للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجُعِلَ الْمُبْهَمُ كَالْمُعَيَّنِ (لَا) لِلشَّكِّ (فِي) فِعْلِ (مَنْهِيٍّ) عَنْهُ، وَإِنْ أَبْطَلَ عَمْدُهُ، كَكَلَامٍ قَلِيلٍ نَاسِيًا فَلَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَوْ سَهَا، وَشَكَّ هَلْ سَهَا بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي وَاقْتَضَى السُّجُودَ؟ أَوْ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ؟ سَجَدَ لِتَيَقُّنِ مُقْتَضِيهِ (إلَّا) لِلشَّكِّ (فِيمَا) صَلَّاهُ، وَ (احْتَمَلَ زِيَادَةً فَلَوْ شَكَّ) ، وَهُوَ فِي رُبَاعِيَّةٍ (أُصَلِّي ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَتَى بِرَكْعَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فِعْلِهَا (وَسَجَدَ) ، وَإِنْ زَالَ شَكُّهُ قَبْلَ سَلَامِهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ أَنَّهَا رَابِعَةٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي زِيَادَتِهَا، وَلَا يَرْجِعُ فِي فِعْلِهَا إلَى ظَنِّهِ، وَلَا إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ أَيْ: رَدَّتْهَا السَّجْدَتَانِ، وَمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا إلَى الْأَرْبَعِ أَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ زِيَادَةً كَأَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، أَهِيَ ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ، فَتَذَكَّرَ فِيهَا أَنَّهَا ثَالِثَةٌ فَلَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْهَا مَعَ التَّرَدُّدِ لَا بُدَّ مِنْهُ.

. (وَلَوْ سَهَا) بِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ (وَشَكَّ أَسَجَدَ) أَمْ لَا (سَجَدَ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَرْكِ مَنْدُوبٍ غَيْرِ بَعْضٍ وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ، إلَّا أَنَّ الْإِيهَامَ لَمَّا أَضْعَفَهُ لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ، اهـ. ح ل وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْد: أَوْ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ سَجَدَ، لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُقْتَضِي هُنَا، وَتَيَقُّنِهِ فِيمَا يَأْتِي كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ تَيَقَّنَ تَرْكَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يَدْرِي عَيْنَ الْمَتْرُوكِ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: فَجُعِلَ الْمُبْهَمُ كَالْمُعَيَّنِ) وَإِنَّمَا يَكُونُ كَالْعَيْنِ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضًا وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُنُوتٌ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدٌ أَوَّلُ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُعَيَّنِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهَا) أَيْ: تَيَقَّنَ السَّهْوَ وَشَكَّ هَلْ سَهَا بِالْأَوَّلِ أَيْ تَرَكَ الْمَأْمُورَ بِهِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ الثَّانِي أَيْ فَعَلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَى) أَيْ: الثَّانِي السُّجُودَ فَخَرَجَ الِالْتِفَاتُ بِالْوَجْهِ وَالْخُطُوَاتِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ إلَخْ) اُنْظُرْ صُورَتَهُ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ صَلَاةٌ فِيهَا تَشَهُّدٌ أَوَّلُ وَقُنُوتٌ يَقْتَضِي السُّجُودَ لِلسَّهْوِ ح ل، وَيُصَوَّرُ بِأَنْ صَلَّى وَتْرَ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مَوْصُولًا، عَلَى قَصْدِ إتْيَانِهِ بِتَشَهُّدَيْنِ فَنَسِيَ أَوَّلَهُمَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ تِلْمِيذُهُ الْعَبَّادِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا ز ي بِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْوِتْرِ مَوْصُولًا الِاقْتِصَارُ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ، أَيْ وَالتَّشَهُّدُ الْمَفْضُولُ لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَطْلُوبٌ، اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْإِتْيَانَ بِتَشَهُّدَيْنِ، كَمَا هُوَ فَرْضُ التَّصْوِيرِ، فَلْيُحَرَّرْ، وَفِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيُصَوَّرُ أَيْضًا بِأَنْ اقْتَدَى مُصَلِّي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ مَثَلًا، فِي آخِرِ رَكْعَةٍ وَشَكَّ هَلْ تَرَكَ الْقُنُوتَ أَوْ تَرَكَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ شَكَّ إلَخْ) أَيْ: شَكَّ هَلْ الَّذِي صَلَّيْته ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ أَيْ الرَّكْعَةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا رَابِعَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ خَامِسَةٌ، اهـ. ح ل وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَاحْتَمَلَ زِيَادَةً، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّكْعَةِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا، وَإِلَّا فَقَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهَا لَا يُحْتَمَلُ مَا صَلَّاهُ لِلزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي رُبَاعِيَّةٍ) مُرَادُهُ بِالرُّبَاعِيَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، فَيَشْمَلُ مَا إذَا أَحْرَمَ بِأَرْبَعٍ رَكَعَاتٍ نَفْلًا، كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ إطْلَاقُ الْحَدِيثِ، كَمَا قَالَهُ ع ش فَلَا حَاجَةَ لِإِلْحَاقِ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَصَلَّى ثَلَاثًا إلَخْ) أَيْ: وَاسْتَمَرَّ شَكُّهُ حَتَّى قَامَ لِلرَّابِعَةِ وَبِهَذَا فَارَقَ قَوْلُهُ بَعْدَ أَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ زِيَادَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلتَّرَدُّدِ) أَيْ حَالَ فِعْلِهَا فِي زِيَادَتِهَا، وَعِبَارَةُ م ر لِتَرَدُّدِهِ حَالَ الْقِيَامِ إلَيْهَا فِي زِيَادَتِهَا الْمُحْتَمِلَةِ، فَقَدْ أَتَى بِزَائِدٍ عَلَى تَقْدِيرٍ دُونَ تَقْدِيرٍ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّرَدُّدُ فِي زِيَادَتِهِمَا مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ زَائِدَةً فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدُهُ أَضْعَفَ النِّيَّةَ، فَأَحْوَجَ إلَى الْجَبْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ) وَلَا إلَى فِعْلِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا) أَيْ مَا لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ، فَإِنْ بَلَغُوهُ رَجَعَ إلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر وَعِبَارَةُ ز ي وَهَلْ فِعْلُهُمْ كَقَوْلِهِمْ، بِأَنْ صَلَّى مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ، يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَشَكَّ فِي الْعَدَدِ أَوْ لَا؟ الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَيْسَ كَقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ بِوَضْعِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: إنَّ الْفِعْلَ كَالْقَوْلِ وَأَمَّا مُرَاجَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ثُمَّ عَوْدُهُ لِلصَّلَاةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ فَمَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ عَلَى بُلُوغِ أَصْحَابِهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، اهـ. وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا مُرَاجَعَتُهُ إلَخْ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الشَّرْحِ، وَلَا إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ صَلَّى أَرْبَعًا كَانَتَا إرْغَامًا لِلشَّيْطَانِ. (قَوْلُهُ: وَمَا تَضَمَّنَتَاهُ) أَيْ: فَصَحَّ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: شَفَعْنَ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْمُنَاسِبُ شَفَعَتَا أَيْ السَّجْدَتَانِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْأَرْبَعِ) أَيْ: إنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً، فَكَأَنَّ الزِّيَادَةَ قَدْ نُزِعَتْ مِنْهَا ق ل.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ) أَيْ: الَّذِي صَلَّيْتُهُ رَكْعَتَانِ، وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ أَوْ الَّذِي صَلَّيْتُهُ ثَلَاثَةٌ وَهَذِهِ رَابِعَةٌ. ح ل (قَوْلُهُ: فَتَذَكَّرَ فِيهَا أَنَّهَا ثَالِثَةٌ) وَبِهَذَا فَارَقَتْ صُورَةَ الْمَتْنِ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَهَا بِمَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ) أَيْ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>