وَتَسْبِيحٍ فَيَسْجُدُ لَهُ سَوَاءٌ نَقَلَهُ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مُؤَكَّدًا كَتَأْكِيدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَرِدُ نَقْلُ السُّورَةِ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ لَا يَسْجُدُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ نَظَائِرُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ، وَأَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَقْلِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ، وَمِنْ تَقْيِيدِهِ السُّجُودَ بِالسَّهْوِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ نَقْلُ الْفِعْلِيِّ، وَالسَّلَامُ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ عَمْدًا فَمُبْطِلٌ، وَفَارَقَ نَقْلُ الْفِعْلِيِّ نَقْلَ الْقَوْلِيِّ غَيْرَ مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ هَيْئَةَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْفِعْلِيِّ.
. (وَلِلشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي: (مُعَيَّنٍ) كَقُنُوتٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ قَدْ لَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، وَبِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ لِضَعْفِهِ بِالْإِبْهَامِ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ مَعْنًى، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا ز ي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِمَا قِيَاسًا عَلَى الْقُنُوتِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقُنُوتَ ثَنَاءٌ وَدُعَاءٌ، وَالدُّعَاءُ مَطْلُوبٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُطْلَبُ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، فَفِي نَقْلِهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ اخْتِلَالٌ، وَلَوْ بِدُونِ نِيَّتِهِ بِخُصُوصِهِ، اهـ. ح ل وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَالْقِرَاءَةَ، لَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا نِيَّةٌ فِي اقْتِضَاءِ السُّجُودِ هُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ: وَتَسْبِيحٍ) ضَعِيفٌ ع ش. (قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ التَّحَفُّظَ) قَدْ يُقَالُ: التَّحَفُّظُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ. وَقَدْ قَيَّدُوا الْمَأْمُورَ بِهِ، بِكَوْنِهِ مِنْ الصَّلَاةِ فَفِي قَوْلِ حَجّ: إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُمَا أَيْ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ نَظَرٌ. لَا يُقَالُ: نَمْنَعُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْخَلَلِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ أَوْ أَدَبٌ لَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ شَرْطٌ أَوْ أَدَبٌ خَارِجٌ عَنْهَا، كَمَا أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ نَحْوِ الْكَلَامِ، وَالِالْتِفَاتِ شَرْطٌ، أَوْ أَدَبٌ وَلَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم عَلَى حَجّ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا التَّحَفُّظَ يُشْبِهُ الْبَعْضَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: مُؤَكَّدًا) أَيْ: أَمْرًا مُؤَكَّدًا، كَتَأْكِيدِ التَّشَهُّدِ أَيْ الْأَمْرِ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ: عَلَى الْعِلَّةِ أَوْ عَلَى الْمَتْنِ. وَقَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَسْجُدُ تَعْلِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقِيَامَ تَعْلِيلٌ لِلنَّفْيِ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَحَلُّهَا فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ مَحَلُّهَا بِنَفْسِهِ، لَا بِنَوْعِهِ فَلَا يَرُدُّ أَنَّ الْقِيَامَ مَحَلُّ الْقُنُوتِ بِنَوْعِهِ، وَهُوَ الدُّعَاءُ كَمَا فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ فَكَيْفَ يَسْجُدُ مَنْ نَقَلَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ اهـ. ح ف وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَظَائِرُهُ) كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ التَّشَهُّدِ، وَقَبْلَ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ قَبْلَهُمَا أَيْضًا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ، شَوْبَرِيٌّ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَيُقَاسُ أَيْ فِي عَدَمِ إيرَادِ مِثْلِ مَا ذُكِرَ. فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: لَيْسَ هُنَا دَلِيلٌ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَعَمُّ وَأَوْلَى إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ، أَيْ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَقْلِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَأَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالسَّهْوِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَعَمُّدِهِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ كُلًّا فِيهِ عُمُومٌ وَأَوْلَوِيَّةٌ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِنَقْلِ رُكْنٍ يُوهِمُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِنَقْلِ السَّلَامِ، وَتَقْيِيدِهِ بِالسَّهْوِ لَا يَشْمَلُ التَّعَمُّدَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِالسَّهْوِ) أَيْ: بِكَوْنِ النَّقْلِ سَهْوًا. (قَوْلُهُ: فَمُبْطِلٌ) مَحَلُّهُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إذَا نَوَى بِالثَّانِيَةِ افْتِتَاحًا وَلَمْ يَنْوِ خُرُوجًا قَبْلَهَا كَمَا قَالَهُ خ ط وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ مَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً، ثُمَّ نَوَى افْتِتَاحَ صَلَاةٍ أُخْرَى، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَرْكَانِ عَدَمُ الصَّارِفِ، وَقَصْدُهُ الِافْتِتَاحَ بِالثَّانِيَةِ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ الْأُولَى، فَصَارَ ذَلِكَ صَارِفًا عَنْ الدُّخُولِ بِهَا، لِضَعْفِهَا عَنْ تَحْصِيلِ أَمْرَيْنِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مَعًا، لِيُخْرِجَ بِالْأَشْفَاعِ لِذَلِكَ اهـ. م د فَإِنْ نَوَى خُرُوجًا قَبْلَ الثَّانِيَةِ مَثَلًا خَرَجَ بِالنِّيَّةِ وَدَخَلَ بِالتَّكْبِيرِ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ نَقْلُ الْفِعْلِيِّ نَقْلَ الْقَوْلِيِّ) أَيْ: حَيْثُ فَصَّلُوا فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَلَمْ يُبْطِلُوا بِالثَّانِي مُطْلَقًا
. (قَوْلُهُ: بَعْضٍ مُعَيَّنٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلْبَعْضِ الْمُبْهَمِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمُبْهَمِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَرَكَ بَعْضًا وَشَكَّ فِي أَنَّهُ التَّشَهُّدُ، أَوْ الْقُنُوتُ مَثَلًا، أَمَّا إنْ فُسِّرَ الْمُبْهَمُ بِمَا لَوْ عَلِمَ تَرْكَ مَنْدُوبٍ وَشَكَّ هَلْ هُوَ بَعْضٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ هَلْ مَتْرُوكُهُ الْقُنُوتُ أَوْ التَّشَهُّدُ إلَخْ؟ لَكِنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَتَّحِدُ هَذِهِ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ، بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ م ر عَدَمُ السُّجُودِ فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ أَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ عَلَيْهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ مَنْدُوبٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بَعْضٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي جُمْلَةِ الْمَنْدُوبَاتِ لَا أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ مَنْدُوبًا بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْهَيْئَاتِ وَالْأَبْعَاضِ أَوْ لَا، أَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَ مَنْدُوبٍ، وَشَكَّ هَلْ هُوَ بَعْضٌ أَوْ هَيْئَةٌ وَأَصَرَّ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي تَقْرِيرِهِ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الشَّكِّ فِي تَرْكِ بَعْضٍ مُبْهَمٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: مُعَيَّنٍ كَأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَ بَعْضًا أَوْ أَتَى بِجَمِيعِ الْأَبْعَاضِ وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا مَعَ تَيَقُّنِهِ عَدَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute