ بِمُتَعَاطِفَاتٍ عَنْ جَمْعٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا؛ لِعَدَمِ التَّطَابُقِ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ هُنَا: مَعْرِفَةُ وَقْتٍ خَبَرٌ وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، لَمْ يَسْتَقِمْ.

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الرَّبْطِ فَيُقَدَّرُ الْمَعْرِفَةُ وَمَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ التِّسْعَةِ مُتَقَدِّمًا، ثُمَّ يُوقَعُ الرَّبْطُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُبْتَدَإِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ حِينَئِذٍ جُزْءٌ مِنْ الْخَبَرِ، وَالْجُزْءُ لَا إعْرَابَ لَهُ. فَتَبْقَى الْكَلِمَاتُ كَالْأَسْمَاءِ قَبْلَ التَّرْكِيبِ لَيْسَ لَهَا حَرَكَةٌ مَخْصُوصَةٌ يَنْطِقُ بِهَا فِيهِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهَا أُعْرِبَتْ كَإِعْرَابِ الْجُمْلَةِ مَجَازًا بِإِعْطَاءِ مَا لِلْكُلِّ لِأَجْزَائِهِ، فَتَخَلَّصَ الشَّارِحُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا فَعَلَهُ لَكِنْ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْخَبَرَ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ تِسْعَةٌ لَمْ يَظْهَرْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْبَيَانَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا فِيهِ خَفَاءٌ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ بَابٌ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ تِسْعَةٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ هُنَا مُطْلَقُ الْإِدْرَاكِ لِيَصِحَّ جَعْلُهَا شَامِلَةً لِلْيَقِينِ وَالظَّنِّ وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهَا الْإِدْرَاكُ الْجَازِمُ وَهُوَ لَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ. ح ل ع ش (قَوْلُهُ: يَقِينًا) حَالٌ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) أَيْ: نَاشِئًا عَنْ اجْتِهَادٍ، بِأَنْ اجْتَهَدَ لِنَحْوِ غَيْمٍ. م ر (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ قَادِرًا، وَإِلَّا صَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ) إلَّا إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ وَلَمْ يُلَاحِظْ صَاحِبُ الْوَقْتِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَتَقَعُ عَنْ الْفَائِتَةِ ح ل قَالَ ح ل قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ وَيُفَارِقُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ حَرُمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ فِطْرَهُ وَقَعَ بَعْدَ الْغُرُوبِ صَحَّ صَوْمُهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْفِطْرُ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ إلَخْ) وَذَكَرَهُمَا هُنَا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ

. (قَوْلُهُ: سَتْرُ عَوْرَةٍ) أَيْ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَلَّى عَارِيًّا، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: صَلَّى عَارِيًّا، أَيْ الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ، وَلَا تَحْرُمُ رُؤْيَتُهُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَلَا يُكَلَّفُ غَضَّ بَصَرِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَالِيًا إلَخْ) لِلتَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا) أَيْ: لِمُعْتَدِلِ الْبَصَرِ عَادَةً كَمَا فِي نَظَائِرِهِ ع ش فَلَا يَضُرُّ مَا يَحْكِي حَجْمَهَا كَسَرَاوِيلَ ضَيِّقَةٍ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لِلرَّجُلِ، وَلَا يَكْفِي مَا يَحْكِي لَوْنَهَا، بِأَنْ يُعْرَفَ مَعَهُ نَحْوُ بَيَاضِهَا مِنْ سَوَادِهَا كَزُجَاجٍ وَقَفَ فِيهِ، وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِمَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِهَا أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ كَمَا فِي سم. قَالَ ع ش عَلَى م ر وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُمْنَعُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَأَمَّلَ النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ الْقُرْبِ لِلْمُصَلِّي جِدًّا لَأَدْرَكَ لَوْنَ بَشَرَتِهِ لَا يَضُرُّ، وَلَوْ رُئِيَتْ الْبَشَرَةُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَوْ نَارٍ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ لَا تُرَى بِدُونِ تِلْكَ الْوَاسِطَةِ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِجِرْمٍ) خَرَجَ الْأَلْوَانُ فَلَا يُكْتَفَى بِهَا، وَكَذَلِكَ الظُّلْمَةُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ الْإِيرَادُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْلِهِ. ز ي (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ) وَكَذَا لَوْ رُئِيَتْ حَالَ سُجُودِهِ كَمَا فِي حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَتَرَهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ سِتْرُهَا إلَخْ بِلَفْظِ مَصْدَرٍ وَهُوَ بِسُكُونِ التَّاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ اسْمُ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ، أَيْ وَلَوْ كَانَ سِتْرُهَا كَائِنًا بِطِينٍ، وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مَاءٍ كَدِرٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَى إتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، أَوْ فِي الشَّطِّ كَذَلِكَ وَجَبَ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم. فَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِالْخُرُوجِ مَشَقَّةٌ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الشَّطِّ عَارِيًّا أَوْ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يَخْرُجَ إلَى الشَّطِّ لِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَأَمَّا صَلَاةُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ فَلَا يَأْتِي فِيهِمَا هَذَا التَّفْصِيلُ. اهـ. ح ل وَسَمِّ ع ش (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ الْإِتْيَانِ بِلَوْ هَذَا مَا ظَهَرَ. اهـ. ز ي أَيْ فَلَمْ يُخِلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ بَلْ ذَكَرَهُ ضِمْنًا.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>