للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَسُنَّ تَأْخِيرُهُ عَنْ صَلَاةِ لَيْلٍ) مِنْ رَاتِبَةٍ، أَوْ تَرَاوِيحَ أَوْ تَهَجُّدٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» (وَلَا يُعَادُ) نَدْبًا، وَإِنْ أُخِّرَ عَنْهُ تَهَجُّدٌ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ لَمْ يُعِدْهُ، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد، وَغَيْرِهِ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» (وَ) سُنَّ تَأْخِيرُهُ (عَنْ أَوَّلِهِ) أَيْ: اللَّيْلِ (لِمَنْ وَثِقَ بِيَقَظَتِهِ) بِفَتْحِ الْقَافِ (لَيْلًا) سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهَا لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ» ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَاقْتُصِرَ فِي الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي سَنِّ التَّأْخِيرِ عَلَى مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ.

(، وَ) سُنَّ (جَمَاعَةٌ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ) ، وَإِنْ لَمْ تُفْعَلْ التَّرَاوِيحُ أَوْ فُعِلَتْ فُرَادَى بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، كَمَا سَيَأْتِي فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ عَقِبَ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، إنْ لَمْ يُخَالِفْ سُنَّةً صَحِيحَةً صَرِيحَةً. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) كَالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ

. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَأْخِيرُهُ) مَا لَمْ يَكُنْ إذَا فَعَلَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، لَا يَفُوتُهُ أَكْمَلُهُ وَإِذَا أَخَّرَهُ يَفْعَلُ أَقَلَّ مِنْ أَكْمَلِهِ، فَالْأَوْلَى لَهُ التَّقْدِيمُ كَمَا قَالَهُ ع ش وَالْبِرْمَاوِيُّ، خِلَافًا لح ل وَشَوْبَرِيٍّ، اهـ. ح ف (قَوْلُهُ: أَوْ تَهَجُّدٍ) هُوَ شَامِلٌ لِلرَّاتِبَةِ وَالتَّرَاوِيحِ إذَا صَلَّاهُمَا بَعْدَ نَوْمٍ ع ش (قَوْلُهُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ) قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا فِيهِ؛ لِأَنَّ جَعَلَ تَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ، أَيْ عَلَى تَأْوِيلِ اجْعَلُوا بِافْعَلُوا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ شَيْخُنَا وَإِلَى مَفْعُولَيْنِ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولًا فِيهِ ظَرْفِيَّةُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ هُوَ آخِرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ) وَلَوْ وِتْرَ رَمَضَانَ، وَلَوْ فِي جَمَاعَةٍ، وَإِنْ كَانَ صَلَّاهُ أَوَّلًا فُرَادَى، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ أَنَّ النَّفَلَ الَّذِي تَشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ تُسَنُّ إعَادَتُهُ جَمَاعَةً. (قَوْلُهُ: نَدْبًا) أَيْ شَرْعًا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ نَدْبًا أَنَّهُ يَجُوزُ إعَادَتُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: نَدْبًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ تَهَجُّدٌ) إنْ قُلْتَ: عَادَةُ الشَّارِحِ أَنْ يُعَمِّمَ بِمَا تَرَكَهُ الْأَصْلُ، وَهُنَا عَمَّمَ بِمَا ذَكَرَهُ، قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، هُوَ الَّذِي فِيهِ الْإِبْهَامُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَ التَّهَجُّدَ، رُبَّمَا يُقَالُ: يَصِحُّ أَنْ يُوتِرَ ثَانِيًا؛ لِيَكُونَ الْوِتْرُ آخِرَ صَلَاتِهِ، فَلِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالُ: لَعَلَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، فَانْظُرْهُ. وَتَقْدِيمُ الْوِتْرِ عَلَى التَّهَجُّدِ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّهَجُّدَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَوْمٍ، وَبَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ الْوِتْرَ بَعْدَ نَوْمٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ تَهَجُّدًا وَوِتْرًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ نَوْمٍ كَانَ وِتْرًا لَا تَهَجُّدًا، فَبَيْنَ الْوِتْرِ وَالتَّهَجُّدِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَيَنْفَرِدُ التَّهَجُّدُ إذَا كَانَ بَعْدَ نَوْمٍ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الْوِتْرَ، اهـ. ح ل وَيَنْفَرِدُ الْوِتْرُ بِمَا إذَا أَوْتَرَ بَعْدَ التَّهَجُّدِ (قَوْلُهُ: لَا وَتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ) هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ، فَإِنْ أَعَادَ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ عَامِدًا عَالِمًا حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ وَانْعَقَدَ نَفْلًا مُطْلَقًا، اهـ. ح ل قَالَ الْعَلَامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: قَوْلُهُ: وَتْرَانِ هُوَ جَارٍ عَلَى لُغَةِ بَنِي الْحَارِثِ الَّذِينَ يَنْصِبُونَ الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ، فَإِنَّ " لَا " يُبْنَى الِاسْمُ مَعَهَا عَلَى مَا يُنْصَبُ بِهِ، فَيُقَالُ فِي الْمُثَنَّى: لَا رَجُلَيْنِ فِي الدَّارِ. فَمَجِيءُ لَا وَتْرَانِ بِالْأَلِفِ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْحِجَازِ، عَلَى حَدِّ مَنْ قَرَأَ " إنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ "، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اهـ مِرْقَاةُ الصُّعُودِ، اهـ. شَوْبَرِيٌّ أَيْ فَيَكُونُ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْزِمُ الْمُثَنَّى الْأَلِفَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَيَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى فَتْحٍ مُقَدَّرٍ عَلَى الْأَلِفِ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهِ التَّعَذُّرُ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهَا عَامِلَةً عَمَلَ لَيْسَ؟ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّخْرِيجِ.

(قَوْلُهُ: تَأْخِيرُهُ) أَيْ جَمِيعِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَنْ وَثِقَ بِيَقَظَتِهِ) وَلَوْ بِإِيقَاظِ غَيْرِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ) هَلَّا قَالَ: آخِرَهُ، وَمَا حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ؟ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْآخِرِ، فَلْيُتَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي) أَيْ: قَوْلُهُ: أَمْ لَا، الشَّامِلُ لَهَا الْمَتْنُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ، وَاسْتِحْبَابُ تَأْخِيرِهِ لِمَنْ لَا تَهَجُّدَ لَهُ، مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْوُثُوقِ فِيمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ مِنْ زِيَادَتِي، اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: وَجَمَاعَةٌ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ) وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ جَعْلُهُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةٌ، أَيْ أَصْلًا إلَّا أَنْ يُرَادَ الَّذِي لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ دَائِمًا وَأَبَدًا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ. اهـ. ح ل أَيْ بِأَنْ لَمْ تُسَنَّ لَهُ أَصْلًا، أَوْ تُسَنُّ لَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، قَالَ ز ي: فَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ وَالتَّأْخِيرُ قَدَّمَ التَّأْخِيرَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ، اهـ. قَالَ ح ل: وَلَا يُقَالُ: يُصَلِّي بَعْضَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ جَمَاعَةً، وَيُؤَخِّرُ بَعْضَهُ، بَلْ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُهُ كُلَّهُ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: وَسُنَّ جَمَاعَةٌ، أَيْ أَنَّ سَنَّ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ وَإِذَا بَنَيْنَا عَلَى عَدَمِ سَنِّ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فَلَا تُسَنُّ فِي الْوِتْرِ، فَالْوِتْرُ تَابِعٌ لَهَا وَيُفْهَمُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ سَنَّ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ مُخْتَلِفٌ فِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ وَعِبَارَتُهُ مَعَ الْأَصْلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ بِنَاءً عَلَى نَدْبِهَا فِي التَّرَاوِيحِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ الْآتِي وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الِانْفِرَادَ فِيهَا أَفْضَلُ كَغَيْرِهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ، اهـ. وَعَلَّلَ م ر بَدَلَ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>