أَوْ جَاهِلًا) تَحْرِيمَهُ فَلَا تَبْطُلُ لِعُذْرِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ، وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ أَوْ تَعَلُّمِهِ (لَكِنَّهُ يَسْجُدُ) لِلسَّهْوِ لِزِيَادَةِ قُعُودٍ أَوْ اعْتِدَالٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا) إنْ عَادَ (مَأْمُومًا) فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (بَلْ عَلَيْهِ عَوْدٌ) ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُفَارَقَتَهُ بِخِلَافِهِ، إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ، بَلْ يُسَنُّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَغَيْرِهِ فِي التَّشَهُّدِ، وَمِثْلُهُ الْقُنُوتُ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْفَاعِلَ ثَمَّ مَعْذُورٌ، فَفِعْلُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا بِخِلَافِهِ هُنَا، فَفِعْلُهُ مُعْتَدٌّ بِهِ، وَقَدْ انْتَقَلَ مِنْ وَاجِبٍ إلَى آخَرَ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ مَثَلًا قَبْلَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ حَرُمَ قُعُودُهُ مَعَهُ لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ بِانْتِصَابِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَعَ نِسْيَانِ أَنَّهُ فِيهَا، اهـ. شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ، وَلَمْ يَنْشَأْ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ، أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّقَائِقِ قَالَ ح ل: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِمْ مُقَصِّرِينَ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) أَيْ: فَوْرًا أَيْ: لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَوْدِ نَاسِيًا. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَعُودُ لِلسُّجُودِ وَإِنْ اطْمَأَنَّ أَوْ لَا، مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرِيرُ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِزِيَادَةِ قُعُودٍ) أَيْ: وَهُوَ مِمَّا يُبْطِلُ عَمْدُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ عَادَ) أَيْ: عَامِدًا عَالِمًا إذْ عَوْدُهُ نَاسِيًا دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَرَكَ نَاسِيًا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَأْمُومًا) هَلَّا قَالَ: أَوْ مَأْمُومًا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: بَلْ عَلَيْهِ عَوْدٌ، فَأَشَارَ بِعَوْدِ النَّافِي إلَى اسْتِقْلَالِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَاطِفِ لَتَوَهَّمَ أَنَّ وُجُوبَ الْعَوْدِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعًا لِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ، شَوْبَرِيٌّ. وَفِيهِ أَنَّ النَّاسِيَ وَالْجَاهِلَ يَلْزَمُهُمَا الْعَوْدُ عِنْدَ التَّذَكُّرِ، أَوْ التَّعَلُّمِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ فَلَا يُرَدُّ، وَأَيْضًا الْعَوْدُ فِيهِمَا لِلسُّجُودِ وَالْقِيَامِ لَا لِلتَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ عَوْدٌ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ ظَنَّ الْمَسْبُوقُ سَلَامَ إمَامِهِ فَقَامَ إذْ يَجِبُ الْعَوْدُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَهُوَ أَنَّهُ فَعَلَ هُنَا مَا لِلْإِمَامِ فِعْلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ أَنَّ تَعَمُّدَ الْقِيَامِ هُنَا غَيْرُ مُبْطِلٍ بِخِلَافِ تَعَمُّدِ الْمَسْبُوقِ الْقِيَامَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَامَ الْإِمَامُ قَبْلَ عَوْدِهِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ عَوْدِ الْمَسْبُوقِ، لَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُ عَوْدِهِ لِلْجُلُوسِ، اهـ. ابْنُ شَوْبَرِيٍّ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ عَوْدُ مَا أَفَادَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ وُجُوبِ الْعَوْدِ، إذَا تَرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقُنُوتِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا، لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا تَرَكَهُ فِي اعْتِدَالٍ لَا قُنُوتَ فِيهِ وَخَرَّ سَاجِدًا سَهْوًا، كَمَا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ طب وم ر وَهُوَ ظَاهِرٌ، اهـ. سم. أَقُولُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِيمَا لَوْ تَرَكَهُ فِي الْقُنُوتِ، وَالْإِمَامُ مَشْغُولٌ بِسُنَّةٍ تُطْلَبُ مُوَافَقَتُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الِاعْتِدَالِ الَّذِي لَا قُنُوتَ فِيهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مَشْغُولًا فِيهِ بِمَا ذُكِرَ، وَزَمَنُهُ قَصِيرٌ فَسُجُودُ الْمَأْمُومِ قَبْلَهُ لَيْسَ فِيهِ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ، كَسَبْقِهِ وَهُوَ فِي الْقُنُوتِ غَايَتُهُ أَنَّهُ سَبَقَهُ بِبَعْضِ رُكْنٍ سَهْوًا وَفِي حَجّ الْجَزْمُ بِمَا اسْتَظْهَرَهُ سم قَالَ: وَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ السَّبْقَ بِرُكْنٍ سَهْوًا لَا يَضُرُّ بِالرُّكُوعِ، اهـ. أَيْ بِخِلَافِ السُّجُودِ سَهْوًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعُدْ) أَيْ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ أَوْ عِلْمِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ إذَا تَعَمَّدَ التَّرْكَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ تَعَمَّدَ غَيْرُ مَأْمُومٍ تَرْكَهُ، وَذَكَرَهُ هُنَا لِلْفَرْقِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ: فِيمَا إذَا تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ، بِأَنَّ الْفَاعِلَ ثَمَّ مَعْذُورٌ، فَفِعْلُهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ مَا دَامَ نَاسِيًا، فَلَمْ يَتَلَبَّسْ بِفَرْضٍ أَيْ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ سَهْوًا حَيْثُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ لِلرُّكُوعِ مَعَهُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعُودَ لَهُ؛ لِعَدَمِ فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ السَّاهِي أَوْ يَعْلَمْ الْجَاهِلُ، إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ لَمْ يَعُدْ لَهُ، وَلَا يَحْسَبُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ ح ل (قَوْلُهُ: مِنْ وَاجِبٍ) وَهُوَ الْمُتَابَعَةُ إلَى آخَرَ وَهُوَ الْقِيَامُ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ نَاسِيًا خُيِّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا خُيِّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالِانْتِظَارِ وَنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْإِمَامُ) أَيْ: وَكَانَ تَرَكَهُ وَقَوْلُهُ: مَثَلًا أَيْ أَوْ لِلْقُنُوتِ. وَمُرَادُ الشَّارِحِ تَكْمِيلُ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ التَّارِكَ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ أَوْ هُمَا. (قَوْلُهُ: حَرُمَ قُعُودُهُ) أَيْ اسْتِمْرَارُ قُعُودِهِ قَالَ ع ش: فَإِنْ قَعَدَ عَالِمًا عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا، وَمُفَارَقَتُهُ أَوْلَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ جَلَسَ الْإِمَامُ بِتَشَهُّدٍ فِي ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ سَهْوًا، فَشَكَّ الْمَأْمُومُ أَهِيً ثَالِثَةٌ أَمْ رَابِعَةٌ؟ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ؛ لِوُجُوبِ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ، وَجَعَلَهَا ثَالِثَةً، وَحِينَئِذٍ تَجُوزُ لَهُ الْمُفَارَقَةُ وَالِانْتِظَارُ قَائِمًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَشُكُّ فَيَقُومُ، وَمُفَارَقَتُهُ أَوْلَى ح ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute