للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ حَاجَةٍ كَجَرَبٍ) إنْ آذَاهُمَا لُبْسُ غَيْرِهِ (وَقَمْلٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَأَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمَا لَمَّا شَكَيَا إلَيْهِ الْقَمْلَ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ» وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ (وَكَقِتَالٍ وَلَمْ يَجِدَا مَا يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَرِيرِ فِي دَفْعِ السِّلَاحِ قِيَاسًا عَلَى دَفْعِ الْقَمْلِ

. (وَلِوَلِيٍّ إلْبَاسُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَرِيرِ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ (صَبِيًّا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَانَ فَقْدُ الْغَيْرِ شَرْطًا لِحِلِّ لُبْسِهِ لَا دَخْلَ حِينَئِذٍ لِفُجَأَةِ الْحَرْبِ وَلَا لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِي حِلِّ لُبْسِهِ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ فَاقِدًا لِلْغَيْرِ جَازَ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَالٌ وَلَا حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِالْمَذْكُورَاتِ أَعْنِي الْفُجَأَةَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا لِتَكُونَ أَمْثِلَةً لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ضَرُورَةً إلَّا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ فَقْدِ الْغَيْرِ فَقَطْ مَعَ عَدَمِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَإِنَّهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْحَاجَةِ لَا الضَّرُورَةِ تَأَمَّلْ، وَقَوْلُ اط ف قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ أَيْ يَقُومُ مَقَامَهُ يَلْزَمَ عَلَيْهِ اتِّحَادُهُ مَعَ قَوْلِهِ وَكَقِتَالٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ حَاجَةٍ) قَالَ حَجّ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ قَالَ الشَّيْخُ بِأَنْ فَقَدَ سَاتِرًا غَيْرَهُ يَلِيقُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْحَاجَةِ وَفِيمَا قَبْلَهُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا فَقْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ لُبْسِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْحُكْمِ بِتَحْرِيمِهِ شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ آذَاهُمَا لُبْسُ غَيْرِهِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ فَقْدِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَفْقُودٌ شَرْعًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُفْقَد مَا يُغْنِي عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر وَهَلَّا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْحَاجَةِ وَيُعْلَمُ مِنْهَا جَوَازُ لُبْسِهِ لِلضَّرُورَةِ بِالْأَوْلَى؟ شَيْخُنَا قَالَ ز ي: وَيَجِبُ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ لِعَوْرَتِهِ سَاتِرًا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: كَجَرَبٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَمِمَّا جُرِّبَ لَهُ أَنْ يُطْلَى بِالْحِنَّاءِ وَالسَّمْنِ الْبَقَرِيِّ الْقَدِيمِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ آذَاهُمَا) أَيْ الرَّجُلَ وَالْخُنْثَى أَيْ أَذًى لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل (قَوْلُهُ: وَقَمْلٍ) وَمِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِهِ أَنْ يُطْلَى خَيْطٌ مِنْ الصُّوفِ بِالزِّئْبَقِ وَيُجْعَلَ فِي عُنُقِهِ كَالسُّبْحَةِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِحِكَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْجَرَبُ الْيَابِسُ وَمِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِهَا أَنْ يُؤْخَذَ خُرْءُ الْكَلْبِ الْأَبْيَضِ وَيُذَابَ مَعَ الْكِبْرِيتِ وَيُطْلَى بِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ) لِأَنَّ الْحَرِيرَ خَاصِّيَّتُهُ أَنْ لَا يُقْمِلَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِلرَّدِّ عَلَى السُّبْكِيّ الَّذِي خَصَّ التَّرَخُّصَ بِذَلِكَ فِي السَّفَرِ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَا مُسَافِرَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَكَقِتَالٍ) أَعَادَ الْكَافَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْجَرَبَ وَالْقَمْلَ يَجُوزُ فِيهِمَا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ وَإِنْ ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا. اهـ. ح ل أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجِدَا مَا يُغْنِي عَنْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِهِ وَكَقِتَالٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ وَتَكُونُ طَرِيقَةً لَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَكَقِتَالٍ إلَخْ) إنْ قِيلَ هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ فُجْأَةِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَجِدَا غَيْرَهُ. قُلْنَا نَعَمْ لَكِنَّ تِلْكَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَصْلًا، وَهَذِهِ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا وَجَدَا الْغَيْرَ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُغْنٍ عَنْهُ ح ل وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تِلْكَ مِنْ أَمْثِلَةِ الضَّرُورَةِ وَهَذِهِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْحَاجَةِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ تَصْدُقُ بِتِلْكَ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلِوَلِيٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ فَيَجُوزُ لَهُمَا إلْبَاسُ الصَّبِيِّ الْحَرِيرَ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا وَلَاقَ بِهِ وَإِلْبَاسٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ الثَّانِي وَصَبِيًّا مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ فِي الْمَعْنَى، وَقُدِّمَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى تَأْخِيرِهِ انْفِصَالُهُ مَعَ تَأَتِّي اتِّصَالِهِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَتَرْكُ ذَا الْأَصْلِ حَتْمًا قَدْ يُرَى

وَلَمَّا كَانَتْ الْهَاءُ فِي إلْبَاسِهِ عَائِدَةً عَلَى شَيْئَيْنِ مَعَ إفْرَادِهَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَرِيرِ وَمَا أَكْثَرُهُ مِنْهُ وَالتَّعْبِيرُ بِإِلْبَاسِهِ لِلْغَالِبِ بَلْ مِثْلُهُ سَائِرُ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَهُ أَيْضًا تَزْيِينُهُ بِالْحُلِيِّ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ عِيدٍ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا وَالْمُرَادُ بِالْحُلِيِّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ وَلَيْسَ مِنْهُ الْخِنْجَرُ الْمَعْرُوفُ وَالسِّكِّينُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ وَأَمَّا الْحِيَاصَةُ الْمَعْرُوفَةُ فَيَنْبَغِي حِلُّ إلْبَاسِهَا لَهُ لِأَنَّهَا مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ لُبْسُهُ لِلنِّسَاءٍ جَازَ لِلْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ لِلصَّبِيِّ كَنَعْلٍ مِنْ ذَهَبٍ حَيْثُ لَا سَرَفَ عَادَةً وَتَرْكُ إلْبَاسِهِمَا أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَا ذُكِرَ أَيْ الْحَرِيرَ وَحُلِّيَ النَّقْدَيْنِ وَلَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي الصَّبِيِّ

وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَعَلَّلَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ قَالَ: وَلِئَلَّا يَعْتَادَهُ وَيَأْلَفَ اسْتِعْمَالَهُ فَيَشُقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ نَقْلًا عَنْ ع ب وَفِي ح ل إنَّ إلْبَاسَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>