مِنْ شَنٍّ مِنْ جِلْدٍ، وَمِنْ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ، وَمِنْ مِخْضَبٍ مِنْ حَجَرٍ فَلَا يَرِدُ الْمَغْصُوبُ وَجِلْدُ الْآدَمِيِّ وَنَحْوُهُمَا، وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ مَيْتَةٍ؛ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَمَائِعٍ لَا فِي جَافٍّ، وَالْإِنَاءُ جَافٌّ أَوْ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ وَدَخَلَ فِيهِ النَّفِيسُ كَيَاقُوتٍ فَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ وَكَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ (إلَّا إنَاءً كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ (ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَيَحْرُمُ) اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِجْمَاعَ لِأَنَّهُ عَامٌّ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْوَى لِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ. (قَوْلُهُ مِنْ شَنٍّ) الشَّنُّ: الْقِرْبَةُ الصَّغِيرَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَقِيلَ: الْجِلْدُ الْبَالِي فَقَوْلُهُ مِنْ جِلْدٍ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ. (قَوْلُهُ وَمِنْ مِخْضَبٍ) الْمِخْضَبُ كَمِنْبَرٍ الْحَجَرُ الْمَنْحُوتُ وَهُوَ الْحَوْضُ الصَّغِيرُ، وَقَوْلُهُ مِنْ حَجَرٍ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ كَقَوْلِهِ مِنْ جِلْدٍ. (قَوْلُهُ فَلَا يَرُدُّ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ كُلُّ إنَاءٍ طَاهِرٍ الْمَغْصُوبُ فَإِنَّ حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ، ح ل وَصُورَةُ الْإِيرَادِ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ فِي الْمَتْنِ تَتَنَاوَلُ مَا هُوَ حَرَامٌ فَفِي عِبَارَتِهِ حُكْمٌ عَلَى الْمُحَرَّمِ بِالْحِلِّ، وَحَاصِلُ دَفْعِهِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ كَالْمَغْصُوبِ حُرْمَتُهُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، وَشُمُولُ الْمَتْنِ لَهُ مِنْ حَيْثُ طَهَارَتُهُ، وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَجِلْدَ الْآدَمِيِّ) أَيْ: وَلَوْ حَرْبِيًّا وَمُرْتَدًّا لِأَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَيْسَتْ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا بَلْ مِنْ حَيْثُ احْتِرَامُهُ ح ل وَلَا يُنَافِيهِ جَوَازُ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَةِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلْحِرَابِةِ، وَالرِّدَّةِ وَاحْتِرَامُهُمَا لِكَوْنِهِمَا مِنْ بَنِي آدَمَ الْمُكَرَّمِ. (قَوْلُهُ وَنَحْوَهُمَا) نَحْوُ الْمَغْصُوبِ الْمَسْرُوقُ، وَنَحْوُ جِلْدِ الْآدَمِيِّ عَظْمُهُ كَرَأْسِهِ وَجِلْدِ الْجِنِّيِّ إذَا تَصَوَّرَ بِصُورَةِ مَا لَهُ جِلْدٌ. (قَوْلُهُ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ مَيِّتَةٍ) أَيْ: غَيْرِ مَيِّتَةٍ نَحْوِ كَلْبٍ، أَمَّا هِيَ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا ح ل (قَوْلُهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) أَيْ: إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّضَمُّخُ، وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ، وَبِهَذَا التَّقْيِيدِ فَارَقَ كَرَاهَةَ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ لِعَدَمِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ.
(قَوْلُهُ وَمَائِعٍ) وَإِنْ كَثُرَ أَيْ: إلَّا لِغَرَضٍ، وَحَاجَةٍ كَمَا لَوْ وَضَعَ الدُّهْنَ فِي إنَاءِ عَظْمِ الْفِيلِ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِصْبَاحِ بِهِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ فَقْدُ إنَاءٍ طَاهِرٍ. سم (قَوْلُهُ لَا فِي جَافٍ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ اللُّبْسِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَفْهُومُ الْمَتْنِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ طَاهِرٌ يُوهِمُ أَنَّ النَّجِسَ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ جَافًّا فِي جَافٍ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ. (قَوْلُهُ وَالْإِنَاءُ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ. (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِيهِ) أَيْ: الْإِنَاءِ النَّفِيسِ أَيْ: فِي ذَاتِهِ لَا بِحَسَبِ الصَّنْعَةِ ح ل وَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ قَطْعًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَالْيَاقُوتِ) أَيْ: وَالْمَرْجَانِ وَالْعَقِيقِ، وَمِنْ خَوَاصِّ الْيَاقُوتِ أَنَّ التَّخَتُّمَ بِهِ يَنْفِي الْفَقْرَ، وَمِثْلُهُ الْمَرْجَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِرْمَاوِيٌّ وَكَوْنُ التَّخَتُّمِ بِالْيَاقُوتِ يَنْفِي الْفَقْرَ رَوَاهُ أَنَسٌ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ يَكُونُ الْخَاصِّيَّةُ فِيهِ كَمَا أَنَّ النَّارَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا تُغَيِّرُهُ، وَأَنَّ مَنْ تَخَتَّمَ بِهِ أَمِنَ مِنْ الطَّاعُونِ، وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أُمُورُ الْمَعَاشِ وَيَقْوَى قَلْبُهُ وَتَهَابُهُ النَّاسُ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ. اهـ عَنَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا فِيهِ إلَخْ) قَصْدُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ النَّفِيسِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ.
(قَوْلُهُ إلَّا الْإِنَاءَ إلَخْ) هَذَا لَا يَشْمَلُهُ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِهِ لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ حَيْثُ نَظَرَ لِلْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ. ح ل فَيَكُونُ الْمَعْنَى إلَّا إنَاءً كُلُّهُ إلَخْ فَيَحْرُمُ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ عَيْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَعَ الْخُيَلَاءِ. شَرْحُ م ر وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لِلْحَيْثِيَّةِ كَانَ مُتَّصِلًا نَعَمْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مِرْوَدٍ مِنْ ذَهَبٍ لِجَلَاءِ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ الضَّرُورَةُ دَاعِيَةً لَهُ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ) أَتَى بِهِ مِنْ عِلْمِهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ كَمُضَبَّبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ) وَمِنْ الْإِنَاءِ الْمُكْحُلَةُ وَالْمِبْخَرَةُ وَالْمِلْعَقَةُ وَالصُّنْدُوقُ وَغِطَاءُ الْكُوزِ الْمُجَوَّفِ وَمِثْلُ الْإِنَاءِ الْمِرْوَدُ ح ل وَالْخِلَالُ وَالْإِبْرَةُ وَالْمُشْطُ وَالْكَرَاسِيّ الَّتِي تُعْمَلُ لِلنِّسَاءِ، وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ مِنْهُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ، وَالِاحْتِوَاءُ عَلَى مِبْخَرَةٍ مِنْهُ أَوْ جُلُوسِهِ بِقُرْبِهَا بِحَيْثُ يُعَدُّ مُتَطَيِّبًا بِهَا عُرْفًا حَتَّى لَوْ بَخَّرَ الْبَيْتَ بِهَا أَوْ وَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَيْهَا كَانَ مُسْتَعْمِلًا وَيَحْرُمُ تَبْخِيرُ نَحْوِ الْمَيِّتِ بِهَا أَيْضًا، وَالْحِيلَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاسْتِعْمَالِ إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ مِمَّا ذَكَرَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ وَلَوْ فِي أَحَدِ كَفَّيْهِ الَّتِي لَا يَسْتَعْمِلُهُ بِهَا، فَيَصُبُّهُ أَوَّلًا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ فِي الْيُمْنَى ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ، وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute