ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ثُمَّ تَلِفَ الْبَاقِي دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَ؛ إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
(وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِهِ) أَيْ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ (عَدْلُ رِوَايَةٍ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ لَا فَاسِقٍ وَمْجَهُولٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُبَيِّنًا لِلسَّبَبِ) فِي تَنَجُّسِهِ كَوُلُوغِ كَلْبٍ (أَوْ فَقِيهًا) بِمَا يُنَجِّسُ (مُوَافِقًا) لِلْمُخْبِرِ فِي مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ (اعْتَمَدَهُ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْفَقِيهِ، أَوْ الْفَقِيهِ الْمُخَالِفِ أَوْ الْمَجْهُولِ مَذْهَبُهُ فَلَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ لِذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْبِرَ بِتَنْجِيسِ مَا لَمْ يُنَجِّسْ عِنْدَ الْمُخْبِرِ.
(وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ وَاِتِّخَاذُ) أَيْ اقْتِنَاءُ (كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ اسْتَعْمَلَ أَيْ: كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ. (قَوْلُهُ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ثُمَّ تَلِفَ الْبَاقِي) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِيَكُونَ وَقْتَ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ تَعَدَّدَ حَتَّى يَصِحَّ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَذْهَبِ النَّوَوِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِكَوْنِ التَّالِفِ هُوَ الْبَاقِي لِيَكُونَ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ حَتَّى يَتَأَتَّى الْقَوْلُ الضَّعِيفُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ لِآخَرَ، وَبَقِيَ بَعْضُ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَلَيْسَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ ظَنَّ نَجَاسَةَ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ) مُعْتَمَدٌ
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى تَعْمِيمِ النَّجَاسَةِ فِي الْمُشْتَبَهِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ ظَنُّ النَّجَاسَةِ فِي الْإِنَاءِ حَاصِلًا عَنْ مَعْرِفَتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ. ق ل (قَوْلُهُ عَدْلُ رِوَايَةٍ) وَهُوَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَمْ يَرْتَكِبْ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ قَوْلُهُ عَدْلُ رِوَايَةٍ أَيْ: وَلَوْ عَنْ عَدْلٍ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ أَعْمَى سَوَاءٌ أَخْبَرَهُ بِتَنَجُّسِ أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا ثُمَّ الْتَبَسَ. اهـ وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا الْإِنَاءِ دُونَ ذَاكَ، وَعَكَسَهُ الْآخَرُ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا صُدِّقَا وَحَكَمَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ فَلَوْ تَعَارَضَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا بِأَنْ عَيَّنَاهُ عَمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَكْثَرُ عَدَدًا فَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَ خَبَرُهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءَيْنِ م ر (قَوْلُهُ لَا فَاسِقٌ) إلَّا إنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ كَنَظَائِرِهِ قَالَ م ر: وَمَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِإِخْبَارِهِمْ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِمْ فَمَنْ أَخْبَرَ مِنْهُمْ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونِ كَقَوْلِهِ بُلْت فِي هَذَا الْإِنَاءِ قُبِلَ كَمَا يُقْبَلُ خَبَرُ الذِّمِّيِّ عَنْ شَاتِه بِأَنَّهُ ذَكَّاهَا اهـ بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ وَمَجْهُولٌ) أَيْ: لِلْعَدَالَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ. ع ش (قَوْلُهُ أَوْ فَقِيهًا مُوَافِقًا) أَيْ: يَقِينًا فِيهِمَا، وَالْمُوَافِقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ مِثْلُهُ الْعَارِفُ بِالْحُكْمِ عِنْدَ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُهُ بِاعْتِقَادِهِ لَا بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ. (قَوْلُهُ مُبَيِّنًا لِلسَّبَبِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: اعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَكُونُ الْإِخْبَارُ لَا أَثَرَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ فَائِدَةٌ، وَهِيَ التَّوَقُّفُ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْجَرْحِ إذَا لَمْ يُفَسِّرْ، وَشَرْطُنَا التَّفْسِيرُ إنَّهُ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَنْ الْعَمَلِ فِي رِوَايَةِ الْمَجْرُوحِ. اهـ سم.
(قَوْلُهُ فِي مَذْهَبِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوَافِقًا، وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَيْ: فِيمَا يُنَجِّسُ قَالَ ع ش نَقْلًا عَنْ سم: وَلَوْ شَكَّ فِي مُوَافَقَتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُخَالِفِ وَكَذَا الشَّكُّ فِي الْفِقْهِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَقُولُ: هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمَجْهُولُ مَذْهَبُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ (قَوْلُهُ اعْتَمَدَهُ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ اجْتِهَادٍ. (قَوْلُهُ أَوْ الْمَجْهُولِ مَذْهَبُهُ) أَيْ: أَوْ الْمُجْتَهِدُ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ يَتَغَيَّرُ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلسَّبَبِ، وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ اسْمُ مَفْعُولٍ.
(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ الِاجْتِهَادَ فِي نَحْوِ الْمَاءِ، وَهُوَ مَظْرُوفٌ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ظَرْفٍ اسْتَطْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى مَا يَحِلُّ مِنْ الظُّرُوفِ فَقَالَ: وَيَحِلُّ إلَخْ شَرْحُ م ر أَيْ: فَهُوَ شُرُوعٌ فِي وَسِيلَةِ الْوَسِيلَةِ الَّتِي هِيَ ظُرُوفُ الْمِيَاهِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ: اقْتِنَاءً) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ.
(قَوْلُهُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) مُقْتَضَى صَنِيعِهِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالطَّهَارَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعْمَالِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ بِقَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجِسُ إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُحْتَرَزًا بِالنِّسْبَةِ لِلِاتِّخَاذِ، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الصَّنِيعِ شَرْحُ م ر فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُ النَّجِسِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَاقْتِنَاءِ الِاخْتِصَاصَاتِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ) حَيْثِيَّةُ تَقْيِيدٍ، وَهِيَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ الْمَتْنِ لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالطَّهَارَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْمَصْدَرَيْنِ لَكِنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالثَّانِي بِمَعْنَى اللَّامِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ: حَتَّى فِي النَّفِيسِ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا إذْ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ نَفَاسَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute