وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (سُجُودُ السَّهْوِ) فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (سُنَّةٌ) لِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ (لِتَرْكِ بَعْضٍ) مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ عَمْدًا (وَهُوَ) ثَمَانِيَةٌ (تَشَهُّدٌ أَوَّلُ) ، أَوْ بَعْضُهُ (وَقُعُودُهُ) ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ، وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اللَّفْظُ الْوَاجِبُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ دُونَ مَا هُوَ سُنَّةٌ فِيهِ، فَلَا يُسْجَدُ لِتَرْكِهِ قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ، (وَقُنُوتُ رَاتِبٍ) ، أَوْ بَعْضُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَالْمُرَادُ بِهِ السَّهْوُ وَفِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ الْفَرْقُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ أَنَّ الْأَوَّلَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا، فَيَحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ سم عَلَى حَجّ، اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالسُّجُودِ مِنْ كَوْنِهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَمِنْ كَوْنِهِ يَتَعَدَّدُ وَمِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ يَتَحَمَّلُ سَهْوَ الْمَأْمُومِ وَقَدَّمُوا سُجُودَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَثَنَّوْا بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا، وَأَخْرَجُوا سُجُودَ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا خَارِجَ الصَّلَاةِ اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ) صِفَةٌ لِبَيَانِ مَحَلِّهِ لَا لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهَا مَا أُلْحِقَ بِهَا ع ش (قَوْلُهُ: فَرْضًا) أَيْ: سِوَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَسِوَى صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفْلًا وَلَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، أَوْ سَجْدَةَ الشُّكْرِ وَلَا مَانِعَ مِنْ جُبْرَانِ الشَّيْءِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، ح ل وَمِّ ر كَمَا فِي إفْسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِوَطْءٍ، فَإِنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ يَصُومُ سِتِّينَ يَوْمًا مُتَتَابِعَةً مَعَ قَضَاءِ الْيَوْمِ. (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ، إلَّا لِإِمَامِ جَمْعٍ كَثِيرٍ يُخْشَى مِنْهُ التَّشْوِيشُ عَلَيْهِمْ بِعَدَمِ سُجُودِهِمْ مَعَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِأَنَّهُ آكَدُ مِنْهُ ح ل. وَإِنَّمَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْمَسْنُونِ، وَالْبَدَلُ إمَّا كَمُبْدَلِهِ أَوْ أَخَفُّ وَإِنَّمَا وَجَبَ جُبْرَانُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ وَاجِبٍ، فَكَانَ وَاجِبًا شَرْحُ م ر نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ بِسُجُودِ إمَامِهِ تَبَعًا لَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ) أَيْ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَنِيعِهِ حَيْثُ أَعَادَ لَامَ الْعِلَّةِ مَعَ كُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ إشَارَةً إلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ، فَتَأَمَّلْ. وَهَلَّا قَالَ: لِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ، وَمَا وَجْهُ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ؟ قُلْت: لَعَلَّهُ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَتَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَرْكِ بَعْضٍ) أَيْ يَقِينًا لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَلِلشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضِ مُعَيَّنٍ، اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمْدًا) وَلَوْ بِقَصْدِ أَنْ يَسْجُدَ ح ل.
وَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِشُرُوعِهِ فِي السُّجُودِ إذَا كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا (قَوْلُهُ: تَشَهُّدٌ أَوَّلُ) أَيْ: فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بِأَنْ أَحْرَمَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ نَاوِيًا أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِتَشَهُّدَيْنِ فَإِنْ تَرَكَ أَوَّلَهُمَا، سُنَّ السُّجُودُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر وَخَالَفَهُ حَجّ، فَقَالَ: لَا يَسْجُدُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبًا لِذَاتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) وَلَوْ حَرْفًا ع ش (قَوْلُهُ: وَقُعُودُهُ) أَيْ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْضِهِ بِأَنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ التَّشَهُّدَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسَنُّ أَنْ يَقْعُدَ بِقَدْرِ فِعْلِ نَفْسِهِ وَقَدْ يُقَالُ: سُجُودُهُ الْآنَ لَيْسَ لِذَاتِ الْقُعُودِ بَلْ لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَنْ التَّشَهُّدِ ح ل. وَكَذَا يُقَالُ فِي قِيَامِ الْقُنُوتِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ) أَيْ: غَالِبًا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقُعُودِ، فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالتَّشَهُّدِ مِنْ قِيَامٍ فَهُنَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِ الْقُعُودِ تَرْكُ التَّشَهُّدِ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْقُنُوتِ مِنْ قُعُودٍ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِ قِيَامِهِ تَرْكُهُ، شَيْخُنَا ح ف. وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا إذَا جَعَلْنَا الْوَاوَ لِلْحَالِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِلْغَايَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِ شَيْخِنَا غَالِبًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ التَّشَهُّدِ، بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقُعُودِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقُعُودِ. (قَوْلُهُ: وَقُنُوتٌ رَاتِبٌ) وَيَسْجُدُ تَارِكُهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ وَإِنْ فَعَلَهُ الْمَأْمُومُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ إمَامِهِ لَهُ، وَلَوْ اعْتِقَادًا مِنْ حُكْمِ السَّهْوِ الَّذِي يَلْحَقُ الْمَأْمُومَ، لَا لِاقْتِدَائِهِ فِي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي سُنَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُهُ، وَلَا خَلَلَ فِي صَلَاتِهِ، وَعَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ لَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَحَمُّلِهِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْإِمَامِ تَحَمَّلَ الْخَلَلَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مَشْرُوعِيَّةَ فِيهِ س ل. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ تَرْكَ إمَامِهِ إلَخْ فَإِنْ أَتَى بِهِ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ لَمْ يَسْجُدْ الْمَأْمُومُ، إذْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ، اهـ. ع ش وَقَالَ ق ل يَسْجُدُ الشَّافِعِيُّ الْمَأْمُومُ وَإِنْ قُلْتَ: كُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لِلْإِمَامِ فَفِعْلُهُ كَالْعَدَمِ، اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) وَلَوْ حَرْفًا كَالْفَاءِ فِي فَإِنَّك، وَالْوَاوِ فِي وَإِنَّهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى بَدَلِهِ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش: أَيْ مَا لَمْ يَعْدِلْ إلَى آيَةٍ تَتَضَمَّنُ ثَنَاءً وَدُعَاءً؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَرِدْ فِي الْقُنُوتِ، كَانَتْ قُنُوتًا مُسْتَقِلًّا، فَأَسْقَطَ الْعُدُولُ إلَيْهَا حُكْمَ مَا شُرِعَ فِيهِ، اهـ. أَيْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَدَلَ إلَى قُنُوتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute