للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبُخَارِيِّ وَقِيسَ بِمَيِّتِنَا مَيِّتُ غَيْرِنَا

(وَ) غُسْلٌ (لِمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) إذَا (أَفَاقَا) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِهِ الْمَجْنُونُ (وَكَافِرٍ) إذَا (أَسْلَمَ) «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ بِالْغُسْلِ لَمَّا أَسْلَمَ، وَكَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ» رَوَاهُمَا ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ جَمَاعَةً أَسْلَمُوا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْغُسْلِ.

وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ فِي الْكُفْرِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ وَإِنْ اغْتَسَلَ فِيهِ، وَأَفَادَ التَّعْبِيرُ بِمَنْ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ أَغْسَالٌ أُخَرُ مَسْنُونَةٌ كَالْغُسْلِ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلِلِاعْتِكَافِ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ (وَآكَدُهَا غُسْلُ جُمُعَةٍ ثُمَّ) غُسْلُ (غَاسِلِ مَيِّتٍ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ فِي الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلثَّانِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ بَلْ اعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى التِّرْمِذِيِّ فِي تَحْسِينِهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ أَحَادِيثِهِ فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَصْحِيحِهِ لَهُ أَوْلَى وَقُدِّمَ غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ عَلَى الْبَقِيَّةِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ

(وَسُنَّ بُكُورٌ) إلَيْهَا (لِغَيْرِ إمَامٍ) لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْوُجُوبِ شَيْخُنَا (قَوْله وَقِيسَ بِمَيِّتِنَا) أَيْ فِي النَّدْبِ وَعَدَمِ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ وَلِمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا بَالِغَيْنِ أَمْ لَا شَرْحُ م ر فَإِنْ قِيلَ هَلَّا كَانَ وَاجِبًا عَمَلًا بِالْمَظِنَّةِ لِأَنَّ الْجُنُونَ مَظِنَّةٌ لِلْإِنْزَالِ كَالْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الرِّيحِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خُرُوجَ الْمَنِيِّ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا عَلَامَةَ عَلَى خُرُوجِ الرِّيحِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ لِمُشَاهَدَتِهِ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْجُنُونَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ عَلَامَةٌ مَعَ إمْكَانِهَا لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ ح ل

(قَوْلُهُ وَمُغْمًى عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ لَحْظَةً وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمُغْمَى عَلَيْهِ السَّكْرَانُ فَيُنْدَبُ لَهُ الْغُسْلُ إذَا أَفَاقَ بَلْ قَدْ يُدَّعَى دُخُولُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَجَازًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ) فَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ» . اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ وَكَافِرٌ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَوْ مُرْتَدًّا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِمَا ذُكِرَ عَلَى النَّدْبِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُمْ بِالْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْبَالِغِينَ سَبْقُ الْجَنَابَةِ لَهُمْ فَيُشْكِلُ عَدَمُ أَمْرِهِمْ بِالْغُسْلِ ع ش وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِغُسْلِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِإِتْيَانِهِمْ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ لِكَوْنِهِ مَعْلُومٌ لَهُمْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوَّلًا لِأَمْرِهِ أَيْ بِغُسْلِ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ وَكَذَا ثُمَامَةُ) أَشَارَ بِكَذَا إلَى أَنَّهُمَا حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَأَنَّ أَمْرَ كُلٍّ مِنْهُمْ كَانَ فِي وَقْتٍ غَيْرِ الَّذِي أُمِرَ فِيهِ الْآخَرُ ع ش وَلِذَا لَمْ يَقُلْ ثُمَامَةَ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) يُحْتَمَلُ نَصْبه عَطْفًا عَلَى قَيْسٍ وَثُمَامَةَ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى قَوْلِهِ رَوَاهُمَا ابْنَا إلَخْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِنْ مَرْوِيِّهِمَا وَيُحْتَمَلُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى ابْنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ تَأَمَّلْ كَذَا بِهَامِشِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ بِالْغُسْلِ) أَيْ مَعَ أَمْرِهِ بِالْوَاجِبِ أَوْ مَعَ عِلْمِ قَيْسٍ بِهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُ كَانَ ذَا أَوْلَادٍ فِي الْكُفْرِ وَمِنْ لَازِمِهَا الْجَنَابَةُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ) ظَاهِرُهُ فَوَاتُ الِاسْتِحْبَابِ فَلَا يَغْتَسِلُ ثَانِيًا لِلْإِسْلَامِ وَنَقَلَ عَنْ خَطِّ وَالِدِ شَيْخِنَا عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ نَوَاهُمَا كَفَاهُ غُسْلٌ وَاحِدٌ ح ل، (قَوْلُهُ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ وَلَعَلَّهُ لِاحْتِمَالِ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ قَبْلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ) أَيْ يُسَنُّ الْغُسْلُ بِمَاءٍ بَارِدٍ لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ يُقَوِّي الْبَدَنَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلثَّانِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَيْ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ حَدِيثًا صَحِيحًا (قَوْلُهُ فَعَلَى ابْنِ حِبَّانَ) أَيْ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى ابْنِ حِبَّانَ أَوْلَى لِأَنَّ التَّصْحِيحَ أَرْقَى مِنْ التَّحْسِينِ (قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ) وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ أَيْ وَلَمْ يَكْثُرْ ثُمَّ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا أَكْثَرَ وَمِنْ فَوَائِدِ مَعْرِفَةِ الْآكَدِ تَقْدِيمُهُ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِمَاءٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ. اهـ. ح ل

وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ أَيْ اخْتِلَافًا وَاهِيًا فَلَا يَرِدُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَغُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي وُجُوبِهِمَا قَوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَسُنَّ بُكُورٌ إلَيْهَا إلَخْ) لَوْ حَضَرَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى وَخَرَجَ لِعُذْرٍ ثُمَّ عَادَ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الشَّيْخُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِ الْبَدَنَةِ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَسُئِلَ شَيْخُنَا م ر فَوَافَقَ عَلَى حُصُولِ الْبَدَنَةِ إذَا كَانَ عَزْمُهُ الِاسْتِمْرَارَ لَوْلَا الْعُذْرُ اهـ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ لِغَيْرِ إمَامٍ) اُنْظُرْ لَوْ بَكَّرَ الْإِمَامُ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ مَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرِّقُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا ح ف: لَا يَحْصُلُ لَهُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ قَالَ ع ش قَدْ يُقَالُ تَأْخِيرُهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمُبَكِّرِينَ أَوْ يَزِيدَ اهـ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ ثَوَابُ السَّاعَةِ الَّتِي لَوْ طُلِبَ التَّأْخِيرُ لَجَاءَ فِيهَا فَإِنْ بَكَّرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْبَدَنَةِ وَغَيْرِهَا ق ل بِحُرُوفِهِ، (قَوْلُهُ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مَعَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ يَأْخُذُونَ مَجَالِسَهُمْ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) هَذَا عَجُزُ حَدِيثٍ قَدْ رَوَاهُ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>