للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(، وَقِيَامُهُ) ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ تَرْكُهُ تَرْكَ قُنُوتٍ (وَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُمَا) أَيْ: بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَذِكْرُهَا بَعْدَ الْقُنُوتِ، وَتَقْيِيدُهُ بِالرَّاتِبِ مِنْ زِيَادَتِي، وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا يَخْرُجُ بِهِ (وَ) صَلَاةٌ (عَلَى الْآلِ بَعْدَ) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ، وَ) بَعْدَ (الْقُنُوتِ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَذَلِكَ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ، وَلَمْ يَجْلِسْ ثُمَّ سَجَدَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِ الْبَقِيَّةُ، وَيُتَصَوَّرُ تَرْكُ السَّابِعِ مِنْهَا بِأَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقُعُودَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَلِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ بَعْدَ الْأَخِيرِ كَالْقُعُودِ لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا بَعْدَ الْقُنُوتِ كَالْقِيَامِ لَهُ.

وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّنَنُ أَبْعَاضًا لِقُرْبِهَا بِالْجَبْرِ بِالسُّجُودِ مِنْ الْأَبْعَاضِ الْحَقِيقَةِ أَيْ: الْأَرْكَانِ، وَخَرَجَ بِهَا بَقِيَّةُ السُّنَنِ، كَأَذْكَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَا يُجْبَرُ تَرْكُهَا بِالسُّجُودِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ فِيهَا وَبِرَاتِبٍ وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ، وَالْوِتْرُ قُنُوتُ النَّازِلَةِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا، أَيْ: لَا بَعْضٌ مِنْهَا. (وَلِسَهْوِ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ فَقَطْ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَقُنُوتِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فَيَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا صَارَا كَقُنُوتٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا أَخَلَّ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، فَالْبَدَلُ فِي كَلَامِ م ر فِيهِ تَفْصِيلٌ، تَدَبَّرْ. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ قُنُوتِ الصُّبْحِ وَقُنُوتِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فِيهِ، فَتَرَكَ بَعْضَ قُنُوتِ عُمَرَ، يُتَّجَهُ السُّجُودُ. لَا يُقَالُ: بَلْ عَدَمُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ قُنُوتِ عُمَرَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ بِجُمْلَتِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا سُجُودَ لَهُ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا التَّمَسُّكُ لَزِمَ عَدَمُ السُّجُودِ بِتَرْكِ بَعْضِ قُنُوتِ الصُّبْحِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ بِجُمْلَتِهِ وَعَدَلَ إلَى دُعَاءٍ آخَرَ لَمْ يَسْجُدْ، فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ وَافَقَ م ر عَلَى مَا قُلْنَا، اهـ. سم؛ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا صَيَّرَهُمَا كَالْقُنُوتِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ: وَقِيَامُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْمُرَادُ بِهَا الْوَاجِبُ مِنْهَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بَيَانُ مَا يَخْرُجُ بِهِ) وَهُوَ قُنُوتُ النَّازِلَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِهِ إلَخْ) أَيْ بِذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فِي الْقُنُوتِ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِمَا فِيهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَالْبَقِيَّةُ خَمْسَةٌ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ وَلَيْسَ مُقَدِّمَةً وَلَا تَابِعًا لِغَيْرِهِ، وَلَا يُشْرَعُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَقَدْ تَرِدُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا تُشْرَعُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، شَوْبَرِيٌّ. لَكِنْ وُرُودُهَا عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ الْمُرَكَّبَةِ مَعَ عَدَمِ وُرُودِهَا عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا يَقْدَحُ فِي الْعِلَّةِ تَأَمَّلْ، اهـ. ح ف وَانْظُرْ قَوْلَهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ إلَخْ مَعَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ بِذِكْرٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ مُقَدِّمَةً دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ، وَالتَّعَوُّذِ بِمَا بَعْدَهُ السُّورَةُ، وَبِالثَّالِثِ التَّسْبِيحُ، فَلَا سُجُودَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ. (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَرْكُ السَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ تَرْكَهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَتَى بِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَطَالَ الْفَصْلُ أَوْ أَتَى بِمُبْطِلٍ فَاتَ مَحَلُّ السُّجُودِ، اهـ. ح ل فَقَوْلُهُ: تَرَكَ السَّابِعَ أَيْ يُتَصَوَّرُ السُّجُودُ بِتَرْكِ السَّابِعِ كَمَا فِي م ر وَإِلَّا فَتَرْكُهُ حِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ فِي تَصْوِيرِهِ، وَالسَّابِعُ مِنْهَا هُوَ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَيَقَّنَ إلَخْ) وَلَمْ يُصَوِّرْهُ بِمَا إذَا نَسِيَهُ الْمُصَلِّي فَسَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَنْ قُرْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَوْدُ بَعْدَ السَّلَامِ حِينَئِذٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى عَوْدِهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الدَّوْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ عَوْدُهُ كَانَ بِالْعَوْدِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ فَيَأْتِي بِهَا فَلَا يَتَأَتَّى السُّجُودُ لِتَرْكِهَا، وَإِذَا لَمْ يَتَأَتَّ السُّجُودُ، حِينَئِذٍ لِتَرْكِهَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعَوْدُ لِلصَّلَاةِ لِأَجْلِ السُّجُودِ لَهَا فَأَدَّى جَوَازُ الْعَوْدِ لَهُ إلَى عَدَمِ جَوَازِهِ فَيَبْطُلُ مِنْ أَصْلِهِ، اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ) أَوْ بَعْدَهُ وَقُرْبَ الْفَصْلِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّنَنُ إلَخْ) وَالْأَبْعَاضُ الْحَقِيقِيَّةُ جَبْرُهَا بِالتَّدَارُكِ وَهَذِهِ لَمَّا طُلِبَ جَبْرُهَا، أَشْبَهَتْ الْأَبْعَاضَ الْحَقِيقِيَّةَ بِجَامِعِ طَلَبِ الْجَبْرِ فِيهِمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْبُورُ بِهِ فَلِهَذَا سُمِّيَتْ أَبْعَاضًا شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: بِالْجَبْرِ) أَيْ بِسَبَبِ الْجَبْرِ وَقَوْلُهُ: بِالسُّجُودِ لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ، كَمَا صَنَعَ م ر؛ لِأَنَّ الْجَامِعَ مُطْلَقُ الْجَبْرِ، اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَبْعَاضَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، التَّشَهُّدُ أَوْ بَعْضُهُ وَالْقُعُودُ لَهُمَا وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَالْقُعُودُ لَهَا وَالصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَالْقُعُودُ لَهَا، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ. وَالْقُنُوتُ أَوْ بَعْضُهُ، وَالْقِيَامُ لَهُمَا وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ، وَالْقِيَامُ لِكُلٍّ، وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْآلِ وَالصَّحْبِ، وَالْقِيَامُ لِكُلٍّ، فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ، فَالْجُمْلَةُ مَا ذُكِرَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، فَتَكُونَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهَا، إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا هُوَ أَوْ إمَامُهُ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِهِ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: لَيْسَ كُلُّ مَا يَسْجُدُ لَهُ وَارِدًا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ الْبَقِيَّةُ قَالَ ز ي فَإِنْ سَجَدَ لِتَرْكِ غَيْرِ بَعْضٍ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمِثْلُهُ ح ل وَعِ ش. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا بَعْضٌ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَارِضَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَزُولُ بِزَوَالِ النَّازِلَةِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ شَأْنُهُ بِالْجَبْرِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالسَّهْوُ) الْوَاوُ فِي هَذِهِ الْمَعْطُوفَاتِ بِمَعْنَى أَوْ، كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ لِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ شَوْبَرِيٌّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا لَوْ سَهَا بِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ وَقَبْلَ السَّلَامِ، فَلَا يَسْجُدُ ثَانِيًا كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَجْبُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>