أَيْ كَغُسْلِهَا ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقَرْنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» . وَرَوَى النَّسَائِيّ «فِي الْخَامِسَةِ كَاَلَّذِي يَهْدِي عُصْفُورًا وَفِي السَّادِسَةِ بَيْضَةً»
فَمَنْ جَاءَ فِي أَوَّلَ سَاعَةٍ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ فِي آخِرِهَا مُشْتَرَكَانِ فِي تَحْصِيلِ الْبَدَنَةِ مَثَلًا لَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْآخَرِ وَبَدَنَةَ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِتَمَامِهِ فَقَالَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» إلَخْ " اهـ وَالْغُسْلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ إذَا رَاحَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ وَإِنَّمَا ذُكِرَ الْغُسْلُ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ وَأَمَّا الْمُقِيمُ بِمَحِلِّ الْجُمُعَةِ فَيَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يَتَهَيَّأُ لَهَا وَيَقْصِدُهَا فِيهَا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ رَاحَ لِأَنَّ قَصْدَهُ ذَلِكَ رَوَاحٌ فِي حَقِّهِ ع ش
(قَوْلُهُ أَيْ كَغُسْلِهَا) فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عُدُولُهُ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الْجِمَاعُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهَا وَكَذَا قَالُوهُ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَوْمَهَا أَفْضَلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ أَصَالَةً كَفُّ بَصَرِهِ عَمَّا يَرَاهُ فَيَشْتَغِلُ قَلْبُهُ كَمَا فِي حَجّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وع ش وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الثَّوَابِ بِمَنْ جَامَعَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالرَّوَاحِ هَلْ هُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ طَالَ الْمَشْيُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ بِزَمَانٍ كَثِيرٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الرَّوَاحَ اسْمٌ لِلذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ» فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَكْتُبُونَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِمْ وَنُقِلَ عَنْ ز ي مَا يُوَافِقُهُ نَعَمْ الْمَشْيُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِهِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ غَيْرِهِ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةِ الْبِرْمَاوِيِّ وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِرَوَاحِهِ دُخُولُهُ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ بَعُدَتْ دَارُهُ جِدًّا بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ سَارَ مِنْ الْفَجْرِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ إلَّا فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ مَثَلًا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ التَّبْكِيرُ إلَّا مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا أَوْ يُكْتَبُ لَهُ مِنْ حِينِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّائِرَ الْمَذْكُورَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ مَنْ بَكَّرَ أَوَّلَ سَاعَةٍ لَكِنْ لَهُ ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ مِنْ حَيْثُ بُعْدُ الدَّارِ وَالْمَشَقَّةُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُوَازِي أَيْ يُسَاوِي ثَوَابَ مَنْ بَكَّرَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ
(قَوْلُهُ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً) فِي الْمُخْتَارِ الْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ وَكَذَا الْبَدَنَةُ وَسُمِّيَتْ لِعِظَمِ بَدَنِهَا وَسُمِّيَتْ الْبَقَرَةُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا بِالْحِرَاثَةِ (قَوْلُهُ كَبْشًا أَقَرْنَ) أَيْ عَظِيمَ الْقُرُونِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي أَسْنَانِ تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ الْكَمَالُ عُرْفًا كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ فِي الرَّابِعَةِ بَطَّةً وَفِي الْخَامِسَةِ دَجَاجَةً وَفِيهِ أَنَّ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّتَاءِ لَا يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ. وَأَجَابَ عَنْهُ أَصْلُ الرَّوْضِ بِأَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ السَّاعَاتِ الْفَلَكِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْبَعُ وَالْعِشْرُونَ مِقْدَارَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الَّتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً بَلْ تَرْتِيبُ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ فِي الْفَضِيلَةِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي يَوْمِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ حَتَّى لَوْ حَضَرُوا كُلُّهُمْ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى كَانَ الْأَوَّلُ أَفْضَلَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّانِي أَفْضَلَ مِنْ الثَّالِثِ وَهَكَذَا قَالَهُ ح ل
وَقَوْلُهُ لَا يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ مِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ سم وَلِيَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ أَقَلُّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دَرَجَةً وَهِيَ عَشْرُ سَاعَاتٍ فَلَكِيَّةٍ وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَلَكِ مِنْ الشَّمْسِ فَمِنْ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ يَخُصُّهُ خَمْسُ سَاعَاتٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الشَّمْسِ لَا يَنْقُصُ عَنْ سَاعَةٍ وَابْتِدَاءُ الْيَوْمِ عَلَى الرَّاجِحِ هُنَا مِنْ الْفَجْرِ فَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ فِي أَقَلِّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش عَلَى م ر وَآخِرُهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَى صُعُودِ الْإِمَامِ الْمِنْبَرَ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ لِلْمِنْبَرِ سِتُّ سَاعَاتٍ قَلَّتْ السَّاعَةُ أَوْ كَثُرَتْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ زَمَنُ الشِّتَاءِ أَوْ الصَّيْفِ فَالْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ ح ف
(قَوْلُهُ دَجَاجَةً) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ (قَوْلُهُ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِصُعُودِ الْمِنْبَرِ مِنْ نَحْوِ خَلْوَةٍ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ طَوَوْا الصُّحُفَ فَلَا يَكْتُبُونَ أَحَدًا قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهَؤُلَاءِ غَيْرُ الْحَفَظَةِ بَلْ وَظِيفَتُهُمْ كِتَابَةُ حَاضِرِي الْجُمُعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute