فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، وَقُلْنَا: بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فَلَا إعَادَةَ إذْ لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ مُتَيَقَّنُ الطَّهَارَةِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمِنْهَاجِ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا وَهِيَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ هَذَا وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ لِيَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَا مَظْنُونُهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ أَعْضَائِهِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ قَالَهُ ع ش وَق ل وَقَرَّرَهُ ح ف (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَبَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَقُلْنَا بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ) أَيْ: فِي الْوَاحِدِ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا: بِعَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ كَانَ قَوْلُهُ فَلَا إعَادَةَ أَيْ: جَزْمًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقُلْنَا إلَخْ لِيَتَأَتَّى الْخِلَافُ فِي الْإِعَادَةِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يُعِيدُ فِي الْأَصَحِّ. إذْ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هُوَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ، وَيُعَلَّلُ بِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا بِالظَّنِّ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ اجْتِهَادُهُ حَتَّى يَظُنَّ طَهَارَةَ الثَّانِي بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ لَا يَتَأَتَّى هَذَا الْقَوْلُ إذْ لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ؛ لِعَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لَهُ فَلَا ظَنَّ تَأَمَّلْ. وَفَائِدَةُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) الِاجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُمْتَنِعٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الِاجْتِهَادِ قَالَهُ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا إعَادَةَ) أَيْ: لِمَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: وَاجْتَهَدَ فَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ بِاجْتِهَادِهِ ثَانِيًا أَنَّ الْآخَرَ هُوَ الطَّاهِرُ فَلَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي بَلْ يَتَيَمَّمُ، وَلَا يُعِيدُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ وَأَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلَا إعَادَةَ فَفِيهِ اخْتِصَارٌ، وَحُذِفَ لِعِلْمِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ هُنَا مُسَاوِيًا لِحُكْمِ قَوْلِهِ وَبَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ مَفْهُومًا لِقَوْلِهِ وَبَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كَوْنَهُ مَفْهُومَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ حُكْمَهُ مُخَالِفٌ لِحُكْمِهِ مَعَ أَنَّهُ وَاحِدٌ فِيهِمَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالثَّانِي بَلْ يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ. فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ هُنَا فَلَا إعَادَةَ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَلَا يُعِيدُ أَيْ: جَزْمًا. قُلْنَا: الْإِعَادَةُ فِي كُلٍّ فِيهَا خِلَافٌ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَلْيُحَرَّرْ، حُرِّرَ فَوُجِدَ أَنَّ الْأُولَى لَا يُعِيدُ فِيهَا جَزْمًا لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ بَعْدَ تَلَفِ الْمَاءَيْنِ خِلَافًا لسم وَهَذِهِ لَا يُعِيدُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ مُتَيَقِّنُ الطَّهَارَةِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَظْنُونُهَا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمِنْهَاجِ) أَيْ: قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَخْ وَأَبَى بِهَذَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَهِيَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَإِنْ تَرَكَهُ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي عَلَى النَّصِّ بَلْ يَتَيَمَّمُ بِلَا إعَادَةٍ فِي الْأَصَحِّ، اهـ فَحَمَلَهَا الشَّارِحُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي قَطْعًا وَلَا يُعِيدُ جَزْمًا، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمِنْهَاجُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا) وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالثَّانِي عَلَى النَّصِّ، وَإِذَا تَيَمَّمَ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ فَهَذَا هُوَ الْخِلَافُ، ح ل وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ بِقَوْلِهِ لِتَصْحِيحِهِ الْخِلَافَ لَكَانَ وَاضِحًا؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ع ش، وَعِبَارَةُ سم الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِتَصْحِيحِهِ عَدَمَ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيهَا يُقَالُ عَلَيْهِ إنْ أَرَادَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فَالْمِنْهَاجُ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْخِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِالثَّانِي فَهُوَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْخِلَافَ فِي الْإِعَادَةِ فَهُوَ أَيْضًا فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَتَيَمَّمَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَاءَيْنِ فَلَا يُعِيدُ جَزْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ لِذِكْرِهِ الْخِلَافَ تَعْلِيلًا صَحِيحًا مُنْتِجًا لِكَوْنِهَا مَسْأَلَتَهُ لِأَنَّ الْأُولَى لَا خِلَافَ فِيهَا. (قَوْلُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) وَهِيَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَعَدُّدِ الْمُشْتَبَهِ دَوَامًا، وَمُرَادُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْأَصْلِ حَيْثُ كَانَ كَلَامُهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِهِ، وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَوْلُ الضَّعِيفُ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذْ لَيْسَ لَهُ الِاجْتِهَادُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى حَمْلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافٌ ظَاهِرٌ قَوْلُهُ أَيْ: الْمِنْهَاجِ وَإِذَا اسْتَعْمَلَ مَا ظَنُّهُ أَرَاقَ الْآخَرَ إذْ ظَاهِرُهُ اسْتِعْمَالُ الْكُلِّ لَا الْبَعْضِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ اسْتَعْمَلَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْإِرَادَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ قَوْلُهُ بَلْ يَتَيَمَّمُ بِلَا إعَادَةٍ ح ل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute