وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُتَنَفِّلُ فِي السَّفَرِ إذَا انْحَرَفَ عَنْ طَرِيقِهِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ نَاسِيًا، وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِخِلَافِ الْعَامِدِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْمَنْصُوصِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ. لَكِنْ صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنَّمَا كَانَ الِاعْتِدَالُ، وَالْجُلُوسُ الْمَذْكُورُ قَصِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُقْصَدَا فِي أَنْفُسِهِمَا، بَلْ لِلْفَصْلِ، وَإِلَّا لَشُرِعَ فِيهِمَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ؛ لِيَتَمَيَّزَا بِهِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْقِيَامِ، وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْتُهُ مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
وَخَرَجَ بِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ كَالْتِفَاتٍ، وَخُطْوَتَيْنِ، فَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَلَا لِعَمْدِهِ لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ لَهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ نَقْلِ الْقَوْلِيِّ مَا لَوْ فَرَّقَهُمْ فِي الْخَوْفِ أَرْبَعَ فِرَقٍ، وَصَلَّى بِكُلٍّ رَكْعَةً، أَوْ فِرْقَتَيْنِ وَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً، وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلْمُخَالَفَةِ بِالِانْفِطَارِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَخَرَجَ بِ " فَقَطْ " مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، وَسَهْوُهُ كَكَثِيرِ كَلَامٍ، وَأَكْلٍ، وَفِعْلٍ، فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ (وَلِنَقْلٍ) مَطْلُوبٍ (قَوْلِيٍّ غَيْرِ مُبْطِلٍ) نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ رُكْنًا كَانَ كَفَاتِحَةٍ، أَوْ بَعْضِهَا أَوْ غَيْرَ رُكْنٍ كَسُورَةٍ، وَقُنُوتٍ بِنِيَّتِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَ مَذْهَبًا ع ش وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى النِّسْيَانِ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلِسَهْوٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ نَاسِيًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَخَرَجَ بِهِ جِمَاحُ الدَّابَّةِ فَيَسْجُدُ قَطَعَا، اهـ. حَجّ لَكِنْ فِي الْبَهْجَةِ وَشَرْحِهَا لِلشَّارِحِ مَا يُفِيدُ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْ النِّسْيَانِ وَالْجِمَاحِ ع ش، وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُجُودِهِ لِجُمُوحِهَا وَعَوْدِهَا فَوْرًا، بِأَنَّ هَذَا مُقَصِّرٌ بِرُكُوبِهِ الْجَمُوحَ أَوْ بِعَدَمِ ضَبْطِهَا بِخِلَافِ النَّاسِي، فَخَفَّفَ عَنْهُ لِمَشَقَّةِ السَّفَرِ، وَإِنْ قَصُرَ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ) أَيْ عَلَى كُلِّ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ دُونَ سَهْوِهِ قَالَ ع ش: وَعَلَيْهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَنْفُسِهِمَا) أَيْ لِذَاتِهِمَا، فَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بَلْ لِلْفَصْلِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الطُّمَأْنِينَةِ يُنَافِي ذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا اُشْتُرِطَتْ لِيَتَأَتَّى الْخُشُوعُ، وَيَكُونَ عَلَى سَكِينَةٍ، اهـ. سم ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَشُرِعَ إلَخْ) أَيْ: لِقَوْلِنَا: إنَّهُمَا مَقْصُودَانِ إلَخْ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لِلْفَصْلِ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ كَوْنِهِمَا عَادَتَيْنِ. فَكَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ ذِكْرٍ لَهُمَا، وَقَدْ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ حَجّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمَّا اكْتَنَفَهُ رُكْنَانِ كَانَ الِاكْتِنَافُ صَارِفًا لَهُمَا عَنْ الْعَادَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِمَا يُمَيِّزُهُ، فَالِاعْتِدَالُ اكْتَنَفَهُ الرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اكْتَنَفَهُ السَّجْدَتَانِ، اهـ. اط ف. (قَوْلُهُ: لِيَتَمَيَّزَا بِهِ عَنْ الْعَادَةِ) هَذَا مِنْ تَمَامِ اللَّازِمِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْمُلَازَمَةُ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ رُكْنَانِ طَوِيلَانِ مَقْصُودَانِ لِذَاتِهِمَا، مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِمَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ عَادَةً حَتَّى يَتَمَيَّزَا بِهِ عَنْهَا بَلْ لَا يَكُونَانِ إلَّا عِبَادَةً بِخِلَافِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لَمَّا كَانَا يَكُونَانِ عَادَةً وَعِبَادَةً شُرِعَ لَهُمَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ لِيَتَمَيَّزَا عَنْ الْعَادَةِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: كَلَامُ إلَخْ وَهُوَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُمَا مَقْصُودَانِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِمَا فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِمَا، اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِ السُّجُودِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِنَا: مَا لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يَأْتِي) أَيْ: فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ، مَعَ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ كَعَمْدِهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: لِلسَّهْوِ) أَيْ الْمُخَالَفَةِ لَكِنْ يَصِيرُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلْمُخَالَفَةِ إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُخَالَفَةُ الثَّانِيَةُ خَاصَّةٌ، تَأَمَّلْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّهْوِ الْخَلَلُ قَالَ ح ل قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ سَبَبًا خَامِسًا مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ وَلِكَوْنِهِ خَاصًّا لَمْ يَعُدْ سَبَبًا خَامِسًا قَالَ ع ش: فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أَيْ الْإِمَامُ أَيْ وَتَسْجُدُ مَعَهُ الْفِرْقَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ آخِرًا، وَلَا سُجُودَ عَلَى الْفِرْقَةِ الْأُولَى لِمُفَارَقَتِهَا لَهُ قَبْلَ حُصُولِ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، وَتَسْجُدُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِمَا، اهـ. سم بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْوَارِدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ التَّشَهُّدُ أَوْ الْقِيَامُ فِي الثَّالِثَةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَفِي غَيْرِهَا مَحَلُّهُ التَّشَهُّدُ وَالرُّكُوعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِعْلُ هَذَا بِالْأَمْنِ، بِأَنْ فَارَقَهُ الْمَأْمُومُونَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ وَاسْتَمَرَّ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ إلَى أَنْ أَتَمُّوا وَجَاءَ غَيْرُهُمْ فَاقْتَدَى بِهِ ثُمَّ فَارَقُوهُ بَعْدَ قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا، فَيَنْبَغِي السُّجُودُ لِهَذَا الِانْتِظَارِ بِالْأَوْلَى، اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَلِنَقْلٍ مَطْلُوبٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقَوْلِيَّ الْمَنْقُولَ عَنْ مَحَلِّهِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ رُكْنًا أَوْ بَعْضًا أَوْ هَيْئَةً، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ، فَالرُّكْنُ يَسْجُدُ لِنَقْلِهِ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ الْبَعْضُ إنْ كَانَ تَشَهُّدًا، فَإِنْ كَانَ قُنُوتًا فَإِنْ نَقَلَهُ بِنِيَّتِهِ سَجَدَ أَوْ يَقْصِدُ الذِّكْرَ فَلَا. وَالْهَيْئَةُ لَا يَسْجُدُ لِنَقْلِهَا إلَّا السُّورَةَ، اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ: رُكْنًا) أَيْ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِبَعْضِ الْفَاتِحَةِ، وَمِنْ نَقْلِ الْقُنُوتِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَقُنُوتٍ) أَيْ: أَوْ كَلِمَةٍ مِنْهُ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي الِاعْتِدَالِ فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ نِصْفِ رَمَضَانَ الثَّانِي، وَلَمْ يَطُلْ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَأَمَّا الْفَاتِحَةُ وَالسُّورَةُ فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّتِهِمَا وَقَرَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute